-

أسباب ضعف الإيمان عند الشباب

أسباب ضعف الإيمان عند الشباب
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

حقيقة الإيمان

إن حقيقة الإيمان الذي بُعِث به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقوم على ثلاثة أركانٍ أساسية، وهي: الاعتقاد والتصديق بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح والأركان، يقول الشافعي رحمه الله: "وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممّن أدركنا: أن الإيمان قولٌ وعملٌ ونيّة لا يجزيء واحد من الثلاثة عن الآخر"، فالاعتقاد بالقلب يكون بأن يقرّ المسلم في داخله بما أخبر به الله -تعالى- ونبيّه -عليه الصلاة والسلام- أنه الحق، وما حكما به هو العدل، مما يجعله يحب الله ورسوله، ويبغض الكفر وأهله، وهذا ما يطلق عليه عمل القلب، أما الإقرار باللسان فيكون بنطق الشهادتين، والاعتقاد الجازم بهما، وتصديق ما تضمّنته من المعاني العظيمة، ويكون العمل بالجوارح بفعل ما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه،[1] فإذا كان الإيمان صادقا في قلب المسلم، فإن ذلك سيترك آثاراً عظيمةً في عقيدته وشعوره، فلا يخاف إلا الله، ولا يقول إلا الحق، ويكون قويّاً في إيمانه، عقيدته سليمة، وأخلاقه كريمة، وصلته بالله دائمة.[2]

أسباب ضعف الإيمان عند الشباب

انتشرت ظاهرة ضعف الإيمان في المسلمين انتشاراً عجيباً، فمنهم من يشكو من قسوة قلبه، ومنهم من يتهاون بفعل الذنوب والمعاصي دون تأنيب ضمير، وهذا حال القلب؛ إذا ما تحسّسه صاحبه باستمرار ولجأ إلى الله سرعان ما يتقلّب، ولهذا سُمّي قلباً، ولكي يحافظ المؤمن على إيمانه من هذا الضعف والمرض، وجب أن يعرف الأسباب المؤدّية لذلك حتى يتجنّبها ويعالج مواطن الداء منها، وفيما يأتي بيان أسباب ضعف الإيمان:[3][4]

  • البعد عن الأجواء الإيمانية لفترات طويلةٍ جداً، مما يؤدّي إلى قسوة القلب، قال الله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ).[5]
  • الابتعاد عن الكتب والعلم الشرعي الذي يخاطب قلب المؤمن، فيستثير الإيمان فيه ويحييه في قلبه، وأول هذه الكتب وأهمّها: كتاب الله تعالى، وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم، ثم كتب العلماء خاصة في الوعظ والرقائق، فهم يحسنون في عرض العقيدة بطريقةٍ تحيي الإيمان في القلب.
  • التواجد في بيئةٍ سلبيّة تعجّ بالذنوب والمعاصي، فالبعض يفتخر بذنبٍ فعله، والآخر يلحّن أغنية وينطرب بها، ومنهم المدخّن، ومجالسهم لا تخلو من الغيبة والنميمة والقيل والقال، فإن هذا بلا شك يؤثّر على إيمان العبد.
  • طول الأمل، واتّباع الأهواء والشهوات.
  • امتلاء الوقت باللهو والضحك والسهر والأكل، فإذا كانت الحياة غير مملوءة بطاعة الله -تعالى- وتدبّر كتابه الكريم فإن ذلك يؤدّي إلى قسوة القب.
  • نقصان المعرفة بأسماء الله -تعالى- وصفاته، والجهل بها وبمعانيها.
  • عدم التفكّر في آلاء الله -عز وجل- وآياته الكونية والشرعية، مما يؤدّي إلى ركود الإيمان.
  • فعل الذنوب والمعاصي، والابتعاد عن طاعة الله عز وجل، لكن في حال كانت الطاعة من الواجبات المفروضة فإن الإنسان يُحاسب على ذلك ويعاقب ويُلام عليه، أما إذا كانت غير واجبةٍ أو تركها لعذرٍ فهذا نقصٌ لا يلام عليه.
  • عدم التوكّل على الله تعالى، وعدم الأخذ بالأسباب، وضعف التوحيد، والاعتقاد بأن غير الله -تعالى- قادر على النفع، أو الضر، أو العطاء، وهذا من الشرك.[6]
  • الانشغال بالدنيا وزينتها إلى أن يصير الإنسان عبداً لها، فينشغل بأمواله وزوجته وأولاده، فالإنسان مجبولٌ على حبّ ذلك، ولا شيء عليه إذا لم يلهه ذلك عن طاعة الله وعبادته، قال الله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).[7][8]
  • هجر القرآن الكريم، والابتعاد عن القراءة في سير السلف الصالح -رضي الله عنهم- الذين يبعثون الهمّة في النفوس والعزيمة على طاعة الله سبحانه، ومن أسباب ضعف الإيمان كذلك عدم الإكثار من ذكر الله عز وجل، مما يؤدّي إلى الضنك والضيق.[8]

