موضوع عن العنف المدرسي
العُنف المدرسيّ
كلمة العُنْف في اللغة العربيّة تعني: الخرقُ بالأَمر، وقلّة الرِّفق به، وهي ضِد الرِّفق، والعَنِيف هو: مَن لم يكن رَفيقاً في أَمره، وأعْنفَه؛ أي لَمْ يلطُف بِه، وعَامله بِشدّة، وأعنف الشيء؛ أي أخذه بشدّة، ويُقال أيضاً: كانَتِ الرِّحْلَةُ أَشَقَّ، وَأعْنَفَ؛ أي أشَدَّ، وَأَقْسَى.[1] ويمكن تعريف العُنف المدرسيّ اصطلاحاً على أنّه: أيّ أذىً يؤدّيه الطالب تجاه نفسه، أو الآخرين، وقد يكون هذا الأذى نفسيّاً، أو جسديّاً، كما أنّه قد يُمارَس بشكل مباشر، أو غير مباشر، وسيلةً، أو غايةً، صريحاً، أو ضمنيّاً، ولا يتوقّف هذا الأذى على الأشخاص، والأفراد، بل قد يمتدُّ ليشمل المُقتنَيات الشخصيّة، والأشياء، سواء كانت مُلكاً للطالب نفسه، أو مُلكاً عامّاً للغَير. والعنف المدرسيّ يُمثِّل أيضاً كلّ قول، أو فعل، أو سلوك يصدرُ عن الطالب وهو في البيئة المدرسيّة، وخلال اليوم الدراسيّ، حيث يُلحقُ الأذى بزملائه، أو بالمُعلِّمين، أو بالعاملين في البيئة المدرسيّة، وقد ينتج عن هذا الأذى إلحاق التجريح، والإهانة بالآخرين، أو تهديد حياتهم، أو تخريب المُقتنَيات، أو تعطيل سَير الحصّة المدرسيّة. بالإضافة إلى أنّه يُمكن تعريف العُنف المدرسيّ على أنّه: ممارسة القُوّة البدنيّة؛ لإلحاق الأذى بالأفراد، أو المُمتلَكات في البيئة المدرسيّة، وهو أيضاً: نَمَط من أنماط العُنف الذي يصدرُ عن طالب، أو مجموعة من الطلبة تجاه المُدرِّسين، أو الطلّاب الآخرين.[2]
خصائص العُنف المدرسيّ
يتَّصف العُنف المدرسيّ بمجموعة من الخصائص، من أهمّها أنّه:[2]
- يُمثِّل اعتداءً مُتعمَّداً؛ أي بوجود نيّة، وقَصْد الإيذاء.
- يأخذُ صوراً، وأشكال عدّة؛ فهناك العُنف البدنيّ، واللفظيّ، والنفسيّ، والعُنف تجاه المُمتلَكات، والمرافق.
- يحدثُ باستمرار، وبصورة مُتكرِّرة، ويمتدُّ لفترات من الوقت.
- يحدثُ العنف المدرسي ضمن إطار العلاقة الشخصيّة التي تتميَّز بعدم التوازُن في القوّة، سواء بصورة حقيقيّة، أو وهميّة، ومثال ذلك، إيهام الشخص العنيف لضحيّته بأنّه يمتلك القُوّة الكُبرى.
- يرتبطُ العنف المدرسي في بعض الأحيان باستفزاز مُسبَق.
- يُعتبَر شكلاً من أشكال الإساءة.
أشكال العُنف المدرسيّ
يأخذ العُنف المدرسيّ عدّة أشكال، وذلك وِفق الموضوع، والذي يُمارِسُه، ومَن يقع عليه العُنف، وفي ما يأتي ذِكرٌ لأهمّ هذه الأشكال:[2]
- العُنف اللفظيّ: وهو الأشدّ تأثيراً في الحالة النفسيّة للشخص المُعنَّف، حيث يتمثَّل بتوجيه السبّ، والشتائم للآخر، والاستهزاء، والتحقير به، وتهديده، والدعاء عليه، ويكون الهدف منه التخويف، والعرقلة، والحَطِّ من القيمة.
- العُنف الجسديّ: ويتمثَّل باستخدام قُوّة الجسد من يدَين، أو رجلَين، أو أصابع، أو رأس؛ فقد يلجأ الشخص العنيف إلى ضرب ضحيّته، أو جرحه، أو حتى قتله.
- العُنف ضِدّ المُمتلَكات: وهو العُنف المُتمثِّل بإلحاق الضَّرَر بالأشياء المادّية الخاصّة بالأفراد، أو الجماعات، سواء بحَرْقها، أو سرقتها، أو إتلافها.
- العُنف النفسيّ: ويتمثّل بتوجيه فِعل، أو سلوك من شأنه إلحاق الأذى النفسيّ للضحيّة، مثل: عَزل الطالب عن بقيّة التلاميذ، أو السيطرة، وفَرض النفوذ عليه.
- التحرُّش الجنسيّ: ويتمثّل بإصدار سلوك جنسيّ غير مرغوب فيه، سواء بالبَصَر، أو بعَرْض الصور الجنسيّة، أو بقول عبارات تتضمَّن إيحاءات جنسيّة، أو الاتِّصال المُباشر مع الضحيّة.
