-

ثمرات قيام الليل

ثمرات قيام الليل
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصلاة

يغفل الكثير من المسلمين عن تحقيق آثار الصلاة، والعناية بحِكمها وأحكامها، وقد قال فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أرأيتُم لو أنَّ نهراً بباب أحدكُم يغتسلُ منه كُلَّ يومٍ خمس مرَّاتٍ، هل يبقَى من درنه شيءٌ؟ قالوا: لا يبقَى من درنه شيءٌ، قال: فذلك مثلُ الصَّلوات الخمس، يمحُو اللَّهُ بهنَّ الخطايا)،[1] وتعدّ الصلاة من أوائل ما فرضه الله -تعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وكان ذلك في أشرف مقام، وأعظم مكان، فكل ما فرضه الله على رسوله كان ينزل عليه إلا الصلاة، فقد رفع الله رسوله إليها، فأعطاه الخير الكثير حتى رضي ثم فرضها عليه، وهي باعتبار العمل خمس صلواتٍ، وباعتبار الأجر والثواب خمسون صلاة، والحسنة عند الله بعشر أمثالها، والله يضاعف لمن يشاء، فالصلاة من أكثر الفرائض التي ذُكرت في القرآن الكريم، حيث تُقدّم على غيرها؛ وما ذلك إلا لعظيم شأنها، فلا يقبل الله -تعالى- غيرها من العبادات إلا بها، فليس هناك عبادة حظيت بالمكانة التي حظيت بها الصلاة.[2]

فضل صلاة الليل

يعرّف قيام الليل بأنّه قضاء الليل في الصلاة أو في غيرها من العبادات، وقال ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ قيام الليل يتحقق بأداء صلاة العشاء في جماعة، والعزم على صلاة الصبح في جماعة، وقد رغّب الله -تعالى- بهذه العبادة العظيمة، وجعل لها الكثير من الفضائل، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الفضائل بشكلٍ مفصلٍ:[3]

  • قيام الليل من صفات عباد الرحمن والمؤمنين، وعلامة من علامات المتّقين، فمن اتصف به كان من المتقين النبلاء؛ لأنّه لا يقدر على قيام الليل إلا من وفّقه الله -تعالى- له، قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا* وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا).[4]
  • وعد الله -عزّ وجلّ- من يقوم الليل بالمنزلة العالية والمقام المحمود، وهذا دليل على ما يترتب على قيام الليل من الأجر العظيم.
  • إجابة الدعاء؛ ففي الليل ساعة لا يسأل فيها المسلم شيئاً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه.
  • بابٌ من أبواب الخير، ودليلٌ على شكر الله على نعمه، وفيه مغفرة للذنوب، ودخول الجنة.
  • أفضل صلاة بعد صلاة الفريضة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (أفضل الصّيام، بعد رمضان، شهر الله المُحرَّمُ، وأفضل الصَّلاة، بعد الفرِيضة، صلاةُ اللَّيل).[5]

وقت صلاة الليل وعدد ركعاتها

يبدأ وقت صلاة الليل من حين الانتهاء من صلاة العشاء، ويستمر حتى طلوع الفجر، ولكن الوقت الأفضل لهذه الصلاة هو الثلث الأخير من الليل؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- ينزل إلى السماء في الثلث الأخير كما رُوي في الحديث: (إذا مضى شطرُ اللَّيل، أو ثُلُثاهُ، ينزِلُ اللَّهُ تبارك وتعالى إلى السَّماء الدُّنيا، فيقول: هل من سائِلٍ يُعطى؟ هل من داعٍ يُستجابُ له؟ هل من مُستغفرٍ يُغفرُ له؟ حتَّى ينفجر الصُّبح)،[6] وفي أي وقت صلّى فيه المسلم فإنّه ينال الأجر والثواب بإذن الله تعالى، أمّا عدد ركعات صلاة الليل؛ فإنّ المسلم يصلّي ما يشاء من الركعات مثنى مثنى، ولو صلّى المسلم إحدى عشر ركعةً مع الوتر فهو أفضل، لأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فعل ذلك كما قالت سيدتنا عائشة رضي الله عنها.[7]