علاج ضعف الإيمان

لا نبالغ عند الحرص على معرفة أسباب ضعف الإيمان وطرق علاجه، فإن هذه الظاهرة قد شاعت بشكلٍ واضحٍ، وهو ما يحتّم على كلّ مسلمٍ ويستوجب منه أن يَعِيَ جيّداً الأسباب التي تعالج ضعف الإيمان وتقوّيه وتمنع عنه تلك الأمراض الخطيرة، ومن الجدير بالذكر أن الإيمان يزيد بالطاعة والعبادة، وينقص بالذنوب والمعاصي والبعد عن الله، ومن أهم أسباب علاج ضعف الإيمان ما يأتي:[9][10]

  • التعرّف على الله عز وجل، والقرب منه، واستشعار عظمته، وتوثيق الصلة به، ويكون ذلك من خلال معرفة أسمائه وصفاته، وفهم معانيها، وإدراك أهميّتها وعظمتها، فهي التي تؤدي بلا شك إلى الخشية من الله تعالى، والخوف منه، وحبّه، ورجائه، وإخلاص العمل له سبحانه.
  • كثرة ذكر الله تعالى، واللجوء إليه، وقراءة القرآن الكريم بتدبّر، وأن يدعوه المسلم ويسأله قوة الإيمان، ويلحّ بذلك، ويقبل على العبادات والطاعات؛ كإقامة الصلاة بخشوع، والمسارعة إلى فعل الخيرات، والإكثار من صدقة السر والتطوّع، وصيام النافلة، وغير ذلك، فالإيمان تصديقٌ وقولٌ وعملٌ.
  • اجتناب ما نهى الله عنه، والابتعاد عن المحرّمات والذنوب والمعاصي، فلا شك أن لها تأثيراً سلبيّاً على الإيمان وقوّته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فيها أبْصارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُها وهو مُؤْمِنٌ، وعَنْ سَعِيدٍ، وأَبِي سَلَمَةَ، عن أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِثْلَهُ إلَّا النُّهْبَةَ).[11]
  • طلب العلم الشرعي، ولزوم حلقات الذكر والقرآن والخير، وملء الوقت بالأعمال الصالحة؛ ويكون ذلك بالمسارعة والمبادرة إليها، والاستمرار والمداومة عليها، والاجتهاد فيها.
  • قصر الأمل، والإكثار من ذكر هادم اللذّات؛ أي الموت، وتذكر الآخرة ومنازلها، واحتقار الدنيا.
  • تزكية النفس ومحاسبتها باستمرار، وتعظيم حرمات الله عز وجل.

المراجع

  1. ↑ "حقيقة الإيمان عند أهل السنة"، www.islamweb.net، 2003-7-26، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
  2. ↑ "حقيقة الإيمان"، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ محمد اللحيدان (17-7-2013)، "ظاهرة ضعف الإيمان أعراضها أسبابها علاجها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
  4. ↑ "أسباب ضعف الإيمان"، www.islamqa.info، 2002-8-12، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الحديد، آية: 16.
  6. ↑ "علاج ضعف الإيمان1"، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة الحديد، آية: 20.
  8. ^ أ ب "أسباب ضعف الإيمان"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
  9. ↑ د. عامر الهوشان، "ثلاث خطوات لعلاج ظاهرة ضعف الإيمان"، www.almoslim.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
  10. ↑ إبراهيم الحدادي، "ملخص لظاهرة ضعف الإيمان"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-5-2019. بتصرّف.
  11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2475، صحيح.