أثر الاستغفار في حياتي
الاستغفار
يعاني البعض منَا في كثيرٍ من الأحيان بضيقٍ في الصدر، وغصةٍ في القلب، وتتراكم الهموم والأحزان فوق رأسه، وتُغلِق الدنيا أبوابها في طريقه، ويظنّ أن الطريق مسدودٌ لا محالة، وأن الدنيا قد اسودّت في وجهه ولن تفرج عليه، فيدخل في دائرة الأحزان لاعتقاده أن الطريق مغلق، لكن لو علِم الإنسان فضل الاستغفار عليه لجَفّ لسانه من كثرة ترديده للاستغفار، فهو مفتاح الفرج، وبه يتغيّر الحال من عُسرٍ إلى يُسرٍ بأمر الله سبحانه وتعالى، وهو أفضل دواءٍ لإزالة الهمّ والغمّ من الصدور، وراحةٌ للعبد من شتات الفكر في العقول، وفيه سعادة الدنيا والآخرة، فكم من مسلمٍ تغيّر حاله إلى الأفضل بفضل الاستغفار.[1]
أثر الاستغفار في حياتي
إنَ من خير الأمور التي ينبغي على المسلم أن يُشغل بها لسانه هو الاستغفار؛ وذلك لما يعود عليه بفوائد عديدةٍ لا تُعدّ ولا تُحصى، فالمستغفر يطبّق ما أمره الله به، ويقتدي بسيّد ولد آدم خير مبعوثٍ للعالمين عليه أفضل الصلاة والسلام، حيث كان -عليه السلام- يُكثر من الاستغفار على الرغم من أنه غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومن الأمور التي تحصل للمستغفر أنه ينال المتاع الحسن ورغد العيش في الدنيا إلى يوم القيامة، ويُرسل الله عليه أمطار الخير، ويفتح عليه أبواب الرزق، ومن لَزِمَ الاستغفار سَهّل الله عليه أمره، ويَسَّر عليه رزقه، وحفظ عليه شأنه وقوّته، قال تعالى: (وَيا قَومِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُم وَلا تَتَوَلَّوا مُجرِمينَ)،[2] وكذلك ينال المستغفر إجابة الدعاء، فالله -سبحانه وتعالى- هو الرحيم بعبده المُنكسر التائب الذي أناب واستغفر من ذنبه، وعاد إليه بضعفه وقلّة حيلته، وأقبل عليه بالتوبة والعمل الصالح، قال تعالى: (وَاستَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ إِنَّ رَبّي رَحيمٌ وَدودٌ)،[3] وبالاستغفار يفيض علينا الله بكرمه، فيُنبت الزرع، ويُدرُّ لنا الضرع، ويرزقنا الأموال والبنين، ويرزقنا جنّات فيها ما تشتهيه الأنفس من أنواع الثمار والأنهار الجارية، والاستغفار هو الحصن لصاحبه من وقوع العقوبة أو المصائب عليه، فهو مانعٌ من العذاب، قال تعالى: (وَما كانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ).[4][5]
إن للاستغفار أثراً عجيباً على الإنسان، فيشعر بالراحة وانشراح الصدر، وبه تنفرج الهموم والكروب، وتُرفع الدرجات، وتُحطّ الخطيئات، فهو دواءٌ لكلّ ذنبٍ، فإذا شَعَر المسلم بذنبه، ووقف بين يدي ربّه، واستشعر عظمته، وانكسر قلبه لسوء فعلته، واستغفر لذنبه، فإنه يجد الله غفوراً رحيماً، وهذا دليلٌ على عِظم فوائد الاستغفار وكثرة ثمراته وتعدّد منافعه، وعن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما يروي عن ربه -عزَّ وجلَّ- أنَّه قال: (يا ابنَ آدمَ، إنَّك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ على ما كانَ منكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ، لوْ بلغتْ ذنوبُك عنانَ السماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ، لوْ أنَّك أتيتَني بقُرَابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشركْ بي شيئًا لأتيتُك بقرابِها مغفرةً)،[6][5] ويعود الاستغفار على صاحبه بالمنافع العديدة؛ منها زوال الوحشة التي بينه وبين ربّه، واستشعاره لصغره أمام خالقه وضعفه وحاجته إليه دائماً في كل وقتٍ وفي كل حين، فيستصغر كل شيء يراه في هذه الدنيا الزائلة، ويحمي نفسه من شياطين الإنس والجن، ويستشعر حلاوة الطاعات، وينشرح صدره بالإقبال عليها، ويَعُمّ في قلبه السكينة والوقار، وينال شرف محبّة الله له، وإذا أخذ الله أمانته تلقّته الملائكة بالبشرى من ربّه، وفي يوم القيامة عند اشتداد الحرّ يكون المستغفر في ظل العرش، ويكون يوم القيامة من أهل اليمين مع أولياء الله المتّقين بإذن الله سبحانه وتعالى.[7]
