-

نبذة عن عمر بن الخطاب

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصحابة رضي الله عنهم

الصحابة مفردها صحابي، وهو مشتقٌ من الصحبة، وتُعرّف الصحبة لغةً على أنها مقارنة الشيء ومقاربته، ومنها أصحب فلان بمعنى انقاد، وكل شيء لاءم شيئاً فقد استصحبه، وأصحبت الناقة بمعنى انقادت واسترسلت وتبعت صاحبها، وقد أجمع أهل اللغة على أن الصحبة لغةً لا تستلزم طول المدة لإطلاقها، بل يصحّ إطلاقها على كل من صحب غيره بغض النظر عن مدّة الصحبة،[1] وأما اصطلاحاً فيُعرّف الصحابي بأنه من لقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مؤمناً به ومات على ذلك،[2] ومن الجدير بالذكر أن الصحابة -رضي الله عنهم- كلهم عدول وأصحاب فضل عظيم، فقد أثنى الله -تعالى- عليهم في القرآن الكريم، حيث قال: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ)،[3] وقد تواترت الأحاديث النبوية التي تدلّ على علوّ مكانتهم، ورفعة قدرهم، ومنها ما رواه عمران بن الحصين -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).[4][5]

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

الاسم والنسب

عمر بن الخطاب هو الفاروق رضي الله تعالى عنه، وكنيته أبو حفص القرشي العدوي، وهو أمير المؤمنين وأحد الخلفاء الراشدين، واسمه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، وأمّه أخت أبي جهل، وهي حنتمة بنت هشام المخزومية.[6]

الولادة والنشأة

وُلد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في مكة المكرمة، وبها قد نشأ، وقد حظي بتعلّم القراءة والكتابة، ويجدر بالذكر أنّ في مكة كلها لم يكن سوى سبعة عشر رجلاً يُجيدون القراءة والكتابة، وبهذا يكون عمر بن الخطاب قد حظي في طفولته بما لم يحظَ به كثيرٌ من أقرانه من أبناء قريش، وقد كان أبوه شديداً غليظاً، شجاعاً وجريئاً وذا مكانةٍ في قومه، وكان له إبل، وقد رعى عمر -رضي الله عنه- في إبل أبيه في شبابه، هذا فضلاً عن إتقانه الفروسية وركوب الخيل والرماية، وقد أجاد -رضي الله عنه- المصارعة لما آتاه الله من قوة في الجسم والبدن، وقد كان معروفاً بحبه للّهو والنساء قبل إسلامه، فتزوّج في حياته تسع نساء، وقد عُرف أيضاً بتعصّبه لرأيه قبل الإسلام كذلك فلم يكن يقبل جدالاً أو نقاشاً، وكان من أشدّ الناس عداوة للنبي -عليه الصلاة والسلام- ولدعوته في بداية ظهور الإسلام.[7]

الإسلام

بشّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال: (اللهمّ أعزّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ)،[8] فهو من السابقين إلى الإسلام، وقد جعل الله -تعالى- إسلامه -رضي الله تعالى عنه- فتحاً للمسلمين، وفرجاً لهم، فهو أوّل من جهر بالإسلام، فضلاً عن أنّ هجرته كانت من عوامل نصر المسلمين، وتجدر الإشارة إلى أنّ عمر قد شهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوات ومعارك عدّة، مثل غزوة بدر الكبرى، وغزوة أحد، والخندق.[9]

الصفات الخَلقية والخُلقية

قيل إنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان أبيض اللون، وقد تغيّر لونه فأصبح أسمراً في عام الرمادة من قلّة الطعام وكثرة الجهد، هذا بالإضافة إلى أن شدّة التعب والإجهاد بسبب توليه الخلافة ومشيه بين رعيّته قد كان له دوراً في تغيّر لون بشرته، وكان -رضي الله عنه- قوي الجسم، طويل القامة، جهوري الصوت، أصلع الرأس كثير الشيب، عريض المنكبين، وكان معروفاً بإسراعه في مشيته، ويجدر القول إنّ صفاته كانت دليلاً على هيبته ووقاره وصرامته، ومن صفات عمر -رضي الله عنه- الخُلقية أيضاً: الورع، والزُّهد، والتقوى، وكان شجاعاً لا يخشى في الله لومة لائم.[10][9] هذا وقد اتّصف عمر -رضي الله عنه- بحسن الرأي، ورجاحة العقل والمنطق، فقد كان حكيماً سديد الرأي، وعُرف بشفافيته وجرأته في الحق، وغيرته الشديدة على الإسلام.[7]

