-

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

أبو بكر الصّديق

هو أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحبّهم إلى قلبه، وأعظمهم منزلة، وأكثرهم فضلاً على المسلمين، اسمه عبد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن بن كعب بن لؤي، التيميّ، القرشيّ، وأمّه سلمى بنت صخر بن عامر، وُلد -رضي الله عنه- في مكة المكرمة بعد عام الفيل بعامين ونصف، وترعرع فيها وكان محبوباً في قومه، حيث كان صاحب خُلقٍ، وعلمٍ، ومالٍ، فكان أعلم قريش بالأنساب، ومن أغنى تجّار مكة، وعُرف بالتواضع ولين الجانب، وقد جمعت الصداقة أبا بكر -رضي الله عنه- برسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل بعثه، وشهد الله -تعالى- له بالصحبة بعد الإسلام، حيث قال: (إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا).[1][2]

إسلامُ أبو بكر

لما بُعث محمد -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، سارع إلى صديقه الحميم أبو بكر رضي الله عنه، وأخبره بما أكرمه الله -تعالى- به من النبوّة، ثمّ دعاه إلى الإسلام، فما كان من الصديق إلا أن آمن وشهد شهادة الحق من غير تردّد، فهو الصديق المقرّب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يعرف أخلاقه، وصدقه، وأمانته أكثر من أيّ أحدٍ آخر، فكان الصديق -رضي الله عنه- أول من آمن من الرجال، وما إن اعتنق الإسلام حتى نذر نفسه لخدمة هذا الدين العظيم، حيث سارع لدعوة أصحابه المقرّبين في مكة الذين كانوا يجالسونه ويكنّون له كل مشاعر الحب والتقدير، فأسلم على يديه خمسةً من خيرة رجال قريش، ومن العشرة المبشرين بالجنة، وهم؛ عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام -رضي الله عنهم- جميعاً، الذين كان لهم دورٌ كبيرٌ في نشر الإسلام وإعلاء رايته.[3]

ولم يقتصر دور أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في مكة على الدعوة فحسب، بل بذل نفسة وماله لنصرة الإسلام والمسلمين، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (ما نفعني مالٌ قطُّ ما نفَعني مالُ أبي بكرٍ، فبكى أبو بكرٍ رضي الله عنه وقال: ما أنا ومالي إلَّا لك)،[4] وقد لُقّب أبا بكر بالصديق؛ لكثرة تصديقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم.[3]

فضائل أبي بكر الصديق

إنّ أبا بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين، لا سيّما أنّه نصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم خذله الناس، وآمن به يوم كفر به الناس، وصدّقه يوم كذّبه الناس، حتى قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام: (إنَّ من أمن النَّاس عليَّ في صُحبَته وماله أبا بكرٍ، ولو كُنت مُتَّخذاً خليلاً من أُمتي لاتَّخذتُ أبا بكرٍ، إلَّا خُلة الإسلام، لا يبقَينَّ في المسجد خوخةٌ إلَّا خوخةُ أبي بكرٍ)،[5] ويمكن بيان بعض فضائل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فيما يأتي:[6]

  • أحد المبشرين بالجنّة: فقد بشّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق بالجنة في عدّة مواقف، منها ما رُوي عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنت مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حائطٍ من حيطان المدينة فجاء رجلٌ فاستفتح، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: افتح له وبشره بالجنَّة فَفتحتُ له، فإِذا أبو بكرٍ، فبشَرتهُ بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد اللَّه).[7]
  • أحب النّاس إلى النبي عليه الصلاة والسلام: من الفضائل العظيمة التي خُصّ فيها أبو بكر الصديق أنّه كان من أحبّ الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك بأنّ من أحبّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد أحبّه الله تعالى، ومن أحبّه الله -تعالى- فاز وأفلح في الدنيا والآخرة، حيث رُوي عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنّه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: (أيُّ النَّاس أحبُّ إليك؟ قال: عائشةُ قُلتُ: من الرِّجال؟ قال: أبوها).[8]

