-

طريقة العدوى بمرض الايدز

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

ما هو الإيدز

في الخامسِ عشر من شهرِ أيار للعام الميلادي (1981)، اكتشفت وكالةُ مركز مكافحةِ الأمراضِ والوقايةِ منها حالات من الإصابةِ بالتهابٍ في خمسةِ رجالٍ مثليين جنسياً، وذلك في ولاية لوس أنجلوس الأمريكية، فلم تعرفْ الوكالة أيَّ اسمٍ لهذا المرض في البداية، حيث استخدمت أسماءً له من خلالِ الأمراضِ المترتبة عليه مثل (اعتدال العُقَد الليمفاوية، وسرطان كابوزي، والعدوى الانتهازية)، فشُكِّلتْ وحدةٌ مؤقتةٌ للتعاملِ مع هذا المرضِ الجديد في نفسِ العام، وقد تم استخدام الاسم في الصحافةِ ومعناه مرض نقص المناعة عند الشواذ جنسياً، ومع التعمق بالدراسة ودراسة المجتمعات التي انتشر بها المرض، وجدت الوكالة أنَّ كلَّ الفئاتِ التي تصابُ بهذا المرض يبدأُ اسمها بحرف (H) فأطلقوا عليه اسم مرض (4H) ، لتكتشفَ الوكالةُ بعدها أنَّ هذا المرضَ لا يقتصرُ على هذه الفئات، فتمَّ بعدها استخدامُ مصطلح الإيدز في العام 1982.

فما هو مرض الإيدز؟ وما هي أعراضه؟ وما هو سبب انتشاره؟ وهل توصَّل العلمُ والعلماء إلى علاجٍ لهذا المرض؟ وما هي الطرق المتبعة للوقاية منه؟ وأخيراً ما هي نظرة المجتمعات للمصابين بهذا المرض؟، كل هذه التساؤلات سوف أحاول أنْ أجيبَ عليها من خلالِ هذا المنبر.

ما هو الإيدز: هو مرضٌ يصابُ به الجهاز المناعي عندَ البشر، ويتسبَّبُ به فيروس نقص المناعةِ البشرية، بحيثُ تؤدي الإصابة إلى إبطاء فاعلية الجهاز المناعي تدريجيَّاً، فيصابُ صاحب هذا المرض بأنواعٍ من العدوى الانتهازية والأورام، وقد ظهرَ في أبحاثٍ وراثية أنّ هذا الفيروس (فيروس نقص المناعة) قد ظهرَ لأول مرة في غربِ أفريقيا الوسطى، وكان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

ما هي أعراضُ مرضِ الإيدز

تتعددُ أعراضُ الإصابةِ بهذا المرض بحيث يمر بثلاثة مراحل وتبدأ الأعراض بالظهور على جسم المريض في المرحلة الثالثة، وألخّصُ أعراض المرض في هذه المرحلة المتقدمة بالنقاطِ التالية:

  1. الحمَّى: فقد تصلُ درجةُ حرارةِ جسم المصاب إلى (38.9) درجة مئوية، يرافق هذا الارتفاع في درجة حرارة الجسم شعورٌ بالتعبِ والتهابُ الحلق.
  2. الغثيان والقيء والإسهال.
  3. آلامٌ في المفاصل.
  4. التهابٌ في الحلقِ، وصداعٌ شديد.
  5. الطفحُ الجلدي: وهذا الطفح يظهرُ في مراحلٍ متقدمةٍ من المرض، وتنتشرُ مناطقٌ ورديةٌ على الذراعين وبين ذاك الطفح، بحيث يشعرُ المصاب برغبةٍ شديدةٍ في الحكة.
  6. فقدانُ الوزنِ: وهذا الأمر يأتي كنتيجةٍ منطقيةٍ للإسهال، ويظهرُ أيضاً في مراحلٍ متقدمةٍ من المرض، وقد تصلُ نسبةُ فقدانِ الوزن إلى فقدانِ ما يعادلُ 20

% من الوزن في غضون شهر واحد.

