دعاء للركوب طب 21 الشاملة

دعاء للركوب طب 21 الشاملة

دُعاء الرّكوب

يضع الإنسان المسلم نفسه في كلّ أمور الحياة بين يديّ الله عزّ وجلّ، فهو سُبحانه الحافظ لكلّ شيءٍ، وهو الّذي تُردّ إليهِ الأمور، وتصدر عنهُ العللُ، والأسبابُ، والأفعالُ، وهو سبحانه الّذي يقينا من الشرّ، ويسخّر لنا الخير، ويحفظنا حتى ننقلب إليه. وكان الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم - يدعو الله في كُلّ أمرٍ، فعلّم المسلمين ولقّنهم أن يكونوا بينَ يديّ الله، فما من توفيقٍ إلّا بإذنه، وأوجب عليهم الصّبر وترجّي الله في كلّ أمورهم، وأهمّها الأمور الغيبيّة التي لا يعلم الإنسان ما مصيرهُ فيها، والشّكر الدّائم، وحمدُ الله الحافظ المسخّر لكلّ شيءٍ، والآمر، والنّاهي، فالمؤمن قريبٌ من الله أينما حلّ يذكرهُ على لسانه، ويحفظه في نفسه وعقله وقلبه.

ومن الأدعية الكثيرة التي يجعل بها المؤمن نفسهُ بين يديّ الله تعالى دُعاء الرّكوب، ونصّه: روى مسلم في صحيحه عن ابْنَ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ- صلّى الله عليه وسلّم- كَانَ إِذَا اسْتَوَىَ عَلَىَ بَعِيرِهِ خَارِجاً إِلَىَ سَفَرٍ، كَبّرَ ثَلاَثاً، ثُمّ قَالَ: " سُبْحَانَ الّذِي سَخّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنّا إِلَىَ رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ. اللّهُمّ إِنّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرّ وَالتّقْوَىَ، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَىَ، اللّهُمّ هَوّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنّا بُعْدَهُ، اللّهُمّ أَنْتَ الصّاحِبُ فِي السّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالأَهْلِ ". وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنّ. وَزَادَ فِيهِنّ: " آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبّنَا حَامِدُونَ ". أمّا دُعاء نزول المكان، فهو ما رواه مسلم عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ". فهذا يقال في مكان نزله الإنسان في حضر أو سفر.

حُكم دعاء الركوب

من أهل العلم من ذهب إلى استحباب دُعاء الرّكوب عند الرّكوب عُموما سفراً أو حضراً. وممّن ذهب إلى ذلك سماحة الشّيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله، فقد سُئل: هل يلزم ركوب الدّابة قراءة دُعاء الرّكوب ؟ فأجاب رحمه الله: " ظاهر القرآن أنّ الإنسان كلّما ركب على البعير، أو السّيارة، أو السّفينة، أو القطار أن يقول:" سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ". وجاء في الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة ما نصه:" يُسنّ للرّاكب إذا استوى على دابّته أن يُكبّر ثلاثاً، ثمّ يقرأ:" سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ "، ويدعو بالدّعاء المأثور عن النّبي- صلّى الله عليه وسلّم- فعن علي بن ربيعة قال: شهدت عليّاً رضي الله عنه أُتي بدابةٍ ليركبها، فلمّا وضع رجله في الرّكاب قال: بسم الله، فلمّا استوى على ظهرها قال:" سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ". أمّا الرّكوب العاديّ في البلد أو في المصعد فلا أعلم في الأدلّة الشّرعية ما يدلّ على شرعية قراءة دعاء السفر. ومعلوم عند أهل العلم أنّ العبادات كلها توقيفيّة، لا يشرع منها إلا ما دلّ عليه الدّليل من الكتّاب، أو السُّنة، أو الإجماع الصّحيح.

شرح دعاء الركوب

دعاء المُقيم للمسافر

يُستحب لمن ودّع صاحباً له أراد السّفر، أن يقول له:" استودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك "، لما ثبت عنه -صلّى الله عليه وسلّم- كما في سُنن أبي داود وغيره، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْخَطْمِيِّ قَالَ :" كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ الْجَيْشَ قَالَ :" أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وَأَمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمْ ". وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : " وَدَّعَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ :" أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ "، رواه ابن ماجه . وأمّا دعاء المسافر للمقيم، ما رواه ابن السنيّ في " عمل اليوم والليلة "، عن موسى بن وردان، قال أبو هريرة:" ألا أُعلّمك كلماتٍ علّمنيهُنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؟ إذا أردت سفراً، أو تخرجُ مكاناً، تقول لأهلك: أستودعكم الله الذي لا يخيبُ ودائعه ".

الدّعاء خلال السّفر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذا سافر فركب راحلتهُ قال بإصبعه ـومدّ شُعبة إصبعه ـ قال: " اللّهم أنت الصّاحب في السّفر، والخليفة في الأهل، اللّهم اصحبنا بنصحك واقلبنا بذمّة، اللّهم ازدوِ لنا الأرض وهوِّن علينا السفر، اللّهم إني أعوذ بك من وعثاء السّفر، وكآبة المُنقلب ".

صلاة المسافر

النّساء/101 . وأمّا الفجر والمغرب فلا تُقصر الصّلاة فيهما إجماعاً. وقصر الصّلاة في السّفر أفضل من إتمامها، لمواظبة النّبي عليه السّلام على ذلك في جميع أسفاره، يقول عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:" صَحِبْتُ رَسُولَ الله -صلّى الله عليه وسلّم- في السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، وَقَدْ قَالَ الله تعالى:" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" "، رواه مسلم .

صيام المسافر

رَخّص الله عزّ وجلّ للمسافر في رمضان أن يُفطر ثمّ يقضي بعد انتهاء سفره، فقال جلّ وعلا: " فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ "، البقرة/184 . فإن صام ولا مشقّة تلحقه بذلك فصومه صحيح ويجزيه، لحديث أنس رضي الله عنه :" كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَلَمْ يَعِبْ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ وَلا المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ "، رواه البخاريّ ومسلم .

شروط الترخّص في السّفر

يشترط للترخّص بهذه الرّخص " القصر، والجمع، والفطر في رمضان " شرطان:

استجابة الدّعاء

تفيد الأحاديث الشّريفة أنّ عُموم السّفر، سواءً كان للطّاعة أو لأمورٍ مباحةٍ، فهو من أسباب إجابة الدّعاء، فقد روى التّرمذي وغيره أنّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال:" ثلاث دعواتٍ مستجاباتٌ لا شكّ فيهنّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده."، رواه التّرمذي . وذلك لأنّ السفر كله مظنّةٌ لحصول انكسار في النّفس، وتحملٌ للمشاقّ، قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم عند شرحه لقوله -صلّى الله عليه وسلّم- " ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ "، قال: "هَذَا الْكَلَامُ أَشَارَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى آدَابِ الدُّعَاءِ، وَإِلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي تَقْتَضِي إِجَابَتَهُ، وَإِلَى مَا يَمْنَعُ مِنْ إِجَابَتِهِ، فَذَكَرَ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَقْتَضِي إِجَابَةَ الدُّعَاءِ أَرْبَعَةً: أَحَدُهَا: إِطَالَةُ السَّفَرِ، وَالسَّفَرُ بِمُجَرَّدِهِ يَقْتَضِي إِجَابَةَ الدُّعَاءِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:" ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِه "، خرّجه أبو داود وابن ماجه والتّرمذي .