إنجازات أبي بكر الصديق

قتال المرتدين

إن من أعظم إنجازات أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بعد تولّيه الخلافة التصدّي لردّة العرب، فبعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هاجت الفتن وماجت في الجزيرة العربية، حيث ارتدّت أغلب قبائل العرب عن الإسلام، وانتشر النفاق، واشرأبّت اليهودية والنصرانية، واضطرب المسلمون بسبب فقد النبي عليه الصلاة والسلام، وقلّة عددهم، وكثرة أعدائهم، فما كان من الخليفة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- إلا أن تصدّى لهذه الفتنة العظيمة بيدٍ من حديدٍ، ولم يهُن أو يضعف أمامها، بل أمر بإخراج بعث أسامة -رضي الله عنه- تنفيذاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننتُ أن السباع تخطفني لأنفذتُ بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته".[9]

ولمّا عاين المرتدّون خروج جيش أسامة هابوا قوة الإسلام، وخارت عزائمهم، ثمّ خاض الصحابة -رضي الله عنهم- عدداً من المعارك مع المرتدّين، وكان النصر حليف المسلمين فيها، وحفظ الله -تعالى- الإسلام والمسلمين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه.[9]

جمع القرآن الكريم

استشهد عددٌ كبيرٌ من الصحابة -رضي الله عنهم- بعد المعارك الطاحنة التي خاضها المسلمون في حروب الردّة، ففي واقعة اليمامة وحدها قُتل أكثر من سبعين من قرّاء الصحابة، فخشي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ضياع القرآن الكريم بموت الحفّاظ والقرّاء، فاقترح على الخليفة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- جمع القرآن الكريم، فتردّد في بداية الأمر، ثمّ شرح الله -تعالى- صدره لذلك الأمر، فأرسل في طلب زيد بن ثابت الأنصاري -رضي الله عنه- الذي كان من كتّاب الوحي في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وكلّفه بمهمّة جمع القرآن، فجمعه على الرّقاع وهي الجلود، والعسُب وهي جريد النخل، والأكتاف، واللخاف وهي الحجارة الرقيقة، وصدور الرجال، وبقي القرآن الكريم عند أبي بكر الصديق إلى أن توفّاه الله تعالى.[10]

الفتوحات الإسلامية

بعد انتهاء أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- من حروب الردّة وتوحيد كلمة المسلمين، شاوَر كبار الصحابة -رضي الله عنهم- من أهل الحلّ والعقد في استئناف فتح بلاد الشام، فسارع بتعبئة الجيوش الإسلامية لغزو تلك البلاد، وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية، حيث وجّه الخليفة الجيش الأول الذي بلغ تعداده أربعة آلاف مقاتل إلى دمشق، وكلّف خالد بن سعيد بن العاص الأموي بقيادته، ووجّه الجيش الثاني إلى حمص وجعل على رأسه أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه، ووجّه الجيش الثالث إلى بصرى عاصمة حوران وكلّف شرحبيل بن حسنة -رضي الله عنه- بقيادته، ووجّه الجيش الرابع إلى فلسطين بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه.[11]

المراجع

  1. ↑ سورة التوبة، آية: 40.
  2. ↑ " فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه"، www.islamweb.net، 2010-12-12، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019. بتصرّف.
  4. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6858، أخرجه في صحيحه.
  5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3904، صحيح.
  6. ↑ أبو عبد العزيز سعود الزمانان (11-5-2006)، "المختصر الأنيق في فضائل أبي بكر الصديق"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019. بتصرّف.
  7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 3693، صحيح.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الرحمن بن مل النهدي أبي عثمان، الصفحة أو الرقم: 4358، صحيح.
  9. ^ أ ب د. أحمد عبد الحق (9-1-2008)، "أبو بكر والمرتدون"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019. بتصرّف.
  10. ↑ عبد القيوم السندي (20-11-2014)، "جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019. بتصرّف.
  11. ↑ "خلافة أبي بكر الصديق - (15) فتوحات الشام في عهد أبي بكر الصديق (1 - 2) "، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2019. بتصرّف.