كيف تكون دعوتك مستجابة

كيف تكون دعوتك مستجابة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الدّعاء

قد يُصيب المسلم في الحياة الدنيا بعض الابتلاءات والمِحن، بالإضافة إلى العديد من أشكال الفتن التي تتربّص مسلك الإنسان من كلّ فجّ، ورحمة الله -تعالى- تتجلّى في عباده بمنحهم سلاحاً يكون مثبّتاً لهم على الطريق القويم، ورادعاً لكلّ ما يعترضهم من ابتلاءات الدنيا وفتنها التي تسعى للإطاحة بهم في رذائلها ومُلهياتها، فكان الدّعاء هو طريق الصّبر والحُصن الحصين من الفتن، ورافع للكُربات والابتلاءات، كما أنّ الدّعاء عبادة يتقرّب بها العبد إلى الله -تعالى- ويتذوّق بها حلاوة المناجاة والتضرّع لله تعالى، طمعاً في الإجابة والمغفرة والأجر العظيم.

استجابة الدّعاء

إنّ الله -تعالى- يحبّ العبد اللحوح في الدّعاء ويحبّ أن يسمع صوت مناجاة العبد وتضرّعه، فالله -تعالى- لا يردّ يدا عبده فارغتان، فعلى العبد أن يُوقن بالله -تعالى- ويُحسن ظنّه به، وحتى تكون دعوة العبد مستجابة لا بدّ له أن يتبع ما يأتي:[1]

  • إخلاص الدّعاء لله -تعالى- وعدم اللجوء في الدّعاء لأحد غيره، فقد قال الله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا).[2]
  • الصّبر في الدّعاء والصّبر في انتظار الإجابة، وعدم القنوط من رحمة الله تعالى، فقد قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (يُستَجاب لأحدِكُم ما لَم يَعجَلْ، يقولُ: دَعوتُ فلَم يُستَجَبْ لي).[3]
  • ترك المعاصي وتعلّق القلب بالله تعالى، والاستغفار من كلّ ذنب.
  • الأمر بالمعروف والنّهي عن المنّكر؛ حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقاباً منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ).[4]
  • استقبال القبلة عند الدّعاء، والبدء بحمد الله -تعالى- والثّناء عليه، ثمّ الصّلاة على الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
  • الدّعاء وذِكْر الله -تعالى- بأسمائه الحسنى، فقد قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها).[5]
  • الإلحاح في الدّعاء؛ فإنّ الله -تعالى- يحبّ العبد المُلحّ في دعائه.
  • التقرّب إلى الله -تعالى- والتوسّل إليه بالأعمال الصالحة؛ حيث يكون العمل الصالح شفيعاً لصاحبه في الدنيا والآخرة.
  • تحرّي فضائل الأوقات ومواطن الإجابة عند الدّعاء.

أوقات استجابة الدّعاء

ينبغي على المؤمن أن يُكثر من الابتهال ومن دعاء الله -تعالى- في كلّ وقت، وبحسن الظنّ بالله -تعالى- والإيمان به؛ سينال المؤمنون سؤالهم، إلّا أنّ هناك أوقاتاً يستحبّ فيها الدّعاء، منها:[6][7]

