-

تعبير عن أهمية الوطن وواجبنا نحوه

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

كم هي صغيرة كلمة الوطن بحروفها، وكم هي كبيرة بمعناها، فالوطن ليس قطعة من الأرض يقيم عليها من يقيم ويرحل عنها من يرحل، لكنه رمز تتجسد فيه كل المعاني، لذلك تغنى باسمه المغنون، وتحدث عنه الفلاسفة، وصدح بلفظه الشعراء، فكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي على لسان الطير:

هب جنة الخلد اليمن

الوطن بالنسبة إلى كلّ أبنائه يعني الانتماء إلى أرض، والانتماء إلى الأرض هو بالضرورة يعني الانتماء إلى الجماعة التي تعيش عليها، تلك الجماعة التي تتكون من دوائر اجتماعية يكون مركزها كل فرد منا تبدأ بالدائرة الأولى الأقرب والأضيق وهي دائرة الأسرة، وتنتهي بالدائرة الأوسع وهي التي نطلق عليها مصطلح الشعب أو الأمة.

إنّ الانتماء إلى هذه الأرض وللدائرة الأوسع التي يعيش عليها الإنسان لا يحتسب وفق الاعتبارات المكانية والمادية المجردة لكنه يعني بالضرورة الانتماء إلى الثقافة التي تسود في هذه القطعة من الأرض، بما تشمله هذه الثقافة من لغة وعادات ومعتقدات وتقاليد، وهو ما يميز هذه الأمة عن غيرها من الأمم، وهذا التميّز هو الذي اصطلح الناس على تسميته الهوية، لذلك تجد المواطن المنتمي يفكر المرة تلو المرة قبل أن يسافر، وقبل أن يهاجر راحلاً عن وطنه، لأنّه يعي تماماً أنّه يستطيع أن يرحل بنفسه، لكنه لا يستطيع أن يحمل وطنه في حقيبة السفر، لذلك قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن مكة: (واللهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللهِ وأحبُّ أرضِ اللهِ إلى اللهِ ، ولولا أني خرجتُ منكِ ما خرجتُ) [صحيح]، وهو ما أدركه الشاعر محمود درويش حينما قال: (وطني ليس حقيبة، وأنا لست مسافر).

ما دام الوطن يحتل من واقع الإنسان ومن نفسه كلّ هذه المكانة، فهذا يفرض عليه واجبات عظيمة تجاه هذا الوطن، وأولى هذه الواجبات الدفاع عنه إذا تعرض لعدوان، فالدفاع عن الوطن بهذا المعنى ليس مجرد دفاع عن أرض يقيم عليها، ويأكل من خيراتها إنما هو أيضاً دفاع عن جماعة ينتمي إليها، وثقافة يحملها، وهوية يعتز بها.

من واجب الإنسان تجاه وطنه أن يقدّم الغالي والنفيس في سبيل رفع مكانته وتقدمه وازدهاره في جميع المجالات، فيساهم في خدمة مجتمعه المحليّ وفق قدراته، ويحترم القوانين ويدعو إلى تطبيقها ويجابه من يخالفها، ولا يتهرّب من دفع الضرائب والرسوم، وغيرها من الواجبات التي تعود بالنفع والصلاح على وطنه، وهو بهذا يستحق أن يفاخر بانتمائه إلى هذا الوطن، فالمفاخرة بالانتماء تتناسب مع مقدار ما يقدمه الإنسان لوطنه من ألوان العطاء.