-

نبذة عن طه حسين

نبذة عن طه حسين
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

طه حسين

يُعتبَر طه حسين مُفكِّراً، وأديباً مصريّاً، وهو علامة بارزة في تاريخ الثقافة العربيّة المُعاصرة، وعلى الرغم من تعرُّضه منذ صغره لمرض أفقدَه بصره، وأصابه بالعمى، إلّا أنّ ذلك لم يُشكِّل حاجزاً أمام طموحاته، ومواهبه؛ فقد أثرى بمُؤلَّفاته المكتبة العربيّة، وأحاط من خلالها بجوانب كثيرة من المعرفة، والعِلم، حيث أصدر أكثر من عشرين مؤلَّفاً، وروايات مُتخصِّصة في المجالات النقديّة، والأدبيّة، والثقافيّة، ومنها: كتاب الأدب الجاهليّ الذي نَشَره عام 1927م، والأيّام الذي تضمَّن جزءاً من سيرته الذاتيّة، والحبّ الضائع، ودعاء الكروان، وعلى هامش السيرة الذي عالَج فيه السيرة النبويّة، وكتاب مستقبل الثقافة في مصر، وحديث الأربعاء، وغيرها من المُؤلَّفات، والدراسات مع الشعراء، والمُفكِّرين. ومن الجدير بالذكر أنّ طه حسين قد اعتمد في كتاباته على أساليب مختلفة؛ فتارة يستعين بالقصص، وأخرى بالسَّرد، والتشويق، ومرّة ثالثة بالتكرار، كما تميَّزَ أسلوبه بظاهرة السَّهل المُمتنِع.[1]

مولد طه حسين ونشأته

وُلِد الأديب المصريّ طه حسين في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر لعام 1889م، وكان ذلك في قرية عزبة الكيلو الواقعة في وسط صعيد مصر، على بُعد نحو 1 كم من مدينة مغاغة، وقد ترعرع طه حسين في أسرة فقيرة، وكبيرة، مُكوَّنة من 13 طفلاً، بالإضافة إلى الأب، والأمّ، وكان طه هو الطفل السابع في الترتيب، حيث عانى منذ صغره من الفقر، والمرض؛ نتيجة لإصابته بالرَّمَد وهو في سِنّ الثالثة، فأخذه والده حسين علي، والذي كان يعمل في مصنع السكّر إلى الحلّاق الذي كان يُعالج المرضى في ذلك الوقت، إلّا أنّه لم يُحسِن علاجه، فأدّى ذلك إلى إصابته بالعمى، وفقد الطفل طه حسين بصره وهو في الثالثة من العُمر، وعلى الرغم من ذلك، فإنّه لم يمنعه من حفظ القرآن الكريم؛ حيث التحق بكُتّاب القرية، وبدأ بحفظ القرآن، والاستماع إلى الأحاديث، والقصص، كما أنّه كان يجلس في مجالس الكبار مع أصدقاء والده، ويستمع إلى آيات القرآن الكريم، وقصص الفتوحات، والغزوات الإسلاميّة، والقصص التاريخيّة، وما إن بلغ سِنّ السابعة حتى استطاع طه حسين حفظ القرآن الكريم، وإتقان التجويد.[2]

حياة طه حسين التعليميّة

انتقل طه حسين في عام 1902م إلى القاهرة؛ لطلب العِلم في جامعة الأزهر، حيث بدأ بدراسة العلوم الإسلاميّة، والاستماع إلى دروس مشايخ الأزهر، واستمرَّ فيها مدّة 6 سنوات، أي حتى عام 1908م، وفي السنة نفسها تمّ افتتاح الجامعة المصريّة الأهليّة، فلم يتردَّد طه حسين بالانضمام إليها، والالتحاق بها، حيث ترك الأزهر، وبدأ بحضور الدروس، والمحاضرات في الجامعة، فكان أوّل درس له على يد أحمد زكي باشا الذي شرح الحضارة الإسلاميّة، وقد أُعجب طه حسين بأسلوب محمد زكي، ومَلَك عقله، وقلبه. ومن المهمّ بمكان ذِكر أنّ طه حسين قد بدأ منذ بداية دخوله إلى الجامعة بتعلُّم اللغة الفرنسيّة؛ تمهيداً لانتقاله إلى فرنسا، إذ التحق بالمدرسة المسائيّة لتعليم اللغة الفرنسيّة، واستمرَّ فيها إلى أن أتقنَ الفرنسيّة، ووصل إلى مُستوى جيِّد فيها، وظلَّ طه حسين في الجامعة، حيث أعدّ رسالة دكتوراه عن أبي العلاء المعرّي، وناقشها في الخامس والعشرين من شهر أيّار/مايو من عام 1914م، وتمكّن من النجاح فيها، فنال بذلك درجة الدكتوراه، وهي أوّل درجة دكتوراه تُمنَح في الجامعة المصريّة. [2]