الخلافة

تولّى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخلافة في السنة الثالثة عشرة للهجرة، وكان ذلك بعد موت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد أكرمه الله -تعالى- بكثرة الفتوحات في عهده؛ فسقطت الروم وفارس في خلافته، حيث يُعدّ سقوط هاتين الدولتين من أعظم الإنجازات والفتوحات في عهده رضي الله عنه، ويجدر بالذكر أنّ عام الرمادة كان في وقت خلافته، وهو العام الذي أُصيب فيه المسلمون بمجاعةٍ شديدةٍ، حيث انقطع المطر، واسودّت الأرض وأجدبت، واكتفى -رضي الله عنه- بأكل الخبز والزيت آنذاك، وكان يقول: "لن أشبع حتى يشبع أطفال المسلمين".[9]

الوفاة

اسُتشهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في نهاية شهر ذي الحجة، وتحديداً قبل أربعة أيامٍ من نهايته، وكان ذلك في يوم الأربعاء، وقد كان استشهاده في صلاة الفجر التي كان يؤمّ المسلمين بها في المسجد، حيث كمن أبو لؤلؤة المجوسي بين صفوف المسلمين ومعه سكّين مسمومة بطرفين، فما لبث عمر -رضي الله عنه- أن بدأ بالصلاة حتى داهمة أبو لؤلؤة المجوسي فطعنه في كتفه وفي خاصرته، وقرأ عمر -رضي الله عنه- آنذاك ما جاء في قول الله -تبارك وتعالى- في سورة الأحزاب: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا)،[11] فأمسك عمر بيد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- ليُصلّي بالناس، ثم هرب أبو لؤلؤة وأخذ يطعن الرجال عن يمينٍ ويسارٍ حتى استُشهد سبعةٌ من المسلمين وأُصيب ستّةٌ آخرون، فلما اجتمع عليه عددٌ من المسلمين نحر أبو لؤلؤة نفسه، وفي ذلك الوقت حمل المسلمون عمر إلى منزله وقد أُغمي عليه من شدة النزف، ولما استيقظ سأل فيما إن صلّى الناس، ثمّ بعث ابنه عبد الله -رضي الله عنهما- إلى عائشة -رضي الله عنها- ليستأذنها أن يُدفن إلى جانب صاحبيه رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر الصديق، فأذنت له، ودُفن بالفعل إلى جانبهما بعد أن صلى عليه صهيب الرومي -رضي الله عنه- والمسلمون.[12]

المراجع

  1. ↑ "لتعريف اللغوي"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019.
  2. ↑ "تعريف ومعنى صحابي في معجم المعاني الجامع "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة الفتح، آية: 29.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 6695، صحيح.
  5. ↑ "فضل الصحابة رضوان الله عليهم"، www.islamqa.info، 2006-05-26، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  6. ↑ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، "سير أعلام النبلاء"، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  7. ^ أ ب سمير حلبي، "عهد الفاروق.. دولة العدل والفتوحات"، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  8. ↑ رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 113، صحيح.
  9. ^ أ ب ت د. أمين الشقاوي (26-11-2014)، "مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  10. ↑ "صفة عمر بن الخطاب وصورته"، www.islamstory.com، 2016-1-17، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  11. ↑ سورة الأحزاب، آية: 38.
  12. ↑ إبراهيم الحقيل، "مقتل عمر رضيَ الله عنه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-6-2019 بتصرّف.