تعد مرحلة الطفولة مرحلةً مهمةً في بناء شخصية الطفل بطريقةٍ سلبيةٍ أو إيجابيةٍ، وذلك حسب ما يلقاه من اهتمامٍ ورعاية، ولا بد من الإشارة إلى أن الإسلام وضّح حقوق الفرد منذ طفولته، واهتم بها، وذلك من أجل تنشئته تنشئةً صحيحة، وبالتالي ضمان بناء مجتمعٍ صالحٍ، وراقٍ، ومتقدِّمٍ، يوفّر لأفراده حقوقهم، وفي هذا المقال سنعرفكم على حقوق الطفل في الإسلام.
يحرّم الإسلام المساس بحياة الجنين، أو محاوله إجهاضه بعد نفخ الروح فيه لأن ذلك يعد قتلاً للنفس التي حرم الله قتلها، وقد ورد ذلك في قوله سبحانه وتعالى (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) [الأنعام: 151]، وقد أظهر الفقهاء اهتمامهم بهذه القضية، وبينوا عقوبة من يفعل ذلك عمداً، من أجل ضمان المحافظة على حق الجنين بالحياة، ومنع التعدي عليها.
منح الإسلام الجنين حقاً في ضرورة العناية به، وذلك عن طريق منع أي أذى من وصوله، والاهتمام بصحة أمه، وتغذيتها، وعدم تعريضها لأي أمر يهدد حياتها أو حياة جنينها.
تعتبر العناية بالصحة النفسية للجنين أمراً مهماً يقع على عاتق والديه، وذلك عن طريق الاهتمام بالصحة النفسية للأم، وإبعادها عن كل الصدمات النفسية، والمنغّصات التي تؤثر على حياتها، مع وجوب إحسان الزوج إليها، ورعايتها، إضافةً إلى إقناعها بضرورة تقبّل الجنين، وحبه، لأن كل ذلك من شأنه أن يؤثر على نفسيته.
حرص الإسلام على وصول حق الجنين في التركة كاملاً، وقد وضح الفقهاء كيفية ذلك، من أجل ضمان حقه، ومنع ضياع نصيبه من أموال والديه خشية تقسيم التركة بين الأحياء، ونسيان وجوده.
حرص الإسلام على المحافظة على حياة الطفل بعد ولادته، ومنع انتهاك هذا الحق لمجرد رغبة الوالدين في التخلص منه، ظناً منهما أنه سيلحق بهما العار، أو سيزيد فقرهما، علماً أن مثل هذه العادات كانت سائدةً في العصر الجاهلي، حيث كانوا يدفنون الأنثى وهي حية، وقد ورد ذلك في قوله تعالى: ( وَإِذا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير: 8-9].
ينبغي أن يكون لكل طفل اسمه الذي يميزه عن غيره، إذ إنّ الاسم يرافق الإنسان طيلة حياته، حتى إنه ينادى به أمام الخلق يوم القيامة، لذلك اختيار اسم الطفل أمرٌ يقع على عاتق والديه، وقد عدّ الإسلام الاختيار الخاطئ لاسم الطفل نوعاً من أنواع عقوق الوالدين لأبنائهم.
أوجب الإسلام على الوالدين أن يفرحا بمجيء طفلهما، وأن يعبروا عن فرحهم هذا، كذبح العقيقة عنه، وحلاقة شعره، وغيرها من أمور الاهتمام به.
يقع على عاتق الوالدين تنشئة طفلهم تنشئةً سلوكيةً واجتماعيةً صحيحةً، مع ضرورة الاهتمام بتربيته، وتأديبه، وتعويده على العادات والأخلاق الحسنة، ومحاولة إصلاح نفسه، والترويح عنه، وملاعبته، وتقويم اعوجاجه، وإبعاده عن رفقاء السوء، ومنعه من الاختلاط بهم، وحمايته من أيّ أذى نفسي أو جسدي، كإبعاده عن مشاكل والديه، من سوء تفاهم، أو انفصال، أو فقر، أو ضرب، وعقابه بطريقة مهذبة حينما يخطأ، وإفهامه سبب معاقبته، وتجنب تعذيبه، وحفظ كرامته، وتجنب استغلاله، وتحميله ما لا يطيق، وتوفير العلاج المناسب له في حال مرضه، وإبعاده عن كل المسببات التي تؤثر على سلامته، وتعليمه قواعد السلامة العامة، وتوفير سبل التعليم له بشرط أن يتلاءم مستواه مع عمر الطفل وطريقة تفكيره، وإفهامه تعاليم دينه، وتوجيهه توجيهاً صحيحاً.