ملخص عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم
شخصيّة الرسول صلى الله عليه وسلم
ظهرت عظمة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من خلال نبل نفسه وطهرها، وسمو أخلاقه، أما آثار ذلك فكانت في تقويم هذه النفس وإصلاحها، فقد فاقت شخصيته وإصلاحه كل شخصية وإصلاح، وفاق عمله كل عمل، فهو الرحمة للبشرية، والمصلح الأعظم لها، ولم يأتِ عليه الصلاة والسلام كالملوك بحروب طاحنة ولا باستعباد البشر، بل أتى برسالة من ربه، بينت على الرحمة، وتحقيق المساواة بين البشر، وإنقاذ المجتمع، وتطهيره، والتدرج في ذلك ما بين الحزم واللين، والحكمة والرحمة، والعمل بما اقتضاه كتاب الله تعالى.[1]
صفات شخصيّة الرسول صلى الله عليه وسلم
العدل
العدل صفة عظيمة وخلق كريم، تبعث الأمل والمحبة في قلوب المظلومين، كما أنّه يخيف الظالمين، فيعيد العدل الأمور إلى مواضعها، وتعود الحقوق إلى أصحابها، وهو خلق العظماء من الأنبياء والصالحين، وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فكان العدل صفة جليلة ملازمة له، فكان عدلًا مع ربه ونفسه والناس، فلا يفرق بين قريب أو بعيد، أو صديق، أو عدو، أو مخالف، أو موافق، وكان لا يترك العدل وإن أخطأ الناس في حقه، فيخطئ الناس في حقه فيستمر بعدله، ويعفو ويصفح ويأمر بالعدل، كما أنّ عدله كان ملازماً له في حله وترحاله، فيتحمل المتاعب والمشاق كأصحابه، وفي أسرته بين زوجاته، كما كان يأمر أصحابه بالعدل والموازنة،[2] وقد قال صلى الله عليه وسلم: (يا عبدَاللهِ بنَ عمروٍ! بلَغَني أنَّكَ تصومُ النهارِ وتقومُ الليلَ. فلا تفعلْ. فإِنَّ لِجَسَدِكَ علَيْكَ حظًا. ولِعَينِكَ عليكَ حظَّا. وإِنَّ لِزَوْجِكَ عليكَ حظًّا).[3]
الصدق
كان الرسول عليه الصلاة والسلام صادقاً لا يتكلم كذباً جاداً أو مازحاً، وكل كلامه حقٌ وصدق، وقد حرّم الكذب ونهى عنه، وهو معصوم عن الكذب، إذ حماه الله من هذا الخلق الذميم، فأصلح الله نطقه وسدد لفظه، وهو الذي جاء بالصدق من الله وصدّق به، فكل كلامه صدق وحق، وسنته صدق، وغضبه ورضاه صدق، وقد كان صادقًا مع ربه ونفسه والناس، فهو صادق في في حضره وسفره، وعهوده ومواثيقه، وصلحه وحربه، وقصهه زرسائله، وحلّه وإقامته، وروايته ودرايته، فلم ينقص عليه الصلاة والسلام على رسالته التي أمر بتبليغها حرفاً فأداها كاملة،[4] وذلك مصداقاً لقوله تعالى: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ).[5]
الرفق
كان الرسول عليه الصلاة والسلام ليّن الجانب، لطيفاً في قوله وفعله، آخذًا بالسهل واللطف، وتاركاً للشدة والتعنيف، فيُدخل الرفق في التعامل مع النفس وأهل البيت، والأقارب، والجيران، والسائلين، وكان رفيقًا أيضاً في تعليم الجاهلين، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومع العاصي التائب، ورفيقاً مع الكفار في تعامله معهم، فيصبر على الأذى، ورفيقًا بالناس في العبادات، ويرفق مع نفسه في التطوع فيشمل كافة الأحوال والشؤون، وقد كان عليه السلام كثير الرفق يضع الأمور في مواضعها ويقوم السلوك، ويهدي إلى الحق، وقد أكثر عليه الصلاة والسلام من ذكر الرفق ومدحه،[6] وقد قال عليه الصلاة والسلام: (يا عائشةُ! إنَّ اللهَ رفيقٌ يحبُّ الرِّفقَ. ويُعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العنفِ. وما لا يُعطِي على ما سواه).[7]
الرحمة
بُعث عليه الصلاة والسلام رحمة للعالمين، وقد ظهرت هذه الرحمة في أصعب الظروف وأشدها، وقد كان يرفق بالناس، ويهتم به، ويرعاهم، ويعطف عليهم، ويرحم ضعفهم ونقصهم، ويوصي باللين في الدعوة، كما يوصي بالتيسير لا بالتعسير، وذلك لحاجة الناس لمن يرفق بهم ويرعاهم، ويعينهم على حمل همومهم،[8] وقد الله تعالى فيه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).[9]
الصبر
