ما هي حدود العلاقة بين المخطوبين

ما هي حدود العلاقة بين المخطوبين
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

سنّة الزّواج

من سنن الله -تعالى- في الكون خَلْق المشاعر والحبّ والودّ بين النّاس، فيتراحمون ويتقاربون فيما بينهم، وجعل من أشكال العاطفة ميل الرّجل إلى المرأة وميلها إليه ليكوّنا أسرة، ووعد الله -تعالى- مَن يسير على طريق الاستقامة والفطرة التي فطرها الله -تعالى- للنّاس عليها بالودّ والرّحمة؛ حيث قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[1] وقد سنّ الإسلام لذلك الطريقة الطاهرة والعفيفة ليسير فيها المسّلم لتحقيق مراده، ويسبق ذلك فترة الخِطبة التي يتعرّف فيها الخاطبان على بعضهما منهما، فما هي حدود العلاقة الشرعيّة بين الخاطبين؟

حدود العلاقة بين المخطوبين

جاءت حِكمة مشروعيّة الخُطوبة حتى يُؤدم بين الخاطبين ويتعرّف كلاً منهما على الآخر، فيُقبلان على الزّواج وهما مطمئنّان ويكون كلّ طرف عالم بصفات الطرف الآخر، ولكنّ الإسلام جعل في فترة الخُطوبة حدوداً لا يخرج الخاطبان عنها، وفيما يأتي بيان الحدود التي شرعها الله -تعالى- للخاطبين:[2]

  • النّظر إلى المخطوبة؛ أباح الإسلام للرّجل أن ينظر إلى مخطوبته ليرى منها ما يدعوه إلى نِكاحها، وقد رغّب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك؛ لأنّ ذلك أقرب لأن يعرف الرّجل صفات المرأة التي ستشاركه حياته، حتى لا يُفاجئ بأي عيب في المرأة بعد الزّواج منها، حيث جاء رجل إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأخبره بأنّه خطب امرأةً من الأنصار، فقال له الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (أَنظَرْتَ إليها؟ قال: لا، قال: فاذهبْ فانظُرْ إليها، فإنَّ في أعيُنِ الأنصارِ شيئاً)،[3] ويكون النّظر إلى المخطوبة على ما يُنظر إليه في الغالب وهو الوجه والكفّين، فالوجه منتهى الجمال في المرأة، فيقدّر الرّجل جمال المرأة حين ينظر إلى وجهها، وكذلك الأمر بالنسبة لكفّيها، وقد تباينت آراء العلماء حول النّظر إلى ما سوى الوجه والكفّين، فبعضهم أباح تفصيل الجسد وبعضهم حذّر أن يتأمّل الرّجل بالمرأة؛ لأنّها ما زالت أجنبيّةً حتى يعقد عليها، ولكن ينظر إليها بقدر حاجته، وما زاد عن ذلك من النّظر فهو مُحرّم، وحُكْم نظر المرأة إلى الرّجل نفس حُكم نظره إليها، فيعجبها منه ما يعجبه منها، وكذلك لا يجوز للرّجل أن يمسّ مخطوبته؛ لأنّها لا تزال أجنبيّةً عنه، ولأنّه لا يوجد حاجة للمصافحة أو المسّ.
  • الخُلوة بالمخطوبة؛ لم يُبح الشّرع أن يخلو الخاطب بمخطوبته، والخُلوة هي أن يختلي الرّجل بامرأةٍ فيبقيان وحدهما ويبتعدان عن الأنظار لفترةٍ من الزّمن، فالمخطوبة امرأة أجنبيّة ولا تحلّ للخاطب بأي حال أو صفة، وقد يقعا في محظورٍ من محظورات الشّرع إذا طالت خلوتهما، حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلّا معَ ذِي مَحرمٍ، فقامَ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، امرأتِي خرجتْ حاجَّةً، واكْتُتِبْتُ في غزوةِ كذا وكذا، قالَ: ارْجِعْ، فحُجَّ معَ امرأتِكَ)،[4] فلا يحلّ للخاطب كذلك أن يخرج مع خطيبته في سهراتٍ ونُزهاتٍ وحدهما بحجّة التّعارف والتآلف، فقد لا يتمّ الزّواج وينفصل كلاً منهما عن الآخر، فلذلك وجب أخذ الحيطة وإغلاق منافذ الشّيطان.
  • محادثة المخطوبة؛ يُبيح الشّرع للخاطب أن يتحدّث مع مخطوبته فيتعرّف على علمها وثقافتها وفكرها، ويتحدّثا بأمورٍ تفيدهما في مستقبلِ حياتهما على أن يكون التحادث بوجود مُحرم مع المخطوبة، وعليها كذلك أن لا تخضع بالقول ولا تُلين الكلام، ومن ذلك يُباح التحدّث بالهواتف إذا استدعت الحاجة لذلك على أن يُراعي المخطوبان الضوابط الشرعيّة، وتُلخّص الضوابط الشرعيّة في المحادثات الهاتفيّة وفي الجلسات فيما يأتي:[5]
  • ألّا يتجاوز الكلام بينهما حدّ الحاجة.
  • ألّا يكون حديثهما فيه ريب وألّا يكون مُثيراً للشّهوة.
  • غضّ البصر من الطّرفين أثناء الحديث.
  • أن تكون المرأة بكامل حجابها الشرعيّ وبكامل حشمتها.
  • عدم المصافحة بينهما.