  1. السعالُ الجاف والالتهابُ الرئوي: وهو نوعٌ من السعال يستمرُ لأسابيعٍ طويلةٍ بدون أيِّ تحسنٍ على حالة المريض، ويسببُ التهاباً رئوياً، ويظهرُ ذلك في مراحلٍ متقدمةٍ من الإصابةِ بالمرض.
  2. التعرُّقُ الليلي: وقد يصل الأمرُ إلى أن يغرق فراشِ المصاب بماءِ العرق.
  3. تغيّرات الأظافر: ويطرأُ على الأظافرِ تغيرات مثل (تغيّر اللون، وزيادة السمك، والتقوّس، والانقسام).
  4. عدوى الخميرة: بحيثُ تكون هناك بقعٌ بيضاء على اللسانِ، وتجعلُ المصابَ يعاني من صعوبةٍ بالغةٍ في البلع.
  5. الارتباكُ وصعوبةُ التركيز.
  6. الوخزُ والضعف.
  7. عدمُ انتظامٍ في الدورةِ الشهريةِ لدى السيدات: ويكونُ ذلك في مرحلةٍ متقدمةٍ من المرض، بحيثُ تكون الدورةُ الشهريةُ لدى المرأةِ أقلَّ وأخفَّ من حيثُ غزارةِ الحيض.

سبب انتشار مرض الإيدز وكيفية انتقاله

يشاع بين الناس في كثيرٍ من الأحيان أنَّ هذا المرض ينتقلُ بمجردِ التعامل العرْضِي مع المريض، ومنْ الدعاباتِ المشهورةِ عن الشفاءِ من هذا المرض أنَّ المريضَ يتعافى في حالةِ الاتصال الجنسي مع فتاةِ عذراء، ولكنَّ الحقيقة العلمية تثبت عكس ذلك تماما، فهناك عدة عوامل تؤدي إلى انتقال هذا الفيروس وهذا المرض من شخص لأخر، وأَسْتَحْضِرُ هنا ما استطعتُ جمعهُ منها وهي كالتالي:

  1. نقلُ الدم: وينتقل الفيروس في هذه الحالة عن طريق نقل الدم من شخصٍ مصابِ إلى آخرٍ سليم، أو عن طريق استخدام الشخص السليم لإبرةٍ قد استخدمها شخصٌ مصاب، حيثُ أنَّ نقل كمية قليلة جدا من الدم كفيلة بأنْ تُحْدِثَ العدوى.
  2. الاتصال الجنسي: ولا يقتصر هذا الأمر على الاتصال المباشر، وإنَّما قد تتم العدوى من خلال التلقيح الصناعي، كما وينتقل عن طريق الجماع العادي من خلال السائل المنوي، أو السوائل التي يفرزها الجسم أثناء الجماع، فيدخل هذا الفيروس إلى الجسم أثناء عملية الجماع من خلال (الفم، جدران المهبل، الفرج، الشرج).
  3. من الأم المصابة إلى الطفل أثناء الولادة: كما وينتقل هذا المرض من الأم إلى طفلها أثناء الرضاعة الطبيعية.

الطرق المتبعة للوقايةِ من هذا المرض

هناك طرقٌ كثيرة للوقايةِ من هذا المرض، ولكنَّني أضعُ بين أيديكم طرق الوقايةِ، مع مراعاة عاداتنا وتقاليدنا كمجتمعاتٍ شرقية، فكما هو معروفٌ في أمثالنا الشعبية العربية بأنَّ (قطرة وقايةٍ خيرٌ من قنطارِ علاج)، فإنّني أقدِّمُ لكم النصائحَ والإرشادات التي أجمعَ عليها المختصون، والتي تُبْعِد الأصحاءَ عن خطرِ الإصابة بهذا المرض، عافانا الله وإياكم.