كيفية صلاة الليل

الأفضل في صلاة الليل أن تكون مثنى مثنى، كما قال رسول الله: (صلاةُ اللَّيل مثنى مثنى، فإذا خَشي أحدُكمُ الصُّبح، صلَّى ركعةً واحدةً تُوترُ له ما قد صلَّى)،[8] وأقل الوتر ركعة واحدة يصليها بعد صلاة العشاء، فإن أوتر بثلاث ركعات فالأفضل أن يسلّم بعد الركعتين ويأتي بواحدة، وإن أوتر بخمسة فيسلم بعد كل ركعتين ومن ثمّ يأتي بركعة واحدة، ويراعي في صلاته الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، فيخشع في صلاته ولا يتعجل فيها، فأن يصلي عدداً قليلاً من الركعات بخشوعٍ وطمأنينةٍ؛ خيرٌ له مما هو أكثر بلا خشوع.[9]

ثمرات قيام الليل

إنّ لقيام الليل فضائلٌ وفوائدٌ تعود على صاحبها بالنفع في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي بيانٌ لبعض فوائد وثمرات قيام الليل:[10]

  • إذا قام العبد ووضع قدميه لله عابداً خاشعاً، سهّل الله عليه يوم القيامة حين يقوم النّاس للحساب والجزاء، فمن كان مستريحاً في الدنيا كان متعباً هناك.
  • من يحرص على قيام الليل من الرجال؛ فإنّ الله يزوجه من الحور العين؛ تعويضاً له عما تركه من الفراش الوثير، والزوجة الحسنة، حين قام يتعبد لله تعالى.
  • الصحة في جسم القائم، وصفاء في روحه، وبهاء في وجهه.
  • الفتوحات الربانية، والتوفيقات الإلهية، فقد قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).[11]
  • جزاء الله -عزّ وجلّ- لهم بأنّه يمتعهم برؤية وجهه الكريم يوم القيامة، فقد قال الحسن البصري رحمه الله: "لو علم العابدون انهم لا يروا ربهم لذابوا".

الأسباب المعينة على قيام الليل

هناك العديد من الأسباب التي تُعين المسلم على قيام الليل، وفيما يأتي بيانٌ لبعض هذه المعينات بشكلٍ مفصلٍ:[12]

  • الإخلاص لله تعالى؛ حيث أمر الله -عزّ وجلّ- بإخلاص العمل له دون ما سواه، وكلما كان إخلاص العبد قوياً؛ كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات.
  • استشعار العبد قيمة دعوة الله -تعالى- له إلى قيام الليل، فإذا استشعر العبد أنّ الله يدعوه للقيام، وأنّ الله غنيٌ عن طاعة النّاس وعبادتهم، فإنّ ذلك يكون أدعى للاستجابة.
  • معرفة فضل قيام الليل، فإن عرف العبد فضل قيام الليل؛ حرص على مناجاة الله والوقوف بين يديه.
  • النظر في حال السلف الصالح، ومدى التزامهم وحرصهم على أداء هذه العبادة، فقد كانوا يتلذّذون بها، ويفرحون فرحاً شديداً بأدائها.

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 667، صحيح.
  2. ↑ أحمد الفقيهي (30-3-1430)، "حي على الصلاة "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-3-2019. بتصرّف.
  3. ↑ أحمد أبو عيد (1-7-2017)، "فضل قيام الليل (خطبة)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-3-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الفرقان، آية: 63-64.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 758، صحيح.
  7. ↑ "وقت صلاة والليل وعدد ركعاتها وهل يشترط ختمها بالوتر"، www.ar.islamway.net، 15-7-2003، اطّلع عليه بتاريخ 14-3-2019. بتصرّف.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 749، صحيح.
  9. ↑ "صفة صلاة الليل"، www.binbaz.org.sa. بتصرّف.
  10. ↑ وحيد بالي، الأمور الميسرة لقيام الليل، صفحة 56-57. بتصرّف.
  11. ↑ سورة العنكبوت، آية: 69.
  12. ↑ "الأسباب المعينة على قيام الليل"، www.islamqa.info، 16-12-2000، اطّلع عليه بتاريخ 14-3-2019. بتصرّف.