حكم طواف القدوم
طواف القدوم
هو أحد أنواع الطواف حول الكعبة المشرّفة، وله عدة أسماءٍ، منها: طواف القادم، طواف الورود، طواف الوارد، طواف التحيّة، طواف اللقاء؛ وذلك لأنّ هذا الطواف قد شُرع للقادم إلى مكة المكرمة من غير مكة؛ أي من خارجها، تحيّةً للبيت؛ وبالتالي فإنّه يُستحب أن يُبدأ به فور الوصول، ودون تأخيرٍ.[1]
حكم طواف القدوم
عن عائشة رضي الله عنها: (أنَّ أولَ شيءٍ بدأ به حين قدم مكةَ أنه توضأ، ثم طاف بالبيت)،[2] فالأصل في طواف القدوم هو فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكنّ الفقهاء اختلفوا في حكمه إلى عدّة آراءٍ، وفيما يأتي بيان ذلك:[1]
- الرأي الأول: هو سنّةٌ للقادم من خارج مكة، وهو قول الحنفية، والحنابلة، والشافعية، حيث إنّهم يرون أنّ المقصود من هذا الطواف هو التحيّة، فأصبح شبيهاً بتحية المسجد، وبالتالي فهو سنّةٌ، إلّا أنّ الشافعية لم يقيّدوا سنيّة الطواف بالإحرام، فطواف القدوم سنّةً عندهم، سواءً للمحرم، أو غير المُحرم.
- الرأي الثاني: وجوب الطواف، ومن تركه فقد لزمه دم، وهو قول المالكية، وقد استدلّوا على ذلك من خلال حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (خُذُوا عَنِّي مناسكَكم).[3]
وقت طواف القدوم
يبدأ وقت طواف القدوم من حين الدخول إلى مكة المكرمة، ومن المستحبّ أن يبادر المسلم لأدائه مباشرةً؛ وذلك لتحقق معنى التحيّة للبيت العتيق فيه، أمّا آخر وقته، فهو الوقوف بعرفة عند الجمهور، وذلك بالنسبة للحاجّ؛ لأنّه بعد الوقوف بعرفة سينتقل إلى طواف الزيارة.[1]
كيفية طواف القدوم
ولهذا الطواف كيفية، يقوم بها المسلم إن أقدم على فعله، وفيما يأتي بيان ذلك:[4]
- لا يصحّ الطواف إلّا بأن يكون حول الكعبة المشرّفة، وأن يكون داخل المسجد، وأن يكون من وراء الحِجر، وإذا كان للطواف وقت ففي وقته المحدد كطواف الإفاضة.
- يجب على المسلم ستر عورته، والحفاظ على طهارته أثناء الطواف، وهما شرطان لصحّة الطواف، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (وأن لا يَحُجَّ بعدَ العامِ مُشركٌ، ولا يَطوفَ بالبَيتِ عُريانُ).[5]
- يبدأ الطائف طوافه من الحجر الأسود، فيستلمه، وإن استطاع أن يقبّله فليفعل؛ طاعةً لله تعالى، وتعظيماً له، لا للحجر، فإن لم يستطع فإنّه يشير إليه، ويقول إذا استلمه: (بسم الله والله أكبر)، وإن شاء قال: (اللَّهمَ إيماناً بك وتصديقاً بكِتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنَة نبيِك محمد صلَّى الله عليه وسلّم).
- يطوف سبعة أشواطٍ، مبتدئاً بالحجر الأسود، ومنتهياً إليه، وبذلك يكون قد أتمّ شوطاً واحداً، ويستمرّ على هذا الأمر، حتى إنهاء السبعة أشواط، ويستحب للطائف أن يُكثر من ذكر الله، وتلبيته، ودعائه أثناء الطواف.
