طرق لحفظ القرآن الكريم
القرآن الكريم
اختلف أهل اللغة في أصل تسمية القرآن الكريم، حيث قال فريقٌ منهم أن القرآن مشتقٌّ من فعلٍ مهموزٍ وهو قرأ، اقرأ، بمعنى تدبّر، تفقّه، تفهّم، تتبّع، تنسّك، وقيل اقرأ بمعنى تحمّل، من قول العرب: "ما قرأت هذه الناقة في بطنها سلا قط"، وقيل إن التسمية مأخوذةٌ من القرء، هو الجمع، وقيل إن التسمية مأخوذةٌ من قرن، وهو ضمّ الشيء إلى الشيء، وقيل من القِرى وهي الضيافة والكرم والإكرام، وقال فريقٌ آخر أن القرآن اسم علمٍ على كتاب الله وليش مشتقّاً، أما اصطلاحاً فيُعرّف القرآن على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، المنقول إلينا بالتواتر، والمعجز بمعناه ولفظة، والمكتوب في المصاحف من سورة الفاتحة إلى سورة الناس،[1] ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم نزل على مرحلتين، حيث نزل من الله -تعالى- إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)،[2] ثم نزل على رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- منجّماً، أي مُفرّقاً بحسب الأحداث والوقائع في ثلاثةٍ وعشرين عاماً، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلًا).[3][4]
طرق حفظ القرآن الكريم
هناك عدد من القواعد المهمة التي ينبغي مراعتها لحفظ القرآن الكريم، وفيما يأتي بيانها:[5]
- الإخلاص لله تعالى: حيث إن العمل من غير الإخلاص النابع من الإيمان بالله -تعالى- يبقى ناقصاً، حتى وإن بذل الإنسان جهده وأخذ بالأسباب كلها، فمهما بلغ الإنسان من العلم من غير إيمانٍ بالله وإخلاصٍ له فإن عمله وجهده وسعيه في ضلالٍ، فقد قال الله تعالى: (قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأَخسَرينَ أَعمالًا* الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا).[6]
- بدء الحفظ في الصغر: من القواعد الكونية التي اقتضتها مشيئة الله -تعالى- أن صغير السن يحفظ أسرع من الكبير، وهناك قاعدة مشهورة تقول: "الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر، والحفظ في الكبر كالكتابة على الماء"، إذ إن حفظ الإنسان في صغره يكون في القمة، بينما فهمه ضعيف جداً، وكلما كبر قلّ حفظه وزاد فهمه، حتى يصل إلى سن الخامسة والعشرين فعندها يتساوى الفهم والحفظ، ولذلك ينبغي استغلال سن الشباب في الحفظ.
- اختيار الوقت المناسب للحفظ: حتى يتمكّن الإنسان من الحفظ بطريقةٍ سهلةٍ وسريعةٍ؛ ينبغي اختيار الوقت المناسب للحفظ، وهو الوقت الذي يكون فيه الشخص بكامل تركيزه، ويكون دماغه في أوج نشاطه، وأفضل أوقات اليوم للحفط وقت السحر قبيل صلاة الفجر، كما قال الإمام ابن جماعة، وهو أحد علماء الإسلام: "أجود الأوقات للحفظ الأسحار، وأجودها للبحث الأبكار، وللتأليف وسط النهار، وللمراجعة والمطالعة الليل"، وذلك لأن الدماغ في الصباح يكون جاهزاً للحفظ، وتتنقص هذه الجاهزية مع الأشغال والأحداث التي يتعامل معها خلال ساعات النهار، وتصبح عملية الحفظ أصعب وبحاجةٍ لوقتٍ أطول كلّما مرّ الوقت إلى أن يصل إلى الدماغ إلى أدنى مستويات النشاط قبل النوم.
- اختيار المكان المناسب للحفظ: حيث إن الذاكرة شديدة التأثّر بالذنوب والمعاصي، ولذلك ينبغي اختيار مكان الحفظ بحيث يحفظ الإنسان بصره، وسمعه، ولسانه من المعاصي، وأن يكون المكان خالياً من الغيبة والنميمة وسائر المنكرات.
