-

تعبير عن الشمس

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

هي سرّ الحياة على الأرض، وهي مصدر النور والإشراق؛ ففي كلّ يومٍ تُرسل خيوط أشعتها الذهبية، لتعلن بداية يومٍ جديد، وعلى موعدها يضبط الصباح ساعته، وتستيقظ العصافير من نومها، وتنشر على الملأ ذلك النور الإلهي العظيم، الذي يتغلغل في أعماق النفس قبل أن ينتشر في الأرض والسماء، فالشمس لا تُخلف ميعادها أبداً.

في شروق الشمس أعظم آيات الجمال، فما إن تبدأ أشعتها بالتسلّل رويداً رويداً، حتى تُلصق بياضها على وجه الحياة، فتتلوّن الأرض بكلّ ألوانها الزاهية، فتظهر الأشجار والزهور والطيور والفراشات، بعد أن كان يطمسها الظلام ويغطّيها بسواده، تأتي الشمس لتزيح كلّ تلك العتمة بأشعتها الذهبيّة الرائعة، وكأنّها تطبع على جبين الكون قبلة الحياة.

لا تكتفي الشمس بأن تضيء النهار، بل تمنح من أشعتها ونورها لغيرها، فتعكس هذا النور على القمر؛ فالقمر شقيق الشمس وهي صديقته الوفية، التي تعطيه من أسرار نورها ليضيء عتمة الليل الطويل، فيا له من توافقٍ رائعٍ، لا يطغى أحدٌ فيه على الآخر، ولا تتأخّر فيه الشمس عن وقتها، وكذلك القمر.

عند اختفاء الشمس خلف غيوم السماء تبدو كفتاةٍ خجولةٍ ترفض أن تظهر للملأ، لكنها رغم ذلك تختفي وراء الغيم لتأتي بالخير الوفير، وهي السر الإلهي العظيم الذي استودعه الله تعالى في كل الفصول، فلولا وجودها لما كان للفصول أي معنى، فهي موجودة في الكون لتكون دليلاً واضحاً على عظمة الله الذي أذن لها أن تتحكّم في النور والعتمة، وأن تتحكم بموعد الفصول، وأن يكون انتهاء الكون كله معلقٌ بانتهاء وجودها، وتغيير مسار شروقها من الشرق إلى الغرب، وهذا دليلٌ على أن الشمس من معجزات الإله العظيم.

ورد ذكر الشمس في القرآن الكريم مراتٍ عديدة، كما أن في القرآن سورة سميت بسورة الشمس، وأقسم الله سبحانه وتعالى في أول آيةٍ بالشمس وضحاها، حيث يقول تبارك وتعالى: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)، فهي في جميع لحظاتها، من شروقها إلى ضحاها إلى استوائها في كبد السماء وإلى غروبها، ترسم أجمل اللوحات، وتحدد أوقات أعظم عبادةٍ عند الله، وهي الصلاة، وترسم في الأفق لوحةً مبهرةً لا يمكن أن تُنسى، فمن أراد أن يملأ قلبه بالجمال الربّاني الأخّاذ، ما عليه إلا أن يتمعّن في منظر الغروب؛ فالصورة التي ترسمها خطوط الشفق الأحمر لحظة الغروب، لا يمكن أن يرسمها أي فنانٍ بارعٍ بجمالها الطبيعي.

الشمس لا تُخلف موعدها أبداً، بل تسير وفق نظامٍ دقيقٍ وثابت، ولا يمكن أبداً أن يزيد أو ينقص، فرحلتها في الكون هي الأساس الذي تنمو به الحياة.