- يُستحب للطائف في طواف القدوم الاضطباع والرّمَل، والاضطباع هو إخراج الكتف الأيسر في الإحرام، أمّا الرمل فهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وتحريك المنكبين، وهذا الإسراع مستحبٌ في أول ثلاثة أشواطٍ من الطواف، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا طافَ الطوافَ الأولَ خَبَّ ثلاثاً ومشى أربعاً).[6]
- إذا أنهى الطائف طوافه، فإنّه يُستحب له أن يصلّي خلف مقام النبي إبراهيم -عليه السلام- ركعتين، مع الحرص على عدم مضايقة الآخرين، أو مزاحمتهم، حتى لا يتأذّى، ولا يؤذي غيره.
الطواف
الطواف ببيت الله الحرام شعيرةٌ من شعائر المناسك، وقد شرعه الله -تعالى- في الحج والعمرة، واختصّ به الله -تعالى- الكعبة دون غيرها، فقد أمر إبراهيم -عليه السلام- ببنائها، وتطهيرها من أجل ذلك، حيث قال الله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)،[7] فنُسب البيت إلى الله تعالى، فمن طاف حول الكعبة كان موحداً لله، طائفاً ببيته، ومن طاف حول غيرها، فقد أشرك به، وكفى للمسلم فضلاً وشرفاً أن يطوف ببيت الله تعالى، ملبّياً، وذاكراً له، مستسلماً لأمره، فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّما جُعل الطوافُ بالبيتِ، وبينَ الصفا و المروةِ ورميِ الجمارِ: لإقامةِ ذكرِ اللهِ)،[8] وهذه هي علّة مشروعية الطواف، والذي يُعتبر من أفضل النوافل والقربات لمن كان قادماً إلى مكة المكرمة.[4]
أقسام الناس إزاء الطواف
الناس إزاء الطواف حول الكعبة المشرّفة منقسمين إلى ثلاثة أقسامٍ، وهي:[4]
- منهم من أنكر الطواف، وقد أنكروه إمّا جهلاً منهم، أو استكباراً، فقد اعتبروا الطواف من عادات الوثنية، وهؤلاء هم نفسهم منكري التوحيد، والذين لا يؤمنون بدين الإسلام.
- قسمٌ يطوفون بالكعبة، ويطوفون بغيرها، ممّا لا يجوز الطواف به، مثل: الأضرحة، والقبور، ونحوهما، فهؤلاء خلطوا توحيدهم لله -تعالى- بشركٍ حين طافوا بما لا يجوز الطواف به.
- قسم يطوفون بالبيت الحرام، وتركوا الطواف بغيره، فقد هداهم الله لتوحيده، وأبعدهم عن الشرك به، فامتثلوا لأمره، وخضعوا له، وهؤلاء هم أكثر أهل الإسلام.
أنواع الطواف
أمّا بالنسبة لأنواع الطواف، فهي عديدةٌ، منها ما هو متعلّقٌ بالعمرة، ومنها ما هو متعلقٌ بالحجّ، وفيما يأتي بيان ذلك:[9]
- طواف العمرة: ليس في العمرة إلّا طوافاً واحداً، وهو ركنٌ من أركانها.
- طواف الحجّ: أمّا في الحج، فهناك ثلاثة أنواعٍ من الطواف، أولها: طواف القدوم، فهو للقادم إلى مكة المكرمة، وثانيها: طواف الإفاضة، ويسمّى كذلك طواف الزيارة، أو طواف الحج، وهو ركنٌ من أركان الحج، وثالثها: طواف الوداع، وهو للمغادر من مكة المكرمة.
المراجع
- ^ أ ب ت "الموسوعة الفقهية الكويتية"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-10-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1235، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 7882، صحيح.
- ^ أ ب ت إبراهيم بن محمد الحقيل (15-9-2015)، "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-10-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4655، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1644، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية: 26.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2574، صحيح.
- ↑ "أنواع الطواف وحكم كل نوع"، www.islamweb.net، 27-3-2000، اطّلع عليه بتاريخ 23-10-2018. بتصرّف.