- القراءة المجوّدة: من الأمور التي تساعد في حفظ القرآن الكريم قراءته مع مراعاة أحكام التجويد، وبصوتٍ جميل، فقد رُوي عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنه قال: استَمَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قراءتي مِن اللَّيلِ، فلمَّا أصبَحْتُ قال: (يا أبا موسى استمَعْتُ قراءتَكَ اللَّيلةَ لقد أُوتِيتَ مِزمارًا مِن مَزاميرِ آلِ داودَ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ لو علِمْتُ مكانَك لَحبَّرْتُ لك تحبيرًا).[7]
- القراءة على شيخٍ متقنٍ: ينبغي قراءة ما تمّ حفظه على شيخٍ متقنٍ حتى يقوم بتصحيح الأخطاء في حال وجودها، لأن تصحيح القراءة مقدّمٌ على الحفظ.
- قواعد أخرى: من الأمور التي تساعد على حفظ القرآن الكريم: الحفظ من النسخة نفسها من المصحف في كلّ مرّةٍ، وربط كل جزءٍ من أجزاء السورة بمعانيها، وتكرار المحفوظ من القرآن الكريم حتى لا يتفلّت من الذاكرة، والمحافظة على الحفظ بشكلٍ يوميٍّ منتظم.
فضل وفوائد حفظ القرآن الكريم
هناك العديد من الفوائد والفضائل لحفظ القرآن الكريم، وفيما يأتي بيان بعضها:[8][9]
- اتباع السنة النبوية: فقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحفظ القرآن الكريم، وكان جبريل -عليه السلام- يدارسه القرآن في كل عام، مصداقاً لما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ بالقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَهُ به في العَامِ مَرَّتَيْنِ).[10]
- استحقاق التكريم والتوقير: فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكْرامَ ذي الشَّيبةِ المسلِمِ، وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنهُ، وإِكْرامَ ذي السُّلطانِ المقسِطِ).[11]
- التقديم للإمامة في الصلاة: إذ إن حافظ القرآن الكريم أحّق الناس بإمامة الصلاة، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ).[12]
خصائص القرآن الكريم
يعدّ القرآن الكريم الأصل الأول من أصول التشريع الإسلامي، وقد خصّه الله -تعالى- بالعديد من الخصائص، وفيما يأتي بيان بعضها:[13]
- حفظ الله تعالى: حيث إن الله -تعالى- تكفّل بحفظ القرآن الكريم من الزيادة أو النقصان، مصداقاً لقوله عز وجل: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ).[14]
- نزل بلغة العرب: وقد دلّ على أن الله -تعالى- أنزل القرآن الكريم باللغة العربية قوله تعالى: (وَما أَرسَلنا مِن رَسولٍ إِلّا بِلِسانِ قَومِهِ).[15]
- الإعجاز: أيّد الله -تعالى- رسوله -صلى الله عليه وسلم- بمعجزةٍ خالدةٍ وهي القرآن الكريم، حيث تحدّى الكفّار بأن يأتوا بملثه فعجزوا، ثم تحدّاهم بأن يأتوا بعشر آيات فلم يستطيعوا، ثم تحدّاهم أن يأتوا بسورةٍ فعجزوا، وأخيراً تحدّاهم بأن يأتوا بحديثٍ مثله فما استطاعوا ولن يستطيعوا.[16]
المراجع
- ↑ د. أمين الدميري (7-12-2016)، "التعريف بالقرآن الكريم لغة واصطلاحًا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة القدر، آية: 1.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 106.
- ↑ بروج الغامدي، "نزول القرآن"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ د. يحيى الغوثاني، "طرق إبداعية في حفظ القرآن الكريم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 103-104.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 7197، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "فضل حفظ القرآن الكريم"، www.ar.islamway.net، 2006-06-04، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "الحكمة من حفظ القرآن الكريم في الصدور"، www.islamweb.net، 2005-12-8، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2450، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 4843، حسن.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي مسعود البدري، الصفحة أو الرقم: 2144، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "خصائص القرآن"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية: 9.
- ↑ سورة إبراهيم، آية: 4.
- ↑ "إعجازه"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2019. بتصرّف.