ولد الشاعر والأديب حبيب بن أوس بن الحارث الطائيّ في قرية جاسم، وهي إحدى قرى حوران السوريّة، ويُعد أبو تمام واحداً من أمراء البيان، ويُشار إلى أنَه انتقل إلى مصر، وطلبه المعتصم إلى بغداد، فأجازه، وقدّمه على شعراء عصره، وأقام في العراق، ثمَّ تولّى بريد الموصل، ويُذكر أنَّه كان أسمر اللون، وطويل القامة، وفصيح اللسان، وحلو الكلام، وتوفي في مدينة الموصل.[1]
تباينت الروايات حول نشأة أبي تمام، حيث ذُكر أنَّه نشأ في مصر، وكان يسقي الماء للناس في مسجدها الكبير، ولكن يُشار إلى أنَّ نشأته كانت في دمشق؛ إذ كان والده عطاراً، وألحقه بحائك؛ كي يتعلم حياكة الملابس، هذا فضلاً عن ريادته إلى حلقات المساجد؛ وذلك من أجل تعلم الشعر والثقافة، وهذا ما ساعده على النبوغ الشعريّ، وتنقل من مدينة لأخرى مادحاً العديد من الشخصيّات الموجودة فيها، واستمرَّ في ذلك حتّى نال مكانة عند المعتصم، وأعيان الدولة العباسيّة، كما كان رجلاً مشهوراً، إذ إنّ شهرته لا تقل عن شهرة الوزراء ورجال الدولة.[2]
نبغ أبو تمام في الشعر، وكان شاعراً وعلماً من أعلام العصر العباسيّ، حيث تميّز بمكانة رفيعة في تاريخ الأدب العربيّ، وامتلك فكراً ثاقباً، وتبحّراً في اللغة، ونقل وحفظ الشعر، وسلك بشعره مسلكاً صعباً في اللغة، والنظم، والبديع، والبيان،[3] وتُشير مُعظم المصادر إلى أنَّه مُبتدع البديع، وهو مذهب شعريّ جديد، حيث قال عنه الصولي: (هو رأس في الشعر، مبتدئ لمذهب سلكه كلّ محسّن بعده فلم يبلغه فيه حتى قبل مذهب الطائي، وكل حادق بعده ينسب إليه، ويقني أثره)،[4] ويُشار إلى أنَّه اختلف في التفضيل بين شعره، وبين أشعار المتنبي والبحتريّ، وله العديد من التصانيف، ولعلّ أهمها: فحول الشعراء، وديوان الحماسة، ومختار أشعار القبائل، ونقائض جرير والأخطل، وغيرها الكثير.[5]
يتّصف شعر أبي تمام بالعديد من الميّزات، ولعلّ أهمها ما يلي:[2]