-

ما هو عدد الأنبياء

ما هو عدد الأنبياء
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

اصطفاء الأنبياء وحاجة البشر إليهم

خلق الله -تعالى- الإنسان وجعل له القدرة على استكشاف الأمور من حوله، وفهم بعض الحاجات المادية التي ترتبط بقدرته على العيش والتواصل مع من حوله، لكنّ هذه القدرة لم تكن تكفي وحدها ليدرك الإنسان الغاية من خلقه ووجوده على هذه الأرض، وقد علم الله طبيعة الإنسان وعجزه عن فهم الغاية التي خُلق من أجلها، فالله خلق الإنسان ليتوجّه إليه بالعبادة والتوحيد وجوباً، فقد أرسل إليه رُسلاً وأنبياءً معلّمين مفهّمين، مبشّرين ومنذرين له بأوامر ربّه ونواهيه، حيث اقتضت طريقة التواصل التي شرعها الله -تعالى- بينه وبين خلقه بواسطة الملائكة المخلوقين بطبيعةٍ مختلفةٍ عن البشر، فكان لا بدّ لمن يستقبل هذا المَلك المُرسل أن يكون ذو طبيعةٍ مختلفةٍ قليلاً عن البشر، حتى يستطيع أن يتواصل مع المخلوقات المختلفة بكُنهها وطبيعتها، لذلك اقتضت حكمة الله -تعالى- أن يصطفي من البشر أنبياء ومرسلين، ويعدّهم إعداداً خاصّاً على عينه ليستطيعوا التواصل مع الملائكة الكرام، المنزّلين بشرع الله ورسالته.[1]

شاء الله -تعالى- أن تكون حلقة الوصل بين الله تعالى والبشر جميعاً رُسُلاً يختارهم لأجل تلك الغاية العظيمة، ولقد اقتضت حكمة الله -سبحانه- أن يكون هذا النبيّ متمتعاً بكافة الصفات التي يمتلكها أي بشرٍ من جنسه كأن يأكل ويشرب ويتناسل، ويفرح ويحزن ويحيا ويموت؛ لأنّ النبيّ إن كان من البشر أنفسهم فإنّه أقدر على قيادتهم وتوجيههم التوجيه الصحيح، ويكون بذلك قدوةً لهم، كما أنّه من الصعوبة على البشر رؤية الملائكة بسبب اختلاف طبيعتهم عن طبيعة البشر، فلا يستطيع أيّ إنسانٍ رؤية الملائكة، وبذلك يتعذّر كثيرٌ من التواصل بينهما في حال كان النبي ملَكاً، كما أنّ الرسول يأتي لقومه بتكاليفٍ وشرائعٍ عليهم تطبيق بعضها والانتهاء عن بعضها الآخر، فإن كان النبي ملَكاً فإنّ بعض البشر قد يتعذّر بصعوبة هذه الأوامر وعدم قدرته على تطبيقها، بخلاف إن كان النبي بشراً يؤدي ما يؤدّي قومه من أوامرٍ، وينتهي عمّا ينهاهم عنه، ولذلك كان من حكمته -سبحانه- أن يصطفي رسله من البشر لا من الملائكة.[1]

عدد الأنبياء

ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- العديد من الأحاديث حول عدد الأنبياء والمرسلين، ويرى بعض العلماء أنّ إمكانية تحديد عدد الأنبياء على وجه الدقة غير ممكنٍ؛ لأنّ الأحاديث الواردة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- متعدّدةٌ ومختلفةٌ، وتتراوح درجة صحّتها لتصل إلى الضعيف، حيث اتجه بعض العلماء المتأخرين إلى تحسين بعضها كالألبانيّ، إلّا أنّ الصواب أنّها ضعيفةٌ، باستثناء أشهر ما ورد حول هذا الموضوع ممّا نقله ابن تيمية وهو الحديث الذي يرويه أبو ذر -رضي الله عنه- فيقول: (قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفاً، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ جمّاً غفيراً)،[2] ويخاطب الله -تعالى- نبيّه في كتابه الكريم فيقول: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا*وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)،[3] ولذلك كان من الصعوبة إعطاء عددٍ دقيقٍ للأنبياء والمرسلين عموماً.[4][5]

