الوسائل البديلة لحل المنازعات
تعريف الوسائل البديلة لحل النزاعات
يُقصد بالوسائل البديلة لحل النزاعات الآليات والأساليب التي تلجأ لها الأطراف المتنازعة بهدف الوصول إلى حل للخلافات دون التعرُّض للجهات القضائية؛ فالقضاء يُعتبر وسيلة أصيلة لحل النزاعات والخلافات، وقد ظهرت الوسائل البديلة عن القضاء لتلبية متطلبات العصر والأعمال الحديثة، حيث إن المحاكم لم تعد قادرة على استيعاب الكم الهائل من الخلافات بين الأفراد والجماعات، وظهرت الحاجة إلى وجود سرعة وفعالية في بت هذه الخلافات؛ لذا كانت الوسائل البديلة آلية فعّالة لتخفيف الضغط عن المحاكم والجهات القضائية.[1]
الوسائل البديلة لحل النزاعات
الوساطة
الوساطة هي إحدى الوسائل الفعّالة والبديلة لحل النزاعات، وتتسم بالطبيعة الرضائية، وتلجأ إليها الجهات المتنازعة لحل الخلافات بعيداً عن القضاء العام، وتتمثل الوساطة بشخص محايد ذي كفاءة وخبرة يُطلق عليه اسم الوسيط، ويوظف الوسيط مهاراته لحل النزاعات بإرادة الطرفين المتنازعين، حيث يسعى إلى إدارة التفاوض والوصول لحل يُرضي الطرفين ويُوقف النزاع بينهما دون تدخل القضاء؛ فالوساطة تُمثل مسعى طوعياً ونشاطاً متخصصاً، حيث يتّبع الوسيط نهجاً احترافياً، ويوفر منطقة آمنة لأطراف النزاع، بالإضافة إلى أنه يعزز الثقة بنجاح مساعي حل النزاع دون الحاجة إلى تدخل القضاء.[2]
تتميز الوساطة بعدة خصائص تميزها عن غيرها من وسائل حل النزاعات، وأهم هذه الخصائص هي:[2]
- تخفيف العبء عن القضاء.
- عدم المساس باستقلالية القضاء.
- المرونة والحرية.
- قُصر أمد النزاع وسرعة التنفيذ.
- السرية والخصوصية.
- المحافظة على العلاقات الودية القائمة بين الأطراف المتنازعة.
- تجنب المخاطرة.
- محدودية التكاليف.
تتعدد أنواع الوساطة إلى ثلاث أنواع رئيسة، وهي:[2]
- الوساطة القضائية: ويكون الوسيط فيها مُعيّناً من قبل قاضي إدارة الدعوى المدنية أو قاضي الصلح ويُسمى بقاضي الوساطة، ويحاول قاضي الوساطة حل النزاع خلال فترة محددة من القضاء. ويُشترط في قاضي الوساطة أن يكون شخصاً مؤهلاً بدورات خاصة تمكنه من حل النزاعات بطرق ودية.
- الوساطة الخاصة: ويتم اختيار الوسيط فيها من قائمة موضوعة مسبقاً تتضمن أسماء أشخاص ذوي خبرة وحيادية ونزاهة تم تنسيبهم من قبل وزير العدل ورئيس المجلس القضائي، وتتنوع فئاتهم بين محاميين وقُضاة متقاعدين ومهنيين.
- الوساطة الاتفاقية: والوسيط فيها يُسمى الوسيط الاتفاقي، حيث تقدّم الأطراف المتنازعة طلباً إلى قاضي الصلح أو قاضي إدارة الدعوى المدنية بإحالة النزاع إلى وسيط مناسب وذي كفاءة وخبرة وحيادية، ويكون مُختاراً بإرادتهم.
