يُعتبر الشّعر من أقدم الوسائل الأدبيّة في التّعبير؛ ففيه يعبر الشّاعر عن أحاسيسه وانفعالاته وأفكاره، وقد برز العديد من الشّعراء العرب والمسلمين في هذا المجال، وقد كان الشّعر له سمات خاصة في كل عصر من العصور، ولكل شاعر سمات خاصة به ، ومن أبرز الشّعراء العرب الشّاعر العباسي أبو الطيب المتنبي الذي سنتحدث عنه في هذا المقال.[1]
هو أبو الطّيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصّمد المشهور بلقب المتنبي، وهو أحد شعراء العرب ومفاخرهم، وقد ولد عام 303 للهجرة في الكوفة في منطقة تسمى كندة وينسب إليها، وقد كانت نشأته في الشّام، وانتقل إلى البادية لطلب الأدب وعلوم اللغة العربيّة،[2] فالمتتبع لحياة المتنبي يرى أنها تقسم إلى أربع مراحل كالآتي:[3]
سمّي المتنبي بهذا الاسم لعدة أسباب، منها ما يأتي:[4]
اتصف أبو الطّيب المتنبي بالشّجاعة والطّموح والكبرياء وحب المغامرات، وقد كان ذكياّ مفتخراً بنفسه ومعتزاً بعروبته، ويعتبر المتنبي صاحب الحكم البالغة والأمثال السّائرة، فقد كان مبتكراً للمعاني، لذلك كان محط أنظار الأمراء والحكام؛ فموهبته الشّعرية وأحاسيسه قد جعلته شاعراً عذباً ذا أحاسيس جميلة، وهذا ما بدا جليّاً في قصائده التي ألفها.[6]
يبرز شعر المتنبي صورة واضحة عن حياته، فقد كان يتحدث عن الأحداث التي جرت في عصره من اضطرابات وثورات، وكان يهتم بالمعنى ويصوغ شعره بإبداع، وقد خرج بشعره عن طريقة العرب المخصوصة وعن قيود أبي تمام في الشّعر، لذا يعتبر إمام الطّريقة الإبداعيّة الخاصة بالشّعر العربي، وقد بقي شعر أبي الطيب المتنبي مصدراً ملهماً للشعراء من بعده، ففي شعره نجد قوةً وأحاسيسَ وصدقاً وشاعريّةً، وفي شعره تتنوع الموضوعات، فقد كان من شعره ما يتحدث عن نوائب الدهر، ومنها ما تحدث عن الحب ووداع الأحبة والفراق، إضافة إلى فخره بنفسه حيث قال في ذلك:[4]
فيما يأتي أبرز مطالع قصائد أبي الطّيب المتنبي:[7][8]
كان أبو الطيب المتنبي يعلم عن أفضال سيف الدولة، لذا ذهب إليه وقدم إليه عرضاً؛ وهو أن يمدحه دون أن يقف أمامه كما يفعل الشّعراء الآخرون، فقبل سيف الدولة هذا العرض، وأعطاه مكافآت كثيرة على قصائده، وأصبح المتنبي مقرباً من سيف الدولة الحمداني واستمرت علاقتهما مدة تقارب التّسع سنوات إلى أن جفا سيف الدولة في معاملته للمتنبي لأسباب لم تُعرف، على الرغم من أن البعض قد تحدث عن أن السّبب في ذلك هو رثاء المتنبي لشقيقة الحمداني التي كان يحبها المتنبي، ومن بعدها خرج المتنبي من مصر، وكان من أشهر ما قاله عن سيف الدولة الأبيات الآتية:[4]
بعد ابتعاد المتنبي عن سيف الدولة الحمداني اتجه نحو "أبي المسك كافور الإخشيدي"، وعلى الرّغم من أنه لم يكن يحبه فقد نظم شعراً في مديحه، وكان شعره مبطناً بالهجاء له وبمديح سيف الدولة الحمداني، إلا أنّ حَذَرَ كافور وكثرة وشاة المتنبي لم يجعل المتنبي يحصل على مبتغاه، فهجا المتنبي كافور وحاشيته بقوله:[4]
انتقل المتنبي إلى بلاد فارس قاصداً عضد الدولة ليمدحه، ومن بعدها خرج نحو بغداد مع ابنه وغلامه، ولم يقبل المتنبي بوجود رجال لحمايته من اللصوص، فهاجمه فاتك بن جهل الأسدي وأعوانه، فقاتل المتنبي حتى قتل مع ابنه، ويُذكر أن المتنبي حاول الفرار، فقال له الغلام (لا يتحدث النّاس عنك بالفرار وأنت القائل: الخيل، والليل، والبيداء تعرفني، والسيف، والرمح، والقرطاس، والقلم) فقال له المتنبي: قتلتني قتلك الله. ثم رجع فقاتل حتى قُتل.[4]