-

عدد الأنبياء والرسل عليهم السلام

عدد الأنبياء والرسل عليهم السلام
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الرسل والأنبياء

يُعرّف النبي لغةً على أنه صاحب النبوّة المخبر عن الله تعالى، حيث يصطفيه الله -عز وجل- من البشر ليوحي إليه بشريعة أو دين سواءً كُلّف بالابلاغ أم لا،[1] ويَكْمن الفرق بين الأنبياء والرسل -عليهم السلام- على القول المشهور بين العلماء في الأمر بالتبليغ، حيث إن الأنبياء -عليهم السلام- يُوحى إليهم بشريعة ولكن لا يؤمرون بتبليغ الناس، بينما يُوحى للرسل -عليهم السلام- ويؤمرون بتبليغ الناس، كما حصل في بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وموسى، وعيسى، وصالح، ونوح -عليهم الصلاة والسلام- جميعاً، وقد خالف هذا القول عدد من أهل العلم، حيث قالوا بأن الفرق بين النبي والرسول يكمن في أن النبي يُبعث بشريعة من سبقه من الرسل عليهم السلام، بينما يُبعث الرسول بشريعة جديدة، فموسى عليه السلام مثلاً بُعث بشرع جديد، وهو المنزل عليه في التوراة، ولذلك فهو رسول، ومن بُعثوا بعده لتبليغ التوراة فهم أنبياء.[2]

وعلى الرغم من اختلاف شرائع الأنبياء والرسل في الأحكام الفرعية، إلا أنهم جميعاً كانوا يدعون لدين واحد منذ بعثة آدم -عليه السلام- وحتى بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الإسلام، ولذلك فإن الإسلام يعظّم الأنبياء والرسل جميعاً، ويعرّف المسلمون على عِظم مكانتهم، ويحفظون لهم فضلهم، فقد ورد في القرآن الكريم الكثير من قصص الأنبياء، حيث بيّنت الآيات الكريمة أن همّ الأنبياء جميعاً وهدفهم كان واحداً، وهو إخراج الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ولم يأمر القرآن الكريم بالإيمان بنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- فحسب، بل أمر بالإيمان بجميع الأنبياء دون تفرقة بينهم.[3]

عدد الأنبياء والرّسل

بعث الله تعالى في كل أمة من الأمم السابقة رسولاً، مصداقاً لقوله عز وجل: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)،[4] حيث اقتضت حكمة الله -عز وجل- ورحمته ألا يعذب أحداً من خلقه إلا بعد أن يقيم عليهم الحجة عن طريق دعوة رسولهم، كما ورد في قول الله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا)،[5] ولذلك كان عدد الأنبياء والمرسلين كثير جداً، وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أعداد الأنبياء والرسل إجمالاً من غير تفصيل، حيث رُوي عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنه قال: (يا رسولَ اللهِ: كم المرسلونَ؟ قال: ثلاثُ مئةٍ وبضعةَ عشرَ، جمًّا غفيرًا).[6][7]

وفي رواية أخرى عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفًا، فقال: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ جمًّا غفيرًا)،[8] وينبغي الإشارة إلى عدم جواز الخوض في أسماء الأنبياء والرسل -عليهم السلام- وتفاصيل قصصهم إلا بدليل من القرآن الكريم أو ما ورد من أحاديث نبوية صحيحة، واجتناب الخوض في القصص والروايات التي ذُكرت في كتب بني إسرائيل، لا سيما أنها أخبار تحتمل الصدق والكذب، فما وافق القرآن الكريم والسنة النبوية نصدقه، وما خالفها نردّه ونكذبه.[7]

عدد الأنبياء والرّسل المذكورين في القرآن

يبلغ عدد الأنبياء والرسل الذين ذكرهم الله -تعالى- في القرآن الكريم خمسة وعشرين رسولاً ونبياً، وهم: آدم، ونوح، وصالح، وهود، وإدريس، ولوط، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وأيوب، وشعيب، ويوسف، وموسى، وعيسى، وهارون، ويونس، وداود، وسليمان، وإلياس، ويحيى، وزكريا، وذو الكفل، واليسع، ومحمد صلى الله عليهم وسلم جميعاً، وقد ورد ذكر ثمانية عشر منهم في موضع واحد في سورة الأنعام، حيث قال تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ* وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ* وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ).[9][10]

