مقال عن فضائل النبي
النبي محمد صلى الله عليه وسلم
هو سيد الأنبياء والمرسلين، وإمام المؤمنين وقدوتهم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشميّ القرشيّ صلى الله عليه وسلم، مدحه الله -تعالى- في القرآن الكريم وذكر محاسن أخلاقه، حيث قال: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)،[1] وقد أمضى النبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة وعشرين عاماً مجاهداً في سبيل الله، وداعياً إلى دين الحق، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فأحبّه الصحابة رضي الله عنهم حباً جماً، وأثبتوا محبتهم بالأفعال والأقوال، حيث رُوي عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أنه قال: (رأيتُ رسولَ اللهِ في ليلةٍ إِضْحِيانٍ، وعليه حُلَّةٌ حمراءُ، فجعلتُ أنظرُ إليه وإلى القمرِ، فلهوَ عندي أحسنُ من القمرِ)،[2] ورُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (كان رسولُ اللهِ أبيضَ، كأنما صِيغَ من فضةٍ، رَجِلَ الشَّعرِ).[3][4]
فضائل النبي محمد صلى الله عليه سلم
اصطفى الله -تعالى- محمد -صلى الله عليه وسلم- من ذريّة آدم عليه السلام ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وخصّه من بين الأنبياء والرسل بالكثير من الفضائل، مصداقاً لقوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)،[5] ومن الجدير بالذكر أن معرفة هذه الفضائل تقوّي إيمان العباد برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزيد محبته في قلوبهم، مما يؤدي إلى زيادة تعظيمه والشوق إليه، ويمكن بيان بعض فضائله -عليه الصلاة والسلام- فيما يأتي:[6]
- أخذ ميثاق الأنبياء باتباعه: فقد أخذ الله -تعالى- الميثاق على الأنبياء جميعاً من آدم إلى عيسى بن مريم عليهم السلام جميعاً، باتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- في حال بعثته في حياتهم، وقد أخذ الأنبياء أيضاً العهد على أقوامهم باتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- عند بعثته، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ).[7]
- سيادة الخلق أجمعين: حيث أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سيّد ولد آدم، مصداقاً لما رُوي عنه أنه قال: (أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر)،[8] ومن الجدير بالذكر أن السيّد من اتصف بأعظم الأخلاق، وأكمل الصفات، ولذلك فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل الخلق في الدارين الدنيا والآخرة، فبما أنه اتصف بالأخلاق والصفات العظيمة في الدنيا، فقد استحق الدرجات العلى في الآخرة، وقد صرّح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك ليُخبر أمّته بعظم منزلته عند ربه عز وجل، ولأن غالباً ما يكون ذكر الإنسان لمحاسنه ومناقبه على سبيل الافتخار؛ أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يزيل وهم من ظنّ من الجهلة أنه يذكر ذلك افتخاراً، فقال: (ولا فخر).
- مغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر: حيث إن الله -تعالى- غفر لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ما تقدم من ذنبه وما تأخر، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا)،[9] ولم يثبت أن الله -تعالى- صرّح لباقي أنبيائه بمثل ذلك، والدليل أن كل واحد منهم -عليهم السلام- يذكر خطيئته عندما يأتيه الناس لطلب الشفاعة، فيقول: (نفسي نفسي)، ولو أنهم كانوا يعلمون بمغفرة ما تقدم من ذنبهم وما تأخر لَما تأخروا في الشفاعة للخلق، وفي ذلك الموقف يشفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للخلق.
- قسَم الله -تعالى- بحياته: فقد أقسم الله -تعالى- بحياة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال في كتابه الحكيم: (لَعَمرُكَ إِنَّهُم لَفي سَكرَتِهِم يَعمَهونَ)،[10] ويدل القسم بالحياة على فضل حياة المَقسوم بحياته وعزّتها عند المُقسِم بها، ولا عجب في ذلك فبسبب حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمّت البركة الخاصة والعامة.
- نداء الله -تعالى- له بأحب الأسماء وأكمل الصفات: حيث إن الله -تعالى- فضّل محمد -صلى الله عليه وسلم- بأن ناداه بأحب الأسماء وأكمل الصفات، فعلى الرغم من ندائه للأنبياء -عليهم السلام- بأسمائهم المجردة في القرآن الكريم، كما في قوله عز وجل: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ)،[11] وقوله تعالى: (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا)،[12] وقوله: يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)،[13] إلا أنه -سبحانه وتعالى- لمّا نادى محمد -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ)،[14] وقال: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ)،[15]
صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم الخُلقية
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعظم الناس خُلقاً، وقد شهد الله -تعالى- بذلك في القرآن الكريم، حيث قال: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[16] ويمكن بيان بعض صفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخُلقية فيما يأتي:[17]
- التواضع: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أبعد الناس عن الكِبر، فقد كان يجيب دعوة من دعاه، ويعود المريض، سواءً كان حراً أم عبداً، غنياً أم فقيراً، مصداقاً لما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُدْعَى إلى خُبْزِ الشَّعِيرِ والإِهالَةِ السَّنِخَةِ فَيُجِيبُ)،[18] وكان -عليه السلام- يجلس على الأرض، وعلى البساط، والحصير، وإذا صافح رجلاً لا ينزع يدَه من يدِه حتى يكون الرجل هو من ينزع يده أولا.
- العفو: ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في الصفح والعفو عن الناس، مصداقاً لما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن الأعرابي الذي بال في المسجد، فلما قام الصحابة -رضي الله عنهم- لينكروا عليه فِعلته ويعاقبوه عليها، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تُزْرِمُوه، دَعُوهُ، فتركوه حتى بال، ثم دعاه فقال له: إن هذه المساجدَ لا تَصْلُحُ لشيءٍ من هذا البولِ ولا القَذَرِ، إنما هي لِذِكرِ اللهِ عز وجل، والصلاةِ، وقِراءةِ القرآنِ)،[19] ثم أمر رجلًا من القومِ، فجاء بدَلْوٍ من ماءٍ، فأراقه عليه.
- الكرم والجود: فقد كان -صلى الله عليه وسلم أكرم الناس وأجودهم، وبذلك شهدت له زوجته أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- في قولها: (إنك تحمل الكل وتكسب المعدوم)، ورُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أجودَ الناسِ بالخيرِ ، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضانَ).[20][21]
- القوة والشجاعة: فقد حضر رسول الله أشد المواقف وأصعبها، ومع ذلك كان ثابتا راسخا لا يُدبر، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- إذا اشتدّ القتال بالمعركة، يحتمون برسول الله، يقول علي رضي الله عنه: (إنا كنا إذا اشتد البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه).[21]
المراجع
- ↑ سورة التوبة، آية: 128.
- ↑ رواه الألباني، في مختصر الشمائل، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في مختصر الشمائل، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 10، صحيح.
- ↑ فهد بن عبد الله الصالح (23/11/2017)، "صفات الرسول -صلى الله عليه وسلم-"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 253.
- ↑ ماجد المبارك، "خصائص النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 81.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3496، صحيح.
- ↑ سورة الفتح، آية: 2،1.
- ↑ سورة الحجر، آية: 72.
- ↑ سورة مريم، آية: 7.
- ↑ سورة هود، آية: 76.
- ↑ سورة البقرة، آية: 35.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 64.
- ↑ سورة المائدة، آية: 41،67.
- ↑ سورة القلم، آية: 4.
- ↑ "من أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في مختصر الشمائل، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 287، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 285، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1902، صحيح.
- ^ أ ب "من صفات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخُلُقية"، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2019. بتصرّف.