بما فضل الله بعضهم على بعض
القوامة
من الأمور التي أولت الشريعة الإسلامية لها أهميةً كبيرةً؛ موضوع قِوامة الرجل على المرأة، حيث يقول الله عزّ وجلّ: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)،[1] فالقِوامة من نعم الله -عزّ وجلّ- على الرجل والمرأة، والتي تنطلق من تكوينهم الفطري، ومن الطبيعة التي أرادها الله تعالى لكلٍّ منهما، والتي تمّ تشويه صورتها فيما بعد، وفهمها بالشكل الخاطئ، عن طريق الترويج لحقوق المرأة مع ضعف الوعي بأمور الشريعة الإسلامية عند غالب المسلمين، فالقوامة في اللغة تعني؛ مراعاة المصالح، والقيام عليها، وقيّم المرأة؛ هو الذي يقوم بما تحتاج إليه، مراعياً مصلحتها، أمّا القوامة في الاصطلاح الشرعي فيُراد بها قوامة الزوج على زوجته، فهي ولايةٌ يحقّ للزوج من خلالها تدبير شؤون زوجته، وهي تكليفٌ للزوج وليست تشريفاً له، فقد مُنح القوامة بموجب العقد الشرعي الذي عُقد بينهما، والذي يتطلّب منه تحقيق مصلحة الزوجة بما يُحقّق السعادة والطمأنينة للزوجة، فما شاع بين الناس من أنّ القوامة ظُلمٌ للمرأة، وسلبٌ لحُريّتها لا يصحّ، فالقوامة مستنبطةٌ من القرآن الكريم، والسنة النبوية، وقد أقرّ بها جمهور الفقهاء والمفسّرون، ومن الجدير بالذكر أنّ المرأة في الجاهلية لم تحصل على أدنى الحقوق، فلم تكن سوى سلعةً تُباع وتُشترى، دون مراعاةٍ لكرامتها، فجاء الإسلام مُحرّراً لها من هذه العبودية، فقد منحها الإسلام حقّ الحياة، والتملّك، والميراث، والعلم، والحقّ في اختيار الزوج، فلا يصحّ عقد الزواج دون قبولها، وغيرها من الحقوق التي يطول ذكرها، وقد خلقها الله تعالى رقيقةً تحتاج للحماية، لذا أوجب الله تعالى للزوجة على زوجها النفقة، وتأمين السكن، والكسوة، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (دينارٌ أنفقْتَهُ في سبيلِ اللهِ، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقَبَةٍ، ودينارٌ تصدقْتَ بِهِ على مسكينٍ، ودينارٌ أنفقتَهُ على أهلِكَ، أعظمُهما أجرًا الذي أنفقْتَهُ على أهلِكَ)،[2] أي أنّ أفضل الإنفاق يكون بالإنفاق على الأهل.[3]
بما فضل الله بعضهم على بعض
كرّم الله -عزّ وجلّ- كلٌّ من الرجل والمرأة بالعديد من الأمور، فقد قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)،[4] وقد ذُكر أنّ سبب نزول هذه الآية برجلٍ من الأنصار لطم زوجته، فجاءت إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- تطلب حقّها، فأمر النبي بالقصاص لها، فقد جُعل الرجل قوّاماً على المرأة لما يترتب عليه من النفقة والقيام بشؤونها، وأمرها أن تُحسن إليه، وإلى أهله، وأن تقوم بحفظ ماله، والصالحات هنّ المستقيمات على الدين، أمّا القانتات فهُنّ المطيعات لله -عزّ وجلّ- في كلّ ما أمر، كما ويحفظن أزواجهنّ في أنفسهنّ حال وجودهم أو غيبتهم، أمّا المرأة الناشز؛ وهي التي ابتعدت عن الصواب، فعلى زوجها أن يتدرّج معها كما أمر الله عزّ وجلّ، فيبدأ معها بالموعظة الحسنة، فيقوم بتذكيرها بأمر الله عزّ وجلّ، ويُخوّفها من عقابه وعذابه إن لم تُطعه فيما أمر الله تعالى، فإن استجابت فلا سبيل له عليها، وإن لم تستجب فيهجرها في مضجعها، فللهجر أثرٌ كبيرٌ في نفس المرأة، فإن أبت يضربها ضرباً غير مُبرحٍ، فقد ذُكر أنّ أحد الصحابة سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (يا رسولَ اللَّهِ نساؤنا ما نأتي منها وما نذَرُ؟ قالَ: حرثُكَ فأتِ حرثكَ أنَّى شئتَ، غيرَ أن لا تضرِبَ الوجهَ، ولا تقبِّح، ولا تهجُرْ إلّا في البيتِ، وأطعِم إذا طعِمتَ، واكسُ إذا اكتسَيتَ، كيفَ وقد أفضى بعضُكم لبعضٍ؟)،[5] فإن طاعت زوجها فليس له أن يكلّفها حُبّه، وعلى الزوج ألّا يغفل عن قدرة الله -عزّ وجلّ- عليه، فإن ظلمها فقد تكفّل الله تعالى بالانتصار لها.[6]
تفضيل الرجل على المرأة
يشترك الرجل والمرأة في أنّ كلاهما مكرّمٌ في أصل خلقه، وفي التكليف الشرعي، ولقد فضّل الله -عزّ وجلّ- الرجل على المرأة؛ بأن جعل له القوامة على المرأة، وجعل الأنبياء والرسل -عليهم السلام- من الرجال، كما أنّ الرجال عليهم حماية الدولة من الأعداء عن طريق الجهاد في سبيل الله تعالى، وجعل الإسلام النسب عائدٌ إليهم، ومن واجباتهم تجاه المرأة؛ الإنفاق عليها، وتقديم المهر لها، وتدبير شؤونها، ولذلك جُعل الطلاق بيد الرجل.[7]
تفضيل المرأة على الرجل
جاء الإسلام لرفع مكانة المرأة، فقد تميّزت المرأة بعاطفتها القوية؛ حتى تتمكّن من القيام بواجباتها على أكمل وجهٍ، فلا يكون الرجل أفضل من المرأة جملةً، فكم من امرأةٍ تفوّقت على الرجال بعلمها ودينها وأخلاقها واستقامتها وبصيرتها، وقد شهد التاريخ الإسلامي عدداً كبيراً من النساء العالمات، وكنّ أُمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- خير قدوةٍ، ومثال ذلك: السيدة خديجة رضي الله عنها، والسيدة عائشة رضي الله عنها، وغيرهنّ مثل: فاطمة بنت محمدٍ، وآسيا زوجة فرعون، ومريم بنت عمران.[8]
أسباب قوامة الرجل على المرأة
منح الله -عزّ وجلّ- للرجل القوامة لعدّة أسبابٍ؛ منها: النفقة، فقد جعل الله تعالى النفقة سبباً للقوامة، فمن مسؤوليات الرجل تجاه زوجته؛ أن يقوم بدفع المهر لها، وتأمين السكن الكريم، وكلّ ما تحتاج إليه من طعامٍ، وشرابٍ، وكساءٍ، وعلى الرجل أن يقوم بتأمين احتياجاتها حتى لو كانت غنيةً، وليس عليها أن تقوم الزوجة بالإنفاق بحالٍ من الأحوال.[9]
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 34.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3398، صحيح.
- ↑ د. محمد المقرن، "القوامة الزوجية.. أسبابها، ضوابطها، مقتضاها"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 34.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في تغليق التعليق، عن معاوية بن حيدة القشيري، الصفحة أو الرقم: 4/431، إسناده حسن.
- ↑ ابن جرير الطبري، "تفسير الطبري"، quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 19-11-2918. بتصرّف.
- ↑ "الرؤية الشرعية لتفضيل الرجال على النساء"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2018. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، "ما حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام؟"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2018. بتصرّف.
- ↑ د. محمد المقرن، "القوامة الزوجية.. أسبابها، ضوابطها، مقتضاها"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2018. بتصرّف.