بينما ورد ذكر محمد، وذا الكفل، وإسماعيل، وشعيب، وصالح، وهود وآدم في مواضع متفرقة من القرآن الكريم، ومن هؤلاء الأنبياء والرسل أربعة من العرب؛ وهم محمد، وشعيب، وصالح، وهود عليهم الصلاة والسلام، مصداقاً لما رواه أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وأربعةٌ مِن العربِ: هودٌ وشعيبٌ وصالحٌ ونبيُّك محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)،[8] ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم قد أشار إلى نبوّة بعض الأنبياء من غير أن يصرح بأسمائهم؛ وهم الأسباط إخوة يوسف وأبناء يعقوب عليهما السلام، ويبلغ عددهم إحدى عشر رجلاً، حيث قال تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ).[11][10]

خصائص الأنبياء والرسل

اصطفى الله -تعالى- الأنبياء والرسل -عليهم السلام- من بين البشر، وميزهم بالعديد من الخصائص، ويمكن بيان بعض خصائص الأنبياء والرسل فيما يأتي:[12]

  • العصمة: حيث إن الله -تعالى- عصم الأنبياء والرسل من الضلال، والشرك، واتباع الأهواء، والزيغ، سواءً قبل بعثتهم أو بعدها، وعصمهم أيضاً في تحمّل الرسالة، حيث لا ينسون شيئاً من الوحي، وعصمهم في نقل الرسالة إلى الناس، فلا يزيدون عليها ولا ينقصون منها، ولا يحرّفون، ولا يبدّلون، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ).[13]
  • يقظة القلوب: فقد ميّز الله -تعالى- الأنبياء والرسل بيقظة القلوب أثناء نوم العيون، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إِنَّا معشرَ الأنبياءِ تنامُ أعيُنُنَا، ولَا تنامُ قلوبُنا).[14]
  • التخيير عند الموت: خص الله -تعالى- الأنبياء والرسل بالتخيير عند الموت، حيث يُخيّرون بين البقاء في الحياة الدنيا والموت، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما مِن نَبِيٍّ يَمْرَضُ إلَّا خُيِّرَ بيْنَ الدُّنْيَا والآخِرَةِ)،[15] فكان الأنبياء والرسل -عليهم السلام- يختارون لقاء ربهم ونعيم الجنة.
  • عدم أكل الأرض لأجسادهم، والحياة في القبور: فقد خص الله -تعالى- الأنبياء والرسل بأنهم أحياء في قبورهم، وأكرمهم بحفظ أجسادهم من البلى، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حرَّمَ علَى الأرضِ أجسادَ الأنبياءِ).[16]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى النبي في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2019. بتصرّف.
  2. ↑ "الفرق بين النبي والرسول"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2019. بتصرّف.
  3. ↑ أ.د. راغب السرجاني (2010/04/28)، "نظرة القرآن للرسل والأنبياء"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة النحل، آية: 36.
  5. ↑ سورة الإسراء، آية: 15.
  6. ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 5669، صحيح.
  7. ^ أ ب "عدد الأنبياء والرسل"، www.alukah.net، 2016/1/18 ، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2019. بتصرّف.
  8. ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، أخرجه في صحيحه.
  9. ↑ سورة الأنعام، آية: 83-86.
  10. ^ أ ب "الأنبياء والرسل المذكورون في القرآن"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2019. بتصرّف.
  11. ↑ سورة البقرة، آية: 136.
  12. ↑ سلمان بن فهد بن عبد الله العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 6-10. بتصرّف.
  13. ↑ سورة الحاقة، آية: 44-46.
  14. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عطاء وأنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2287، صحيح.
  15. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4586، صحيح.
  16. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أوس بن أبي أوس، الصفحة أو الرقم: 1047، صحيح.