  • جوف الليل الآخر ووقت السَّحَر؛ حيث يتنزّل الله -تعالى- إلى السّماء في الثلث الأخير من كلّ ليلة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ينزلُ ربُّنا -تباركَ وتعالى- كلَّ ليلةٍ، حينَ يبقى ثلثُ الليلِ الآخِرُ، إلى السَّماءِ الدنيا فيقولُ: من يدعُوني فأستجيبَ لهُ؟ من يَسْتَغْفِرُنِي فأغفر لهُ؟ مَنْ يسألُني فأُعطيَهُ؟).[8]
  • الدّعاء بين الأذان والإقامة؛ حيث لا يردُّ الله -تعالى- دعوة السّائلين من عباده بين الأذان والإقامة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا يُردُّ الدعاءُ بين الأذانِ والإقامةِ).[9]
  • الدّعاء في سجود الصّلاة؛ فيجب على العبد أن يُكثر من الدّعاء في سجوده لله تعالى، فأقرب ما يكون العبد إلى ربّه في السّجود، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ؛ فأكثِروا الدُّعاءَ).[10]
  • الدّعاء بعد الصّلوات المكتوبة؛ فقد جاء في فضل الدّعاء بعد الصّلاة عن أبي أمامة الباهليّ رضي الله عنه: (قِيلَ يا رسولَ اللهِا: أيُّ الدعاءِ أسمَعُ؟ قال: جَوفَ الليلِ الآخِرِ ودُبُرَ الصلواتِ المكتوباتِ).[11]
  • الدّعاء في ساعة يوم الجمعة؛ فقد رُوس أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ذكر يوم الجمعة؛ فقال: (فيه ساعةٌ لا يُوافِقُها عبدٌ مسلمٌ وهو قائمٌ يُصلِّي يَسأَلُ اللهَ -تعالى- شيئاً إلّا أعطاه إيّاه، وأشار بيدِه يُقَلِّلُها).[12]
  • الدّعاء في ليلة القدر؛ وهي ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك، التي تتنزّل الملائكة فيها، ويغشاها السّكون، ولا يُردّ فيها دعاء المتسابقون إلى رضوان الله تعالى، وقد وُصفت العبادة والتقرّب إالى الله -تعالى- بالدّعاء والطاعات في ليلة القدر بأنّها خير من عبادة ألف شهر، فقد قال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ*تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ*سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).[13]
  • الدّعاء يوم عرفة؛ فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ).[14]
  • دعاء المضطر؛ حيث قال الله -تعالى- في إجابة دعوة المضطر: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ).[15]
  • الدّعاء عند نزول الغيث.
  • الدّعاء عند شرب ماء زمزم.
  • الدّعاء عند سماع الأذان للصلوات المفروضة.
  • دعاء الصائم حتى يفطر، ودعائه عندما يفطر.

شروط استجابة الدّعاء

يجب على كلّ عبدٍ اتجه بالدّعاء إلى الله -تعالى- أن يستوفي شروط الدّعاء؛ ومنها:[16]

  • إخلاص الدّعاء لله وحده، وعدم الاستعانة بأي مخلوق لقضاء الحاجات، فجميع المخلوقات مردّهم إلى الله تعالى.
  • استحضار القلب في الدّعاء، واليقين التام بإجابة الله -تعالى- للدعاء.
  • دعاء العبد بالخير وعدم الدّعاء بالإثم أو بقطيعة الرّحم.
  • تأدّب العبد في دعائه؛ بحمد الله -تعالى- والثّناء عليه، والصّلاة على محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
  • تحرّي مواطن الإجابة.
  • ابتعاد السائل عن الحرام في المأكل والمشرب والملبس، فقد قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (ثمّ ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ؛ أشعثَ أغبَرَ، يمدُّ يدَيه إلى السماءِ؛ يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشربُه حرامٌ، وملبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام؛ فأَنَّى يُستجابُ لذلك).[17]

موانع استجابة الدّعاء

إنّ الله -تعالى- يجيب دعاء عباده المتذلّلين له، إلّا من اقترف أعمالاً تباعد بينه وبين إجابة دعائه، بسبب عدّة أمور؛ منها:[18]

  • الرزق الحرام.
  • قسوة القلوب، واكتساؤها بالغفلة عن الله تعالى، واللّهو بمتاع الدنيا وشهواتها؛: فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ادعوا اللَّهَ وأنتُم موقِنونَ بالإجابَةِ، واعلَموا أنَّ اللَّهَ لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ).[19]
  • ظلم العباد والاستبداد بهم.

المراجع

  1. ↑ أمير بن محمد المدري، "24 وسيلة لتكون مستجاب الدعوة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-16. بتصرّف.
  2. ↑ سورة الجن، آية: 18.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6340، صحيح.
  4. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2169، حسن.
  5. ↑ سورة الأعراف، آية: 180.
  6. ↑ هالة فاروق عمر (2013-7-4)، "آداب وأوقات الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-16. بتصرّف.
  7. ↑ أ. الهنداوي (2008-3-13)، "شروط إجابة الدعاء وأفضل أوقاته"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-16. بتصرّف.
  8. ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 14/46، إسناده صحيح.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 521، صحيح.
  10. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  11. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 3499، حسن.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 935، صحيح.
  13. ↑ سورة القدر، آية: 1-5.
  14. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 3585، حسن.
  15. ↑ سورة النمل، آية: 62.
  16. ↑ الشيخ خالد بن عبد المنعم الرفاعي (2016-11-13)، "تحري أوقات استجابة الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-16. بتصرّف.
  17. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  18. ↑ "موانع إجابة الدعاء"، www.islamweb.net، 2013-12-19، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-16.
  19. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3479، حسن.