  1. أن تعمل الحكومات على زيادة نسبة الوعي لدى عامة الناس بمرض الإيدز، عن طريق تخصيص ورشات عمل وندوات ومحاضرات علمية، وتخصيص جزء من المناهج الدراسية للتحدث عن مرض الإيدز، وألاَّ نتجاهل نحن بدورنا حضور مثل تلك الندوات الصحية، فأولُ سبيلٍ للنجاةِ من هذا المرض هو التعرّف على أسبابِ ظهوره وأسبابِ انتشاره.
  2. الزواج بحيث أنّ الزواج هو الطريقة الشرعية لصون النفس والمحافظة على عفتها؛ وسوف يحدُّ هذا الأمر من الممارسات الجنسية غير المشروعة، ليس بغرض الحرام والحلال فحسب، وإن كان هو المراد، وإنما بغرض معرفةُ الرجل والمرأة اللذان يقوما بعملية الجماع ببعضهم البعض، ودرايتهم بعدم إصابة أيّ منهما بالمرض.
  3. أن يقومَ كلُّ رجلٍ وامرأةٍ قبلَ الزواجِ بفحصِ الدم، والتأكد من أنَّ أحدهم لا يحملُ هذا الفيروس؛ الأمر الذي سوف يؤدي إلى عدم نقل العدوى من خلال الجماع أو من خلال الأم الحامل لطفلها.
  4. الحرصُ الشديد على فحصِ الدم المنقول من شخصٍ لآخر.
  5. محاربةُ المخدراتِ في المجتمعات، والعمل على الحد منها، وكذا العمل على تثقيف فئة المراهقين من خلال الأسرة والمدرسة.

سُبُل العلاج من هذا المرض

إنّ البحث جاري حتى يومنا هذا لإيجَادُ علاجٍ شافي من هذا المرض، وهناك ما يُثبت أنّه يوجد حالات قد تم شفاؤها بالفعل، مثل الطفل المشهور حول العالم باسم (طفل الميسيسبي)، ولكن الملُاحظ أنَّ معظم الحالات التي تم شفاؤها هي لأطفال حديثي الولادة، وتبقى احتمالية علاج البالغين معقدة حتى يومنا هذا؛ بسبب تَأَخُر اكتشاف الإصابة بالمرض، وتبقى وسائل الوقاية والعلاج المضاد للفيروسات هما الطرق المستخدمة حالياً في العلاج، ولو أنَّ العلاجَ المضاد يُبَطِّئ عملية نمو هذه الفيروسات في الدمِ ولكنَّه لا يقضي عليها تماما.

نظرة المجتمع للمصابين بهذا المرض

على الرغمِ من تتطوّرِ الأبحاث عن هذا المرض، والتأكيد على أن طرق انتشاره لا تقتصر على الجماع غير المشروع - وأنا لا أَتَحَدَّثُ هنا عن الدينِ بقدرِ ما أتحدَّثُ عن عادات المجتمع الشرقي-، إلاَّ أنَّ أفرادَ المجتمعِ وبمجرد أن يعرفوا أنَّ أحدَ الأشخاصِ قد أصيبَ بهذا المرض، يستحقرونه، ويوبخونه ويرفضونه رفضاً تاماً؛ لأنَّه قد عَلِقَ في أذهانهم أنَّ هذا المرض لا ينتقلُ إلاَّ عن طريقِ الأعمال غير المشروعة والمحرمة في الدين وفي عاداتهم أيضاً، الأمر الذي يترتب عليه تفكيكٌ أسري، وليس عزل المريض وحسب عن المجتمع، وإنَّما عزل أسرته كأنَّه عقاباً جماعياً شاملاً لهذه الأسرة، فيجبرون أفراد الأسرة على التخلي عن المريض بأفعالهم تلك، إلاَّ من رحم ربي من المتعلمين والمثقفين.

نصيحتي للمجتمع

وختاماً أرغبُ رغبةً شديدةً في أنْ أوجِّهَ رسالتي إلى كلِّ فردٍ في المجتمع، بأنْ نتعاملَ مع حاملي مرض الإيدز بكل موضوعية، وأنْ نتحرى الأمر قبل أنْ نعزلَهم عن مجتمعنا، ونتسبب في انهيار أُسَرِهِمْ دون أن نتحرى الأمر، حتى وإنْ وصلَ هذا المرض إلى المصاب عن طريق الحرام - كما يتم وصف الأمر-، فإنَّ اللهَ قد عاقبَ الفاعلَ بهذا المرض، فلا تعاقبوه أنتم، وإنَّما كونوا له عونا وساعدوه، فكلنا يخطئ، وارفعوا من معنويات أسرة المصاب بدلاً من أن تجبروهم على هجره، وأنا في هذا الموضع لا أشجعُ على أيّ مفسدة، ولكن للأمر أبعادٌ إنسانية، أزالَ اللهُ عنا وعنكم كلّ الأمراض والمخاطر، وحافظوا على سلامتكم.