وهناك العديد من القصص في حياتنا لأُناسٍ تحقّقت مطالبهم بفضل الاستغفار، فكم من عقيمٍ عجز الأطبّاء عن علاجه فأكثر من الاستغفار في الصباح والمساء فرزقه الله بالبنين والبنات، وكم من معسرٍ ضاقت عليه دنياه تغيّر حاله بفضل الإكثار من الاستغفار، وكم من أسرةٍ كانت حياتهم مليئةً بالمشاكل الزوجية فيتصالح الزوجين مع بعضهم البعض بفضل الاستغفار بعد كل مشكلة، فالاستغفار هو الدواء لكل المشاكل، ولو التزمنا به لرأينا من الله الخير الكثير والفرج وطرد الهموم والأكدار.[8] وحتى يكون الاستغفار حقيقياً لا بد أن يوافقه الندم على المعصية و الإقلاع عنها، وقال العلماء عن الاستغفار بلا إقلاعٍ عن الذنب بأنه توبة الكاذبين، فعلى المستغفر أن يستغفر بلسانه، و يترك المعصية بجوارحه، ويقرّ في قلبه بعدم العودة إلى تلك المعصية، ويُقبل على الله بالطاعات حتى ينال مغفرة الله له، ويتحقّق في حياته الآثار الإيجابية للاستغفار، ولا بد للإنسان المسلم الالتزام به في كل وقتٍ وفي كل حينٍ حتى بعد الطاعة حتى يغفر الله له تقصيره فيها، وبعد المعصية كذلك حتى يغفر الله له سوء فعله.[9]
صيغ الاستغفار
إن للاستغفار صيغاً عديدةً، ولكنها تؤدّي إلى نفس المعنى؛ وهو طلب المغفرة من الله تعالى، وتعود على المستغفر بنفس الفوائد والآثار إذا وقعت مع حضور القلب والإقلاع عن الذنب، وأشهر صيغة للاستغفار هي أن يقول المسلم: (استغفر الله)، حيث كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكرّرها بعد كلّ صلاةٍ ثلاث مرات، وبإمكانه أن يقول في جميع الأوقات: اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي ذنوبي، استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللهم إني استغفرك وأتوب إليك... فكل هذه الصيغ جائزة، فعَنِ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- أنَّهُ كانَ يَدْعُو بهذا الدُّعَاءِ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وَجَهْلِي، وإسْرَافِي في أَمْرِي، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي جِدِّي وَهَزْلِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِير)،[10] وحثّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على دعاء سيد الاستغفار.[11]
المراجع
- ↑ أبو حاتم القاضي (11-10-2018)، "عشر ثمار لمن لزم الاستغفار"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية: 52.
- ↑ سورة هود، آية: 90.
- ↑ سورة الأنفال ، آية: 33.
- ^ أ ب عبده الذريبي (15-2-2011)، "فوائد وثمرات الاستغفار"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6047، صحيح.
- ↑ د.أحمد عرفة، "الاستغفار فضائله وفوائده"، www.saaid.net. بتصرّف.
- ↑ أم أريام، "طعم الاستغفار "، www.al-eman.com. بتصرّف.
- ↑ "عجائب الاستغفار"، www.almunajjid.com. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 2719، صحيح.
- ↑ "الاستغفار وكيفيته وعدده"، www.binbaz.org.sa. بتصرّف.