-

حفر الابار الارتوازية

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

البئر الارتوازيّ ونشأته

إنّ انتقال الماء لا يحدثُ في جميع الطبقات؛ فقد لا تَسمحُ بعض الصخور بانتقال وتدفُّق المياه، أو قد تسمحُ به بشكل قليل؛ أي أنّها غير مُنفذة للمياه، وهذا النوع من الصخور يُسمَّى بالصخور غير المُنفذة للمياه، بينما قد تُوجَد صخور أخرى يمكن أن تحفظَ كمّيات كبيرة من المياه، تُسمّى بالصخور المُنفذة للمياه، فهذه الطبقات من الصخور تُعَدّ مصدراً رئيسيّاً للمياه الجوفيّة، وقد أُطلِق على هذه الصخور مُسمّىً آخر وهو طبقات المياه الجوفيّة؛ وذلك بسبب وجود المياه فيها بكمّيات كبيرة، كما أنّ هنالك طبقات من المياه الجوفيّة المحصورة في باطن الأرض، وهي الطبقات التي تَقعُ تحت الطبقات غير المُنفذة للمياه، إذ قد لا تندفعُ المياه من هذه الطبقات إلى سطح الأرض من خلال العمليّات الهيدروليكيّة، وحينها تُسمّى هذه الطبقات ب (طبقات المياه الجوفيّة الارتوازيّة)؛ ولذلك يتمّ حَفْر الطبقات لضَخّ المياه من باطن الأرض الى السطح.[1]

أمّا البئر الارتوازيّ المُتدفِّق، فهو عبارة عن البئر الناجم عن حَفْر طبقات الأرض، ممّا يُخفِّف الضغط الموجود، ويسمحُ للماء الموجود في باطن الأرض بالوصول الى الهواء، وكلّما كان الضغط مُرتفعاً، كان وصول الماء إلى سطح الأرض مُندفِعاً، كما أنّ الينابيع وعيون الماء تنتجُ تبعاً للمبدأ نفسه؛ فعندما تتكوَّن فجوة أو ثقب في الطبقات الصخريّة غير النافذة، نتيجة زلزال مثلاً، فهو يسمحُ للماء الموجود في باطن الأرض بالتدفُّق والاندفاع إلى السطح، وفي حال كان الضغط عالياً، فإنّه ينتجُ عن المياه المُتدفِّقة من باطن الأرض عيون، وينابيع مياه حارّة.[2]

أمّا عن بدايات الآبار الارتوازيّة، فقد حُفِر أوّل بئر ارتوازيّ مُسجَّل في إحدى المُقاطَعات الفرنسيّة، وتحديداً في مُقاطَعة (أرتوا)، وكان ذلك في سنة 1126م، من قِبَل فريق من الرهبان الفرنسيّين، ونسبةً إلى المقاطعة، أُطلِق على هذه الآبار اسم (الآبار الارتوازيّة)، حيث حُفِرت الآبار في ذلك الوقت بطُرُق بدائيّة، وذلك من خلال تقنية الحَفْر الطرفيّ، إذ اخترقت من خلالها الطبقات الصخريّة، وسمحت للماء بالارتفاع، وتُعَدّ المياه الجوفيّة مصدراً آمناً لمياه الشُّرب؛ فهي مياه نقيّة ونظيفة مُقارَنة بمياه الأنهار، والمياه السطحيّة الأخرى؛ لأنّها تَمرُّ أثناء خروجها إلى السطح بصخور مساميّة تساعد على تنقيتها من المُلوِّثات.[2]

حَفْر الآبار الارتوازيّة

يتمّ حَفْر بئر ارتوازيّ من خلال عدّة مراحل، وذلك بهدف وصول المياه الجوفيّة إلى سطح الأرض، وفي ما يأتي عَرْض لهذه المراحل:[3]

