إنّ الأب هو الطرف الآخر الذي يعمل على تربية الأبناء، إلى جانب الأُم، وهو المربّي الحاني، والداعم الأول، والمُساند في أوقات المِحن، واشتداد الظروف وقساوتها، ورغم تغنّي الكثير من الشعراء والكُتّاب، بدور الأُم ولهفتها على أطفالها، ناهيك عن اهتمام العديد من الدراسات بالأمومة، بحكم الارتباط الوثيق بين الأم وطفلها، لكن كلّ هذا لا يُلغي أهميّة ودور الأب، فما الذي قد تعنيه الحياة دونه؟
يتمثّل دور الأب في العديد من الأمور والمهام الحياتيّة؛ أبرزها: مشاركة الأُم عبء التربية، فليس من المنطق أن يُسند هذا الدور فقط للأُم، التي غالباً ما تعتني بالجانب الخدمي للطفل، بالإضافة إلى الجانب النفسي، أو العاطفي المُتمثّل بالحنان، كما يتولّى الأب مهمّة تأمين مستقبل أطفاله من الناحية الماديّة والمعيشيّة، فالأب هو من يعمل بالدرجة الأولى، ويوفّر المال؛ كي يجده الابن عندما يكبر، ويدخل الجامعة، أو ليساعده به عند تقرير الزواج، وما إلى ذلك من توفير أساسيات العيش، والاستمرارية في الحياة.
تُعتبر الأُسرة كالمركب السائر في البحر، والأب هو قبطانها الذي يتولّى قيادتها، وتحمّل مسؤولية كل فردٍ على متنها، كما يوزع هو الأدوار، أو يُحاسب على التخلّي عنها، فعندما تتراجع الزوجة عن أداء دورها في المنزل فعليه توعيتها، ثمّ محاسبتها بالطريقة المناسبة، وعندما لا يؤدي الأخ دوره تجاه أخيه بالعطف عليه والاهتمام به، يتدخّل الأب بالضرورة، وهو من يفضّ أي خلاف في الأُسرة، ويحمي عائلته بمشاركة الأُم من خطر التفكّك أو الانهيار؛ ليجعلها أُسرةً مُتحابّةً.
عندما يطمح الأبناء لتحقيق أمرٍ ما؛ مثل: دراسة تخصّص مُعيّن، أو افتتاح مشروعٍ ريادي، أو اختراع جديد، وربما العثور على وظيفة مناسبة، أو شريك حياة مناسب، يُقدّم الأب دعمه دون تردّد، وذلك بالمشورة، والدعم بأشكاله: المالي، والنفسي، واللوجستي، المُتمثّل بتوفير الموارد، وأدوات الإنتاج وتعزيزها، وينطبق الأمر على الزوجة، التي لها أحلامها وأهدافها الخاصّة في الحياة.
على الأبناء احترام أبيهم، وحفظ هيبته في المنزل، وخارجه، وعدم التجرؤ عليه بكلمةٍ، أو نظرةٍ، أو أي تصرفٍ مهما صغر، أو كان بسيطاً، كما يجب أن يُشعِروه بالمحبّة، والحنان، فيبادرون إلى التودّد إليه بالكلام الجميل، والطيب، والرفق بالتعامل معه، لا سيما عندما يطعن في السن، بالإضافة إلى خفض الصوت عند التحدث معه، وطاعته على الأمور الجيدة، ومسايرته بأدب عند طلب ما يفوق الجهد والقدرة.
إنّ بعض الأمور التي يقوم بها الابن، قد تُثير غضب الأب، أو تكدّر صفوه، وربما تُصيبه بالحزن، والألم، ومن الأفضل أن يتجنّبها الابن؛ مراعاةً لمشاعر الأب.