تعريف الخِطبة لغةً واصطلاحاً

يتعلّق تعريف الخِطبة في اللغة بتعريفها في الاصطلاح، وفيما يأتي بيان تعريف الخِطبة لغةً واصطلاحاً:

  • تعريف الخِطبة لغةً: هي طلبُ المرأة للزّواج، ويُقال: خَطَبَ فلان؛ أيّ طلب فتاةً للزّواج.[6]
  • تعريف الخِطبة اصطلاحاً: هي خطوة مُقدّمة للزّواج وتعدّ وعد غير ملزم للطرفين بالزّواج، وشُرِعت الخِطبة ليتعرّف كلاً من الخاطبين على الآخر؛ ولذلك فلا يترتّب على الخِطبة ما يترتّب على الزّواج من المُباحات.[2]

الخِطبة المحرّمة

يوجد حالات تحرُم فيها الخِطبة وبيانها على النحو الآتي:[2]

  • أن تكون المرأة مخطوبة؛ فإذا كانت المرأة مخطوبةً لرجلٍ ما فلا يجوز لرجلٍ آخرٍ أن يخطبها، فينتظر الخاطب الثّاني ليقرّر الخاطب الأوّل أن يُتمّ العقد أو أن يترك المخطوبة، ويدلّ على ذلك حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ولا يَخطُبِ الرَّجلُ على خِطبَةِ أخيه حتَّى يَنكِحَ أو يَترُكَ)،[7] فإذا خطب رجل على خِطبة رجلٍ آخرٍ، ثمّ تمّ العقد للخاطب الثّاني فالعقد صحيح، ولكنّ العاقد آثم وحسابه على الله تعالى.
  • أن تكون المرأة مُعْتدّة من طلاقٍ أو من وفاةٍ؛ فإن كانت المرأة مطلّقة طلاقاً بائناً بينونة صغرى أو بينونة كبرى أو معتدّة لوفاة زوجها؛ فإنّه لا يجوز للرّجل أن يصرّح في خِطبتها، ويُباح له التعريض بالخِطبة إن كانت المرأة معتدّة من وفاة زوجها، أيّ أن يلمّح برغبته في الزّواج منها دون تصريح، وذلك مُراعاةً لمشاعر أهل المتوفّى وتقديراً للعدّة التي تعتدّها المرأة باعتبارها أمراً من أوامر الشّريعة الإسلاميّة.

المراجع

  1. ↑ سورة الروم، آية: 21.
  2. ^ أ ب ت "الخِطبة بين المباح والمحظور"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17. بتصرّف.
  3. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1424، صحيح.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5233، صحيح.
  5. ↑ "أحكام وضوابط فترة الخطوبة"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17. بتصرّف.
  6. ↑ "معنى كلمة الخِطبة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17. بتصرّف.
  7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5233، صحيح.