  • عمليّة الحَفْر: حيث إنّه لتجهيز بئر ارتوازيّ، لا بُدّ أوّلاً من حَفْره، وتتمّ عمليّة الحَفْر عبر ثلاث طُرُق، وهي:
  • عمليّة التغليف: وهي تغليف جدار البئر بأنبوب بلاستيكيّ أو معدنيّ قويّ ومتين، مع مراعاة تَرْك مسافة بين الأنبوب، وجدار البئر؛ وذلك لأنّ قُطر الأنبوب أقلّ من قُطر جدار البئر، ويكون هذا التغليف الى ارتفاع مُحدَّد لا يصل الى نهاية البئر، وتكمنُ أهمّية هذا الأنبوب في حماية جدار البئر، وتقويته، وزيادة متانته، كما أنّه مُهمٌّ لنَقْل المياه في البئر، وبعد تغليف البئر بالأنبوب المعدنيّ تُوضَع المصافي بحيث يكون قُطرها مطابقاً لطول قُطر الأنبوب الموضوع، ومن المادّة المصنوع منها نفسها، إلّا أنّها تحتوي على فتحات، حيث تُستخدَم هذه المصافي في تصريف ماء البئر.
  • الغلاف الحصويّ للبئر: هو عبارة عن تغليف المنطقة الفارغة بين جدار البئر، والأنبوب، من خلال وَضْع الحصى فيها، بشرط أن تتراوح سماكته من 0.0762 متر إلى 0.2032 متر، حيث يُرشِّح الغلاف الحصويّ مياه البئر ، كما أنّه يحافظ على البئر من الرمال؛ إذ إنّ الرمال قد تُسبِّب الضرر في عمليّة ضخّ المياه، وذلك بتعطيلها مروحة الطلمبة، وهي تُؤثِّر في جودة البئر، وكفاءته بشكل سلبيّ.
  • عمليّة تطوير وتنمية البئر: وهي تنظيف البئر بشكل دوريّ ومُستمرّ، سواءً بعد الانتهاء من الحَفْر، أو بعد ذلك؛ لإجراء الصيانة الدوريّة، ومن الأجهزة المُستخدَمة لتنظيف البئر الكومبريسور (ضاغط الهواء).
  • تركيب المضخّات والطلمبات: أي تشغيل البئر من خلال ضخّ المياه، وذلك عن طريق تركيب الطلمبات وتبعاتها، وتوريدها، وتنزيلها الى البئر؛ بهدف تشغيلها، والحصول على المياه الجوفيّة عَبْر الآبار الارتوازيّة.
  • طريقة القيسون: وهي حَفْر التربة (الرمليّة، والطينيّة) بطُرُق وأساليب يدويّة.
  • طريقة البركشن: وهي حَفْر الطبقات الصخريّة باستخدام أداة حادّة وصلبة يتمّ إسقاطها على الصخور؛ لتُفتِّتَها، حيث ينتجُ عن تكرار هذا الاصطدام ثقب وفجوة صخريّة أسطوانيّة الشكل، وللحصول على هذه النتيجة، لا بُدّ من وجود مطرقة ثقيلة قادرة على إحداث هذا الثقب عند رَمْيها على الصخور.
  • طريقة الحَفْر الدوّار: وهي حَفْر الطبقات الصخريّة، والجيولوجيّة التي تقع على مسافات بعيدة عن سطح الأرض، حيث يكون رأس الحفّارة عبارة عن بريمة تحفرُ بشكل دوّار ومُلتَفّ، إذ إنّه عند تثبيت رأس الحفّارة على الصخور، تبدأ البريمة بالدوران والالتفاف لتحتكَّ بالطبقات الصخريّة، حيث تُدمّرها وتُكسِّرها، وينتجُ عن هذا التكسُّر فتات صخريّ يتمّ التخلُّص منه ومن عوالق الصخور، بواسطة سائل من الطين يُعرَف باسم (سائل الحَفْر)، وذلك عن طريق الضخّ القويّ للسائل من أنبوب الحفّارة الى داخل البئر عَبْر ثقوب في رأس الحفّارة؛ لينتقلَ بين الجدار والأنبوب، بحيث يستمرُّ في الانتقال إلى حين وصوله إلى سطح الأرض، لينتقلَ بعد ذلك إلى حفرة الترسيب، وهي عبارة عن حفرة يُترَك فيها السائل حتى يترسَّب فتات الصخور منه، وبعد الانتهاء من ترسيب الفُتات، يُستعمَل السائل مرّات أخرى للغرض نفسه، وذلك بعد نَقْله إلى حفرة أخرى تخلو من الفُتات الصخريّ.

المياه الجوفيّة

المياه الجوفيّة هي عبارة عن مياه موجودة في الشقوق، والمسامات الصخريّة الموجودة تحت سطح الأرض، فحينما تنزل مياه الأمطار، ينجرف بعضها إلى البحيرات، والأماكن المنخفضة، أو يتبخَّر، أو تمتصُّ التربة بعضه، فينساب إلى أعماق الصخور والطبقات التي تقع أسفل طبقة التربة، وهي عبارة عن منطقة غير مُشبَعة، تحتوي على مساحات قليلة من المياه، ومساحات كبيرة من الهواء، حيث تُملأ بالماء عند هطول المَطر، وتُعَدّ المياه الجوفيّة من أهمّ مصادر المياه التي قد تُوجَد في الطبيعة بشكل كبير، كما أنّها تتحرَّك ضمن حركة حلقيّة مُنحنِية؛ بسبب الجاذبيّة، ومَيْل المياه.[4][5]

المراجع

  1. ↑ "Hydrologic sciences", www.britannica.com,Retrieved 30-7-2018. Edited.
  2. ^ أ ب "Over 35 years supplying private water to clients across the UK"، www.daleswater.co.uk. بتصرّف.
  3. ↑ "مراحل حفر ابار المياه الجوفية"، www.kenanaonline.comاطّلع عليه بتاريخ 30-7-2018.. بتصرّف.
  4. ↑ "Groundwater", www.encyclopedia.com, Retrieved 30-7-2018. Edited.
  5. ↑ بواسطة إدوارد جي تاربوك، فريدريك كي لوتجينس، دينيس تازا، الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية، صفحة 486. اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2018.بتصرّف.