مقال عن ثورة المعلومات
ثورة المعلومات
يدل لفظ ثورة على حدوث تعديل أو تغيير في البناء الشكلي أو الجوهري للمجالات كافة.[1] وفي الآونة الأخيرة ظهر ما يُعرف بمصطلح ثورة المعلومات الذي يدل على انبثاق العالم الرقمي، وحدوث تطور نوعي بشكل مستمر في شبكات الاتصال ونظم المعلومات وتقنياتها، بالإضافة إلى تطور صناعة الثقافة وظهور البث الفضائي المباشر، وبذلك تحوّل العالم إلى قرية كونية صغيرة آفاقها مفتوحة وغير واضحة المعالم، فالعصر الذي نعيش فيه هو عصر انفجار المعلومات، حيث تولدت هذه المعلومات وتراكمت بفترات زمنية قصيرة جداً، حيث عجزت جميع القدرات الإنسانية عن مواكبتها وضبطها.[2]
العناصر الأساسية لثورة المعلومات
إن التحول إلى عصر ثورة المعلومات يشبه إلى حد كبير التحول من المجتمع الزراعي إلى المجتمع الصناعي، فهي ثورة تخطي الأفكار، والأيديولوجيات، والعقائد، بالإضافة إلى إزالة الحدود القومية بهدف بناء منظومة عقلية عن طريق الاتصال والتواصل. كما أصبح التطور التكنولوجي الذي أحدثه العقل البشري عنصراً مهماً في تدفق المعرفة، والرموز، والمسميات، والأفكار، وساهم بشكل كبير في تطوير وتنمية العقل البشري. وبناءً على ما سبق لا يمكن وضع مفهومٍ محدّدٍ لمطلح ثورة المعلومات، لكن يمكننا تحديد العناصر الأساسية التي يرتكز عليها هذا المفهوم، وهذه العناصر هي:[1]
- ظهور بيئة مجتمعية دولية مبنية على أساس انتقاء المعلومات، والمعرفة، والاتصالات، عن طريق خلق علاقة فعّالة ومنظمة بين الإنسان والأشياء، وبين الإنسان والدولة، وبين الدولة والبيئة، وبين المجتمعات المختلفة دون النظر إلى الحدود الجغرافية أو الديانة، أو اللغة، أو الآيديولوجية.
- هندسة منظومة الإيقاع الحيوي للفرد والمجتمع، وتتمثل في أربعة عناصر، وهي: الجانب البدني، والجانب الانفعالي، والجانب الفكري، والجانب الحدسي (التنبوء).
- حرية استلام وتسويق المعلومات والمعرفة.
- إزالة وتخطي الحواجز الجغرافية بين الأمم، والبلدان، والشعوب.
أهمية ثورة المعلومات
يُعتبر ظهور ثورة المعلومات أحد أهم الأحداث التاريخية في الحياة الإنسانية، فقد أدّت ثورة المعلومات إلى ظهور نظام لإنتاج الثروة قائم بشكل أساسي على العقل، وليس على الآلات والعضلات كما في السابق، فالمعرفة هي مفتاح نمو الاقتصاد وتطوره في القرن الواحد والعشرين، وقد أدّت ثورة المعلومات والعالم الرقمي والمعرفة إلى ظهور ما يُعرف بمجتمع المعلومات الذي تمثّل بإنتاج المعلومات ومعالجة البيانات التي ساهمت في وجود نشاط إنساني منظم. كما استطاعت الثورة المعلوماتية وما تضمّنته من تكنولوجيا حديثة للاتصالات من تخطي كل من الزمان والمكان، حيث تم نقل الصورة والصوت معاً وبشكل تلقائي عن طريق الأقمار الصناعية وشبكتها المجهزة بالحاسوب، حيث أصبح بالإمكان التواصل مع أي شخص في أي وقت وفي أي مكان حول العالم بشكل فوري.[2]
السمات المميزة لعصر ثورة المعلومات
يتميز عصر ثورة المعلومات بعدة سمات وخصائص تميزه عن باقي العصور، ونذكر فيما يأتي أهم هذه السمات:[1]
- سيطرة المعلومات على مختلف جوانب ومجالات الحياة.
- ارتكاز اقتصاد الدول وأمنها القومي على صناعة المعلومات.
- استحواذ المعلومات على النسبة العالية من تكلفة الإنتاج مثل تسويق السلع والخدمات.