أسباب العُنف المدرسيّ
لا يتولَّد العُنف المدرسيّ لدى الطالب من تلقاء نفسه، بل إنّ هناك عدّة أسباب تُمهّد الطريق؛ لتكوين سلوك العُنف لدى الطالب، وأهمّ هذه الأسباب:[3]
- عدم تلبية بعض المناهج الدراسيّة لاحتياجات الطلبة، واستعداداتهم، وقابليّتهم للتعلُّم، كما أنّ هذه المناهج قد تُفرَض على المُعلِّمين، ويُجبَرون على تدريسها دون النظر إلى اعتقاداتهم، وتحفُّظاتهم، وهذا من شأنه التقليل من عزيمتهم، كما أنّه يُشعرُهم بعدم الرضا عن مهنتهم، وقد ينعكس ذالك بشكل سلبيّ على الطلبة.
- استخدام أسلوب التلقين كأداة أساسيّة في التعليم، حيث يُمارس بعض المُعلِّمين هذا الأسلوب عادةً من خلال علاقة تسلُّطية، بحيث يتوجَّب على الطالب إطاعة المُعلِّم، وعدم مناقشته، ممّا يُولّد عند الطلبة الحاجة إلى التحرُّر المُتمثِّل باستخدام السلوك العنيف.
- نقص البرامج الترفيهيّة، والثقافيّة في البيئة المدرسيّة.
- الغياب المُستمِرّ للمُعلِّم، ممّا يُؤدّي إلى خروج الطلبة عن النظام داخل الصف، وبالتالي زيادة التمرُّد، والعُنف في المدرسة.
- إحساس الطالب بالظُّلم، والتعويض عن الفَشَل.
- سوء التربية الاجتماعيّة للطالب، كتعاطيه المُخدِّرات، والانخراط مع رفاق السوء، وحمل السلاح.
- غياب اللجان التأديبيّة عند وجود التجاوُزات، وعدم وجود أنظمة تُعالِج الخلافات بين الأطراف، سواء بين الطلبة، أو المُعلِّمين، أو الإدارة.
- عدم وجود لوائح، وقوانين واضحة تُدير عملَ المدرسة.
- سوء المادّة المنشورة من خلال وسائل الإعلام المرئيّ، والمُتمثِّلة بالأفلام، والبرامج، والمُسلسَلات التي يتمّ بَثُّها بشكل يوميّ؛ حيث إنّها تُحرِّض في مضمونها على مُمارَسة العُنف.
الحَدّ من العُنف المدرسيّ
هناك العديد من الإجراءات، والأساليب التي يُمكن اتِّباعها؛ في سبيل الحَدّ من ظاهرة العُنف المدرسيّ، وفي ما يأتي ذِكرٌ لأهمّ هذه الإجراءات:[4]
- اعتماد برامج التنمية المهنيّة المُستدامة، وإدخال موضوع العُنف، وأنواعه، وأشكاله ضمن البرامج التدريبيّة للكوادر التعليميّة.
- اهتمام مدير المدرسة بظاهرة العُنف المدرسيّ في مدرسته، وإيصال أيّة مشكلة تتعلَّق بها إلى مدير التربية، والتعليم؛ لاتِّخاذ الإجراءات اللازمة؛ لحَلِّها.
- اعتماد برامج تبادُل الخبرات من الطلبة مع مدارس أخرى، سواء داخل الدولة، أو خارجها.
- معالجة ظاهرة تسرُّب بعض الطلبة من المدرسة، وانخراطهم في سوق العمل، من خلال وضع برامج خاصّة.
- التأكيد على أهمّية المُرشِد التربويّ في الوقاية من الأخطار، وذلك بزيادة الحِصَص الإرشاديّة، وإصدار النشرات التثقيفيّة، ووَضع برامج إرشاديّة؛ لتدريب الطلبة.
- الاهتمام بالجانب الرقابيّ في البيئة المدرسيّة، من خلال تكثيف برامج الإشراف، والمناوبة أثناء الدوام المدرسيّ.
- تحديد الطلبة العنيفين في المدرسة الواحدة، ووضع برامج تربويّة، وإرشاديّة فاعلة من شأنها تعديل سلوكهم، والقضاء على سلوك العُنف لديهم.
- اللجوء إلى الأساليب العلاجيّة، والوقائيّة؛ لتعديل سلوك الطلبة العنيفين، وذلك قَبل اللجوء إلى العقوبة، ومجلس الضبط.
- التنويع في الأنشطة المدرسيّة وِفق ميول الطلبة، وإمكانيّاتهم، وحاجاتهم النمائيّة؛ بهدف استثمار وقت الفراغ لديهم بشكل فعّال، ومفيد، وتفريغ ما يملكه الطلبة من طاقة زائدة.
- توجيه مَهامّ مجالس الطلبة؛ للإسهام في حَلّ المشكلات الطلّابية.
- توعية الطلبة بمدى أهمّية العِلم، وتشجيعهم على تقديم مستوى جيّد من التعليم.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى العنف في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت كمال بوطورة، مظاهر العنف المدرسي وتداعياته في المدارس الثانوية الجزائرية، صفحة 125،126،128،160-171. بتصرّف.
- ↑ صباح عجرود، التوجيه المدرسي وعلاقته بالعنف في الوسط المدرسي حسب اتجاهات تلاميذ المرحلة الثانوية، صفحة 21،22. بتصرّف.
- ↑ اللجنة الفنية المشرفة، الدليل الوقائي لحماية الطلبة من العنف والإساءة، صفحة 22،23. بتصرّف.