الأنبياء والرسل الوارد ذكرهم في القرآن والسنّة

بالرغم من عدم إمكانيّة حصر أعداد الأنبياء والمرسلين إلّا أنّ هناك ذكرٌ لأسماء وبعض قصص الأنبياء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فالله -تعالى- ذكر في كتابه الكريم خمساً وعشرين نبيّاً، هم: آدم، ونوح، ولوط، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وإدريس، وموسى، وعيسى، وأيوب، ويونس، وذو الكفل عند كثيرٍ من المفسّرين، وشعيب، وهود، وإلياس، واليسع، ويوسف، وهارون، وداود، وسليمان، ويحيى، وزكريا، وصالح، وإبراهيم عليهم السلام جميعاً، ومحمداً صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال الله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ*وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ*وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ).[6][5]

ولقد ورد في القرآن الكريم أسماءٌ لأشخاصٍ اختلف العلماء في كونهم رجالاً صالحين أم أنبياءً، أوّلهم الخضر الوارد ذكره في سورة الكهف، وقد ذكر بعض العلماء أنّه نبيٌّ مستدلّين على ذلك بقوله تعالى: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)،[7] كما قال أيضاً: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا)،[8] فقيل إنّ المقصود بالعلم علم الوحي، والرحمة أنّها رحمة النبوّة، وقد اختُلف أيضاً بذي القرنين وتبّع، إلّا أنّ الأفضل عدم البحث فيهما لحديثٍ ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال فيه: (ما أدري أَتُبَّعُ أنَبيّاً كان أم لا؟ وما أَدري ذا القَرنينِ أَنبيّاً كانَ أم لا).[9][4]

وهناك من ورد الحديث عنه في السنة النبويّة، وهو شيث الذي ذكر النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- أنّه تنزّلت عليه صحفاً، حيث قال: (أُنزِل على شِيثَ خمسونَ صحيفةً)،[2] فقال عنه ابن كثير أنّه نبيٌّ بنصّ هذا الحديث الصحيح، وذكر أيضاً يوشع بن نون، وهو فتى موسى -عليه السلام- الذي كتب الله -تعالى- فتح بيت المقدس على يديه، مع اليهود بعد تشتتهم وتيههم في الأرض أربعين سنةً، فذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديثٍ له أن نبيّاً من الأنبياء غزا، حتى وصل إلى قوله: (فقال للشمسِ: أنتِ مأمورةٌ وأنا مأمورٌ، اللهم احبسْها علىّ شيئا فحبستْ عليهِ حتى فتحَ اللهُ عليهِ)،[10] وفي حديثٍ آخرٍ قال: (أن الشمسَ لم تُحبَس لبشرٍ إلا ليوشعَ بنِ نونٍ لياليَ سار إلى بيتِ المقدسِ)،[11] فبجمع الحديثين فهم العلماء أنّ يوشع نبيٌّ من أنبياء الله تعالى.[4]

المراجع

  1. ^ أ ب "الحاجة إلى الرسل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-8. بتصرّف.
  2. ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، صحيح.
  3. ↑ سورة النساء، آية: 163-164.
  4. ^ أ ب ت "عدد الأنبياء والرسل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-8. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "عدد الرسل والأنبياء"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-8. بتصرّف.
  6. ↑ سورة الأنعام، آية: 83-86.
  7. ↑ سورة الكهف، آية: 82.
  8. ↑ سورة الكهف، آية: 65.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5524، صحيح.
  10. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1747، صحيح.
  11. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في فتح الباري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 255/6، صحيح.