- استغلال الفكر الإنساني عن طريق إجراء التحليلات الفكرية والدراسات والبحوث العلمية، بالإضافة إلى التطوير المستمر للآليات بهدف مواكبة أساليب ومتطلبات الحياة المختلفة.
- زيادة الاستثمار في مجالات التكنولوجيا الحديثة، مثل الاتصالات، والإلكترونيات، والحاسب الآلي، وتحقيق العمل في الوقت الحقيقي ودرجة عالية من التواصل عن طريق دمج هذه المجالات مع بعضها بشكل منظم.
- سهولة التعامل مع الحاسبات الآلية واستخدامها في مختلف مجالات الحياة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والاجتماعية.
- الزيادة الكبيرة في تدفق وإنتاج المعلومات.
- انتشار تداخل الشبكات بشكلٍ كبير؛ بسبب تحوّلها من شبكات محلية إلى شبكات إقليمية وعالمية.
تأثير ثورة المعلومات على المجال الاجتماعي
لقد أثّرت ثورة المعلومات وانتشار التكنولوجيا بشكلٍ كبيرٍ على جوانب الحياة الاجتماعية، ونذكر فيما يأتي أهم مظاهر تأثيرها: [3]
- البنية الاجتماعية: أدى ظهور ثورة المعلومات والاتصالات إلى خلق فجوة بين فئتين من المجتمع، هما: الفئة التي تملك المعلومات وتستخدمها وتتداولها، وفئة أخرى لا تملك المعلومات ويجدون صعوبة في استخدامها وتداولها. ومع ازدياد تأثير الإنتاج الكبير للمعلومات ووسائل الاتصال، يكون من الطبيعي أن تتسع هذه الفجوة وتزداد أبعادها. كما أثرت ثورة المعلومات في مشاركة المرأة في المجتمع، حيث ازدادت نسبة مشاركتها في مجالات التنمية والمتمثلة في مجالات الخدمات والمعلومات والاتصالات، ولا يقتصر تأثير ثورة المعلومات على البنية الاجتماعية عند ذلك فحسب، فقد غيّرت تكنولوجيا المعلومات نظرة أفراد المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة، فإعاقتهم لن تقلل من قدرتهم على المشاركة الفعّالة في المجتمع.
- الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص: لقد ساهم إنتاج تكنولوجيا المعلومات واستخدامها في التقليل من تكافؤ الفرص، فقد أدت ثورة المعلومات إلى تفاوت الفرص بين الأفراد والمجتمعات، حيث ازداد الغني غنى وازداد الفقير فقراً، وأثر ذلك على نوعية البشر، وأنماط حياتهم، والوظائف التي يعملون بها، وعلى مستوى دخلهم ومعيشتهم.
- النمو الهائل في حجم المعلومات وسرعة انتشارها: بدأ التراكم الهائل في المعرفة في أواخر القرن العشرين؛ بسبب زيادة إنتاج المعلومات وظهور العديد من العلوم الجديدة، ومع مرور الوقت يتضاعف تدفق المعرفة بشكل مستمر وبفترات زمنية تقل تدريجياً. نتيجة لذلك، ازداد إنتاج الكتب والوثائق بأنواعها المختلفة، لتصل إلى حدٍ يصعب احتواء الكمية الهائلة من المعلومات المتدفقة بشكل مستمر؛ لذلك تم اللجوء إلى تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصال والمتمثلة بالشبكات المركزية والفرعية الخاصة بقواعد المعلومات، حيث سهّلت هذه التطبيقات حفظ ونشر المعلومات بشكل أسرع.
- تزايد الشعور بالاغتراب: أدى التحوّل السريع والتغيير المستمر في طبيعة المجالات الاقتصادية إلى حدوث تغيير كبير في طبيعة الوظائف والمهن وظهور مهن جديدة، كما اضطر بعض الأفراد إلى تطوير مهاراتهم لتواكب عجلة التطور، وبعضهم فقد مهنته أو اضطر إلى تغييرها، وقد أدّى ذلك إلى الحد من المشاركة الإيجابية للأفراد في مجتمعهم، وزيادة معدلات البطالة، وهذا يدفع الفرد إلى خلق نوع من المقارنة بين مجتمعهم والمجتمعات الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى شعوره بالاغتراب.
المراجع
- ^ أ ب ت جهاد عودة، مقدمة فى العلاقات الدولية المتقدمة، صفحة 472-473. بتصرّف.
- ^ أ ب سعد غالب ياسين، الادارة الالكترونية، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ أ.د. همام بدراوي، التربية المقارنة، صفحة 319-320-321. بتصرّف.