جاء في كتاب الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ)،[1] ولم تُفصّل الآية الكريمة ذلك، فبيّنت السنّة النبوية الشريفة تخصيص الميراث بالذكر المسلم واستثنت الذكر الكافر،[2] فقد جاء في الحديث الشريف أنّ المسلم لا يرث الكافر؛ حيث قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم)،[3] فهنا جاءت السنّة النبوية الشريفة فخصصت ما هو عام في القرآن الكريم.
من الأمثلة على تفسير القرآن بالسنّة ما ورد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم من إيضاح الغرض من الآيات القرآنية والتي فهم منها الصحابة رضوان الله عليهم غير مقصدها كقول الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)،[4] فقد بيّن الرسول الكريم أنّ المقصود هنا بالظلم هو الشرك،وأن للظلم درجات مختلفة وأن الشرك أعلى درجات الظلم،[5] فعن علقمة بن قيس قال: (لمَّا نَزلَت: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ شقَّ ذلِكَ على أَصحابِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وقالوا: أيُّنا لا يَظلمُ نفسَهُ ؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ليسَ هوَ كَما تظنُّونَ، إنَّما هوَ كما قالَ لُقمانُ لابنِهِ: يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم)،[6][7] فهنا فسّرت السنّة النبوية ما اختلط على الصحابة من فهم.
يعتبر التفسير اصطلاحاً شرحاً للقرآن وبياناً لمعناه والإفصاح بما يقتضيه بنصه أو إشارته،[8] ومن الجدير بالذكر أنّ للسنّة النبوية الشريفة أهمية كبيرة عند المسلمين ومنزلة واضحة في القرآن الكريم، والدليل على ذلك قول الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)،[9] فالله عز وجلّ يطلب من الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يبيّن للنّاس في القرآن، والبيان عند الرسول الكريم بمعنى الشرح وكشف المراد، إذاً فالسنّة النبوية الشريفة مرتبطة بالقرآن الكريم؛ فهي قد تأتي مطابقة له أو تخصص ما هو عام أو موضّحة لغرض الآيات ومقيّدة للمطلق وتأتي السنّة لتفصيل ما هو مختصر بالقرآن الكريم.[10]