التحكيم
التحكيم هو أحد الوسائل البديلة لحل النزاعات بين الأفراد والجماعات، وتتمثّل هذه الوسيلة بإعطاء بعض الأفراد العاديين أو الهيئات غير القضائية الصلاحية لحل النزاعات، ويُطلق عليهم اسم المحكم أو المحكمين، وما يصدرونه من حكم فهو إلزامي لجميع أطراف النزاع، ويُسمى الطرف الثالث المحكم، حيث ينقل المحكم القرار الذي توصل إليه أطراف النزاع إلى القاضي المختص في حسم النزاع، ويكون القرار الصادر عن هيئة التحكيم والقضاء العام في الدولة سنداً تنفيذياً ملزماً، ويَقبل الطعن بالطرق القانونية.[3]
تتشابه وسيلتا التحكيم والوساطة في بعض الأوجه؛ فكلا الوسيلتين تهدفان إلى حل النزاعات بين الأطراف بوجود طرف ثالث لا ينتمي إلى أي من الأطراف، كما أن كلا الوسيلتين تتم بعيداً عن إجراءات التقاضي أمام القضاء، بحيث تتم بواسطة إجراءات موجزة تُخفف العبء عن المحاكم والجهات القضائية.[3]
وتخلتف الوسيلتان عن بعضهما البعض في عدة أوجه كما يأتي:[3]
- المهام: فمهمة الوساطة تتحدد بإيجاد توافق بين الأطراف المتنازعة، ويكون رأي الوسيط فيها غير إلزامي على الأطراف. أما بالنسبة لوسيلة التحكيم، فإن اتخاذ القرار يكون إجبارياً، بحيث تصدر المحكمة القرار عن طريق المحكم ويكون غير قابل للطعن أو قابلاً للتمييز.
- الأحقية في القيام بالأعمال: ففي وسيلة الوساطة قد يكون الطرف الثالث (الوسيط) قاضياً أو محامياً، وتكون حينها وساطة قضائية أو خاصة. أما في التحكيم فقد تكون الجهة المحكمة مؤسسة فيسمى حينها بالتحكيم المؤسسي، أو قد يكون التحكيم حراً، ولا يتم اللجوء إلى رجال القضاء إلا بموافقة مجلس القضاء الأعلى.
- الطعن أو الاتفاق على القرار: ففي الوساطة القضائية لا يمكن لأي طرف الطعن في صحة الاتفاق، لكن يجوز لهم الطعن في صحة أركان الاتفاق والبحث في عيوبه. أما وسيلة التحكيم فيجوز للأطراف الطعن في المحكم التحكيمي، ويجوز للمحكمة نفسها أن تطعن في قرارها إذا تبين وجود خطأ يؤثر في معطيات القرار.
- تبني وجهات النظر: ففي الوساطة القضائية تكون للأطراف المتنازعة الحق في رد الحلول أو قبولها. أما وسيلة التحكيم فإن التقيّد بالقرار يكون إلزامياً؛ لأنه يكون صادراً عن جهات قضائية.
التفاوض
التفاوض (بالإنجليزية: Negotiation) هو إحدى الوسائل البديلة لحل النزاعات، وتتمثّل بالحوار المباشر بين الأطراف المتنازعة دون الضرورة إلى وجود طرف ثالث كما في التحكيم والوساطة، لكن لا مانع من وجود من يُمثّل الأطراف المتنازعة كمحاميين أو وكلاء ينوبون عنهم، ويملكون الصلاحية الكاملة باتخداذ القرار بالإنابة عنهم.[1]
الصلح
الصلح هو إحدى الآليات والوسائل البديلة لحل النزاعات بين الأفراد والجماعات، وهو عبارة عن عقد واتفاق يحسم النزاع القائم بين الأطراف، أو يجنب حصول نزاع محتمل، وينقسم الصلح إلى نوعين رئيسين هما:[4]
- الصلح القضائي: وهو أن يتم التصالح بين الأطراف المتنازعة بشكل تلقائي أو من خلال قاضي المحكمة بوجود دعوى أمام القضاء، بحيث يُقر كلا الطرفين المتخاصمين باتفاقهما على الصلح، ويتم تثبيت الأقوال في محضر طبقاً للقوانين، ويتم إيداع المحضر بأمانة الضبط، ويُعتبر حينها سنداً تنفيذياً.
- الصلح غير القضائي: وهو الصلح الذي يتم فيه حسم نزاع لم تُرفع بشأنه دعوى أمام القضاء، بحيث تعقد الأطراف المتنازعة صُلحاً فيما بينها دون الالتجاء إلى الجهات القضائية.
المراجع
- ^ أ ب مجدي إبراهيم، هل تجيد التفاوض؟، صفحة-91 92. بتصرّف.
- ^ أ ب ت الرشدان، محمود علي، الوساطة لتسوية النزاعات بين النظرية والتطبيق، صفحة 44،46 ،58-68. بتصرّف.
- ^ أ ب ت -، المقدمة، صفحة 9-14. بتصرّف.
- ↑ سوالم سفيان، الطرق البديلة لحل المنازعات المدنية في القانون الجازئري، صفحة 37-40. بتصرّف.