وفي عام 1914م، انتقل طه حسين إلى أوروبا، وتحديداً إلى فرنسا؛ لطلب العلم، وذلك بعد أن نال شهادة الدكتوراه من الجامعة المصريّة القديمة، فالتحق بجامعة مونبلييه في فرنسا، ودرس فيها الأدب الفرنسيّ، وأتقن اللغة الفرنسيّة، بالإضافة إلى اللغتَين: اللاتينيّة، واليونانيّة، وبعد ذلك، عاد طه حسين إلى القاهرة، وأقام فيها فترة من الزمن، ليعود مُجدَّداً إلى فرنسا؛ للالتحاق بجامعة باريس، والتي تمكَّن فيها من اجتياز امتحان الليسانس في عام 1916م، واستمرَّ فيها بإعداد رسالة الدكتوراه عن ابن خلدون إلى نال شهادتها في عام 1917م، علماً بأنّ رحلة طه حسين إلى أوروبا كان لها الأثر البارز، والعميق في تكوينه الاجتماعيّ، والثقافيّ.[3]

حياة طه حسين العمليّة والمناصب التي تقلَّدها

بدأ طه حسين حياته العمليّة بتعيينه أستاذاً في الجامعة المصريّة عام 1919م، إذ اختصَّ حينها بتدريس مادّة التاريخ القديم (اليونانيّ، والرومانيّ)، واستمرَّ في تدريس هذه المادّة حتى عام 1925م، حيث أصبح أستاذاً لتاريخ الأدب العربيّ، وفي تلك الفترة بدأ بترجمة الآداب اليونانيّة، ونَشْرها في العالَم العربيّ، مثل: قادة الفِكر، ونظام الأثينيّين، والظاهرة الدينيّة عند اليونان، وتطوُّر الآلهة، وأثرها في المدينة، وغيرها من المُؤلَّفات اليونانيّة، ثمّ اتّجه نحو ترجمة كُتُب الأدب الفرنسيّ، مثل: كتاب علم النفس التربويّ، وكتاب روح التربية، وكتاب الواجب، والقَدر، وأوديب، وتيسيوس، والباب الضيّق، ومدرسة النساء، وفي عام 1926م، أصدر طه حسين كتاب (في الشِّعر الجاهليّ) الذي أثار ضجّة كبيرة؛ بسبب عوامل سياسيّة، أمّا في عام 1928م، فقد تمّ تعيين طه حسين؛ ليكون عميد كُلّية الآداب في جامعة القاهرة، إلّا أنّه سرعان ما قدَّم استقالته؛ بسبب الظروف السياسيّة.[4]

ومن الجدير بالذكر أنّه تمّ تعيين طه حسين في عام 1930م من قِبل وزير المعارف في منصب مساعد مراقب التعليم الأوّلي، إلّا أنّ المنصب الجديد لم يُعجبه، فطلب من الجامعة أن تباشر إجراءات عودته إليها، وفي عام 1932م، رفض طه حسين عميد كُلّية الآداب أمر الحكومة بمَنح الدكتوراه الفخريّة لبعض السياسيّين في مصر؛ وذلك حفاظاً على مكانة درجة الدكتوراه، واستمرَّ في معاندته لوزارة المعارف إلى أن تمّ فَصْله، وإحالته إلى التقاعُد في 29 آذار/مارس من العام نفسه، ثمّ استأنف عمله في الجامعة المصريّة في عام 1934م، وشغلَ منصب عميد كُلّية الآداب في عام 1936م، وفي عام 1944م، تمّ تعيينه؛ ليكون وزيراً للمعارف في الوزارة الوفديّة، واستمرَّ في هذا المنصب حتى عام 1952م؛ حيث أُحِيل إلى التقاعُد، وبدأ بعدها مرحلة جديدة في الإنتاج الفِكريّ، والأدبيّ، واستمرَّ في ذلك إلى أن وافته المنيّة في 28 من تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 1973م.[4]

المراجع

  1. ↑ دائرة المعارف العالمية، باحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 355، جزء التاسع. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عمرو زاير، الحركة التقليدية حول كتاب طه حسين "في الأدب الجاهلي"، صفحة 11-14. بتصرّف.
  3. ↑ أنور الجندي، طه حسين ..حياته وفكره في ضوء الإسلام، صفحة 22،30،31. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد شنوفي، تطوُّر النقد المنهجي عند طه حسين ، صفحة 26-30. بتصرّف.