صبر عليه الصلاة والسلام فكان مضرباً مثل في ذلك، فصبّر على اليتم، والفقر، والتعب، والطرد من الوطن، وتكالب الأعداء، وصبر على من مات من أقاربه وأهله وأصحابه، وصبر على زينة الدنيا وزخرفها، وصبر على إغراء المنصب والولاية والرئاسة، فتركهم وصّد عنهم طلباً لمرضاة الله تعالى، وهو يذكر الله تعالى إذا حزبه أمرٌ أو اجتمع عليه حزن، فكان مطئمنًا في صبره واثقًا من الله تعالى، يحسن ظنّه بالله ويعلم أنّه ناصره لا محالة، وأنه حسبه وكافيه،[4] قال تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).[10]
الشجاعة
كان الرسول أثبت الناس قلباً، لا يخاف ولا برهب، ولا تزلزله المواقف ولا التهديد، كما لا تهزه أي حوادث أو ملمات، يتوكل على الله تعالى حسن توكله، وينيب إليه ويرضى بحكمه، فكان قويّاً هيّاباً، يخوض المعارك ويقدم على الموت، ويعرض روحه للمنايا، ويباشر القتال في المعارك بنفسه، وحين يحمى القتال وتشرع السيوف، يظهر صلى الله عليه وسلم كالطود الأشم يحتمي به غيره من الصحابة، وهو صامد يقتال غير مكترث بعدة ولا بقوة بأسه وبكثرة عدده، ونمثّل على ذلك فرار الناس من ساحة القتال يوم حُنين، وثبت محمد صلى الله عليه وسلم وستة من أصحابه، فكان معرضًا لسيوف العدو ورماحه، فكان قويًا يصرع الأعداء،[4] قال تعالى: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ).[11]
الزهد
يعتبر الزهد هو الإعراض عن الشيء، ويوصف به من أعرض عن شيء مع توفره ومقدرته عليه، حيث كان عليه الصلاة والسلام زاهداً في الدنيا قليل الرغبة بها مكتفيًا بتبيلغ الرسالة، راضٍ برزق الله تعالى، ويظهر زهده في لباسه، فكان لباسه غليظاً على الرغم من قدرته على لبس أفضل الثياب وأجملها، أما طعامه فكان أغلبه التمر والماء، وكان أكثر خبزه من الشعير، وقد ورد أنه مان يمرّ عليه وعلى زوجاته ثلاث أهله ولم يوقد في بيت من بيوته صلى الله عليه وسلم نار، ولم يشبع عليه الصلاة والسلام من خبز ثلاثة أيام متتالية حتى قُبِض، كما لم يترك عليه الصلاة والسلام بعد موته درهمًا ولا دينارًا، سوى بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقة، كما أنّه مات ودرعة مرهونة عند يهودي بقليل من شعير.[12]
الكرم
كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس وأكرمهم، فهي خصلة وخلق أصيل في طبعه جُبِل عليه منذ صغره، وكان يتضاعف كرمه وخيره مع الناس في مواسم الخير كشهر رمضان، ولم يكن يرد سائلًا أو محتاجًا، ويعطي بسخاء من لا يخشى الفقر، وكان يمنح العطايا ليأتلف بها قلوب المسلمين الجدد، وقد ربّى أصحابه الكرام على هذا الخلق.[13]
المراجع
- ↑ محمد عبدالعزيز (2-11-2010)، "شخصية النبي صلى الله عليه وسلم ومقاييس العظمة "، شبكة الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 4-2-2018.
- ↑ "عدل الرسول صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، 24-6-2002، اطّلع عليه بتاريخ 4-2-2018.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1159، صحيح.
- ^ أ ب ت "صفات محمد صلى الله عليه وسلم"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 4-2-2018.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 8.
- ↑ خالد بن سعود البليهد، "خلق الرفق في حياة النبي صلى الله عليه وسلم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 4-2-2018.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2593، صحيح.
- ↑ الدكتور عبد الرحمن بن معلا اللويحق (31-1-2016)، "رحمة النبي صلى الله عليه وسلم"، شبكة الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 4-2-2018.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 107.
- ↑ سورة الأحقاف، آية: 35.
- ↑ سورة النساء، آية: 84.
- ↑ "زهد النبي صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، 22-6-2002، اطّلع عليه بتاريخ 24-2-2018. بتصرّف.
- ↑ "كرم النبي صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 24-2-2018.