إنّ مفهوم الثقة في النفس يُشير إلى تحمل الإنسان المسؤولية تجاه نفسه، وإدراك قدرته على تحقيق العديد من الأمور مقابل معالجة المشاكل، ومواجهة الظروف الصعبة التي قد يمر بها، وكما هو مطلوب من المرء أن يثق في المُقربين منه أو أهل الثقة، فهو مُطالب بمنحها لنفسه، وتتجسد هذه الثقة في العديد من الصفات والأفعال التي سنتحدث عنها في هذا المقال.
إنّ الإنسان الواثق بنفسه لا ينتظر أن يرسم له الآخرين خطة حياته، ويُحددون أهدافه الشخصية، بل هو وحده من يفعل ذلك من باب فهمه الواضح لشخصيته وطبيعة مُتطلباتها، كما أنّه مُقتنع شديد الاقتناع بإمكانية الوصول إلى ما يصبو إليه بالإرادة والعمل وبالتزامن مع ابتعاده عن الكلمات المُنمقة حول الأمل والرجاء المُجردة من أي فعل على أرض الواقع.
هو ليس بحاجة لآراء الآخرين التي تكون عى الأغلب مُختلفة، كما قد تكون غير مُتناسبة مع شخصيته، بالإضافة إلى أنّها تكون قادمة من شخص خارج المشكلة أو الموضوع، في حين هو من يرى الأمر من الداخل، ويُدرك حقيقة الخيار الأفضل.
يعتبر الشخص الواثق من نفسه أنّه كما المركب التي تسير في البحر، ولا تأبه للأمواج المُتراطمة أو الرياح العاتية، دام أنّها تُريد الوصول إلى المرسى لا أكثر، كما أنّ الواثق هو بالضرورة شخص ذكي لا يُجيد رد الإساءة بل يمتلك مهارة التجاهل على أصولها.
يظهر على الشخص وثوقه من خلال صفاته أو تصرفاته الشكلية، مثل المشي برزانة وثقة، والتكلم بنبرة واضحة ومسموعة وحازمة، بالإضافة إلى الثبات عند التحدث إلى الآخرين، والتعبير بحركات اليدين بطريقة ما تدل على مدى ثقة الشخص بنفسه.
فلا يخشى ردة فعل الآخرين أو عدم رضاهم عندما يواجههم بقول الحق، لكنه في ذات الوقت يبتعد عن التجريح أو المبالغة، ولا يُجري تعديلاً على كلامه ليتماشى لاحقاً مع رغبات الآخرين، فهو قد أخرج ما في جعبته، وثبت على ذلك، ومن قوة ثقته فهو لا يُكرر كلامه أو رأيه، أو يسعى لإقناع الآخرين به فمرة تكفي.
لا تعني الثقة بالنفس إعلاء الصوت أو الصراخ، بل بالهدوء يمكن التفاهم مع الآخر، وإيصال الرسالة المطلوبة إليه، لكن إذا أدرك الواثق أنّ الحديث مع الطرف الآخر غير مُجدٍ، فإنه يصمت على الأغلب، بعد أنّ يكون قد حزم أمره معه ببعض الجمل، وتوقف المُتطفلين ومن يفتقدون الذوق العام عند حدودهم بطريقة صارمة.
يتباهى البعض في شتم الذات وتصغيرها أمام الآخرين، ما يُفقد الشخص الهيبة والاحترام في عيونهم، أما الواثق فهو يصون نفسه، ويكرمها قدر ما استطاع، دون أنّ تصل به الأمور إلى التكبر والمباهاة المُنفرة.