خصائص يوم الجمعة
شعائر الله
الشعائر جمع شعيرة، وتُعرّف الشعيرة لغةً على أنها "ما ندب الشرع إليه، وأمر بالقيام به"،[1] ويمكن القول أن شعائر الله هي كل ما أمر الله -تعالى- به من أمور الدين، وكل ما وجب على العبد طاعة ربه -عز وجل- فيه، وقد أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بتعظيم شعائره، حيث قال: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)،[2] ويكون تعظيم شعائر الله -تعالى- باحترامها، وإنزالها مكانة عظيمة في القلوب والمشاعر، ومن الجدير بالذكر أن حياة المسلم مليئة بالكثير من شعائر الله تعالى، لا سيما أنها متعددة ومتنوعة؛ فمنها الشعائر التعبدية، كالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وأي عمل صالح، ومنها الشعائر المكانية؛ كالمسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى.[3]
ومنها الشعائر الزمنية؛ كالعشر الأوائل من ذي الحجة، وشهر رمضان الذي خصه الله -تعالى- بنزول القرآن الكريم، وإرسال الرسل، وأمر عباده بتعظيمه، حيث قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)،[4] ومن شعائر الله -تعالى- الزمانيّة يوم الجمعة، مصداقاً لما رُوي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَومِ الجُمُعَةِ).[5][3]
خصائص يوم الجمعة
يوم الجمعة من الأيام المباركة التي خصها الله -تعالى- بالعديد من الخصائص، ومما دل على أهمية يوم الجمعة وعِظم فضله؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر أنه خير الأيام، مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- والذي سبق ذكره، ويمكن بيان بعض خصائص يوم الجمعة فيما يأتي:[6]
- استحباب قراءة سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر من يوم الجمعة: فقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ بسورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر من يوم الجمعة، مصداقاً لما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في الجُمُعَةِ في صَلاةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وهلْ أتَى علَى الإنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)،[7] ويُرجّح أن سبب اختيار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للسورتين يرجع إلى اشتمالهما على خلق آدم، وذكر يوم القيامة والحساب، وذلك كله يوم الجمعة، بالإضافة إلى احتوائها على ما كان وما يكون يومها.
- كثرة الصلاة على النبي: حيث يُستحب كثرة الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة وليلتها، مصداقاً لما رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (أكثِروا الصَّلاةَ عليَّ يومَ الجمُعةِ و ليلةَ الجمُعةِ، فمَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليهِ عَشرًا)،[8] بالإضافة إلى ما رواه أوس بن أبي أوس -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(إن من أفضلِ أيامكُم يومُ الجمعةِ، فأكثرُوا عليَّ من الصلاةِ فيه، فإن صلاتكُم معروضةٌ عليّ).[9]
- فيه ساعة يُستجاب فيها الدعاء: فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر يوم الجمعة فقال: (فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهو يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ شيئًا، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ).[10][11]
خصائص صلاة الجمعة
ميّز الله -تعالى- يوم الجمعة عن باقي أيام الأسبوع بأن جعله عيداً للمسلمين، وجعل لهذا اليوم العظيم العديد من الميزات، ومنها أن الله -تعالى- فرض فيه صلاة الجمعة، ولهذه الصلاة العظيمة عدد من الخصائص، ومنها:[12]
- الجماعة: من خصائص صلاة الجمعة أنها لا تصح إلا في جماعة، ولا يجوز للمسلم أن يؤديها بشكل منفرد، ومن الجدير بالذكر أن أهل العلم قد اختلفوا في أقل عدد تصح فيه صلاة الجمعة، حيث قال بعضهم أن أقل عدد تتم فيه الجماعة لصلاة الجمعة هو أربعون رجلاً، وقال بعضهم الآخر أن الجماعة تنعقد باثني عشر رجلاً، لأن الصحابة -رضي الله عنهم- الذين انفضوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رأوا التجارة، بقي منهم اثنا عشر رجلاً، ومنهم من قال يكفي ثلاثة رجال لإقامة الجمعة.
- الوقت: إذ لا تصح صلاة الجمعة إلا في وقتها، وقد بيّن العلماء أن من شروط صحة صلاة الجمعة الوقت، فلا يصح أدائها قبل الوقت ولا بعده، إلا في حال النوم أو النسيان، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نامَ عن صلاةٍ أو نسيَها فليصلِّها إذا ذَكرَها).[13]
- أدائها في الأوطان: لا تتم صلاة الجمعة إلا في الأوطان، بينما تصح باقي الصلوات في أي مكان، فقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يقيم الجمعة أثناء سفره، مما يدل على أنها ليست واجبة على المسافر.
- عدم جمعها مع صلاة العصر: من خصائص صلاة الجمعة أنها لا تُجمع مع الصلاة التي تليها وهي صلاة العصر، وذلك بسبب عدم ورود دليل على جمع النبي -عليه الصلاة والسلام- لصلاة الجمعة مع العصر.
آداب يوم الجمعة
هناك العديد من الآداب التي ينبغي للمسلم المحافظة عليها يوم الجمعة، ويمكن ذكر بعضها فيما يأتي:[14]
- الاغتسال: حيث إن غسل الجمعة واجب على كل مسلم بالغ، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الغُسْلُ يَومَ الجُمُعَةِ واجِبٌ علَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ)،[15] ولذلك فإن كل من يترك غسل الجمعة يعد آثماً، إلا عند الضرورة.
- التطيب ودهن الشعر: يُستحب التطيب يوم الجمعة باستخدام البخور، أو الطيب، أو أي نوع من أنواع العطور، بالإضافة إلى دهن الرأس والشعر، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى).[16]
- لبس أحسن الثياب: حيث إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرتدي أحسن الثياب في صلاة الجمعة وعند استقبال الوفود.
- عدم حلق اللحية: فقد يظن البعض أن حلق اللحية من كمال النظافة، فيحلق لحيته قبل الذهاب إلى صلاة الجمعة، وفي الحقيقة أن حلق اللحية معصية، مصداقاً لما رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (جُزُّوا الشَّوارِبَ، وأَرْخُوا اللِّحَى، خالِفُوا المَجُوسَ).[17]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى شعائر في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 32.
- ^ أ ب الشيخ عبدالله المؤدب البدروشي (6-2-2010)، "تعظيم شعائر الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 854، صحيح.
- ↑ "من خصائص يوم الجمعة"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 891، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1209، صحيح.
- ↑ رواه النووي، في المجموع، عن أوس بن أبي أوس، الصفحة أو الرقم: 4/548، إسناده صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 852، صحيح.
- ↑ "فضائل يوم الجمعة"، www.islamqa.info، 14-10-2002، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
- ↑ "خصائص صلاة الجمعة ويوم الجمعة "، www.ar.islamway.net، 2007-10-18، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 23/90.
- ↑ محمد حسن يوسف، "آداب يوم الجمعة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 880، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 883، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 260، صحيح.