المحافظة على الصلاة في وقتها
مكانة الصلاة في الإسلام
عظّم الإسلام شأن الصلاة وأعلى مكانتها، فهي أعظم ركنٍ من أركان الإسلام بعد الشهادتين، فأركان الإسلام كما رواها ابن عمر عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هي: (شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)،[1] وبالصلاة يفرّق بين المسلم والكافر يوم القيامة، وهي الحاجز التي تمنع صاحبها من الوقوع في المعاصي وتنهاه عن الفحشاء والمنكر، وحين كان رسول الله في سكرات الموت أوصى بالصلاة، فقال: (الصلاةَ الصلاةَ وما ملكت أيمانُكم)،[2] وهي كفّارةٌ للذنوب، ونورٌ للعبد، وبها يبلغ مرتبة الصديقين والشهداء، ومن أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى- أداء الصلاة في وقتها، وأداؤها ينبغي أن يكون في المسجد، وممّا جاء في ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (أثقلُ الصلاةِ على المنافقين صلاةُ العشاءِ، وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوْهما ولو حَبْواً، ولقد هممتُ أن آمرَ بالصلاةِ فتقام، ثم آمر رجلاً فيُصلِّي بالناس، ثم أنطلِقُ معي برجالٍ معهم حِزَمٌ من حطبٍ، إلى قومٍ لا يَشهدون الصلاةَ فأُحَرِّقُ عليهم بيوتَهم بالنَّارِ)،[3] ومن السبعة الذين يظلّهم الله تعالى في ظله يوم لا ظلّ إلّا ظله، رجلٌ قلبه معلّقٌ بالمساجد، فالمساجد هي بيوت الله من دخلها فقد جاء ضيفاً على الله، وذلك بما يحصل له من الاطمئنان والسعادة والراحة في الدنيا، وبالنعيم والكرامة في الآخرة.[4]
المحافظة على الصلاة في وقتها
وعد الله -تعالى- من حافظ على الصلاة بالفوز والفلاح، ووعد من ضيعها بالخزي والعار ونار جهنّم وبئس القرار، فقد دعا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الناس إلى عبادة الله والمحافظة على الصلاة، فمن تقوى الله امتثال ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، ومن الأمور التي عظّمها الله الصلاة، فمن عظّمها فقد عظّم الله، كما حذّر من تأخيرها والتكاسل عنها، فمن تركها عامداً فقد كفر، ومن أخّرها عن وقتها دلّ ذلك على نفاقه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ العهدَ الَّذي بيْنَنا وبيْنَهم الصَّلاةُ فمَن ترَكها فقد كفَر)،[5] ووصف المنافقين بأنّهم لا يأتون الصلاة إلّا وهم كُسالى، وأنّ مصيرهم الدرك الأسفل من النار، فمن حفظها في وقتها فقد حفظ دينه، ومن ضيّعها كان تضييعه لما سواها سهلاً يسيراً، وهي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن كانت صلاته صالحةً فقد نجا وأفلح، وإن كانت فاسدةً فقد خاب وخسر، وقد أمر الله نبيه بإقامة الصلاة جماعةً حتى وهو في قتال العدو في الحرب، وعلّمه كيفيتها في مثل هذه الحالة، فالأولى في غير حالات القتال أداء الصلاة على وقتها، وقد رُوي عن عبد الله بن مسعود، أنّه قال: (من سرَّه أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس، حيث ينادى بهن فإن الله -تعالى- شرع لنبيكم سنن الهُدى وأنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النّفاق أو مريض، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف).[6][7]
أهمية الصلاة والحكمة من مشروعيتها
تعدّ الصلاة من الفروض التي لا تسقط عن المسلم بأي حالٍ من الأحوال، بخلاف غيرها كالزكاة مثلاً التي تسقط إن لم تحقّق جميع شروطها، والصيام الذي يسقط بالمرض، أمّا الصلاة فلا يُمكن لها أن تسقط بأي حالٍ، فتجب على الصحيح والمريض، والمسافر والمقيم، وفي حال السلم والحرب، وجميع الأحوال ما دام العقل حاضراً، فبوجود العقل لا تسقط الصلاة حتى لو كانت الطهارة معجوزٌ عنها، أو قد عجز عن استقبال القبلة،[8] وقد فرض الله على عباده الصلوات الخمس لحكمٍ وأسرارٍ عظيمةٍ، وجعل هذه الصلوات كفارةً لما بينها من صغائر الذنوب والمعاصي، فالله -عزّ وجلّ- لم يأمر بالعبادات من أجل احتياجه إليها، وإنّما لقيام مصالح العباد الدينية والدنيوية عليها، ففي العبادات صلاح العباد والمجتمعات والأجساد والقلوب، وإن صلحت القلوب فقد صلحت الأبدان، والعباد محتاجون لخالقهم في كلّ طرفة عين، وقد أوجب الله عليهم ما يقرّبهم منه ويجعل صلتهم به على الدوام، فيأتي العبد إلى خالقه مطهّراً باطنه وظاهره، يتوجّه إليه بوجهته ولا يلتفت عنه بقلبه، يتلو آياته ويدعوه، ويتدبّر كلّ ما يقول فتراه يمرّ عن آيات الجنة ونعيمها فيسأل الله إياها، ويمرّ عن آيات النار وعذابها فيستعيذ بالله منها، ويتعظ من قصص الأقوام ويعتبر بها، ثمّ ينحني بركوعه معظماً لله تعالى بجسده وقلبه، مستجيباً لأمر ربه حين قال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)،[9] قائلاً: سبحان ربي العظيم، ثمّ يقوم من ركوعه حامداً الله بما يستحقّ من الحمد والشكر، ثمّ يخر ساجداً بأعضائه العليا والشريفة فيجعلها كلّها على الأرض، لا يفارق الأرض منها شيئاً، ويقول: سبحان ربي الأعلى، مع استحضاره الله الذي تنه عن السفليّة، وفي السجود يدعو بما أحبّ من الدعاء، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (وأما السجودُ فاجتهدوا في الدعاءِ فقَمِنٌ أن يستجابَ لكم)،[10] أي؛ حريّ أن يُستجاب لكم، وبعد ذلك يجلس خاضعاً لله ويديه على فخذيه، ويقول التشهد والصلاة الإبراهيمية، ثمّ يستعيذ بالله من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، ومن عذاب القبر ويدعو بما يشاء أيضاً، ويسلمّ عن يمينه وشماله، وبهذا يخرج من الصلاة وقد امتلأ قلبه نوراً وانشراحاً.[11]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ رواه ابن جرير الطبري، في مسند علي، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 166، إسناده صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 133، صحيح.
- ↑ أمين الشقاوي (30-1-2010)، "الصلاة ومكانتها في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن بريدة، الصفحة أو الرقم: 1454، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 654، صحيح.
- ↑ عبد العزيز العقيل (14-7-2013)، "في الحث على الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2018. بتصرّف.
- ↑ عبدالله الزاحم (26-7-2014)، "أهمية الصلاة "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 77.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 479، صحيح.
- ↑ محمد العثيمين (28-4-2007)، "الصلاة وحكمة تشريعها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف.