تصنيف الناس بين الظن واليقين طب 21 الشاملة

تصنيف الناس بين الظن واليقين طب 21 الشاملة

الظنّ واليقين

لا يكون التقرُّب إلى الله -سبحانه وتعالى- بالأمور العمليّة فقط، بل قد يكون بأمور أخرى قلبيّةٍ أو عقليّةٍ، ومن تلك الأمور إحسان الظنّ بالله، والاعتقاد بأنّ الله سُبحانه وتعالى أعدّ لعباده من الخير ما لا يسعُهم تصوُّره إذا ما التزموا بأوامره وانتهوا عن نواهيه، وبناءً على ذلك فإنّ النّاس يتفاوتون في القُرب من الله والبعد عنه كلٌّ حسب إحسان ظنّه بالله إو إساءة ظنّه به.

وقد ثبت في الصّحيح أنّه كلّما ازداد حُسن ظنّ العبد بالله ازدادَ قُرباً منه، من ذلك ما جاء في حديث المُصطفى صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث قال: (خرَجْتُ عائدًا لِيزيدَ بنِ الأسودِ، فلقِيتُ واثِلةَ بنَ الأسقعِ وهو يُريدُ عيادَتَه، فدخَلْنا عليه، فلمَّا رأى واثِلةَ بسَط يدَه وجعَل يُشيرُ إليه، فأقبَل واثِلةُ حتَّى جلَس، فأخَذ يزيدُ بكفَّيْ واثِلةَ فجعَلهما على وجهِه، فقال له واثِلةُ: كيف ظنُّك باللهِ؟ قال: ظنِّي باللهِ -واللهِ- حسَنٌ، قال: فأبشِرْ، فإنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ: قال اللهُ جلَّ وعلا: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي إنْ ظنَّ خيرًا، وإنْ ظنَّ شرّاً).[١]

معنى الظنّ واليقين

معنى الظنّ

الظنّ لُغةً: هو الاعتقاد الرّاجح مع احتمال النّقيض، وتُستخدَم لفظة الظنّ في الإشارة إلى اليقين والشكّ،[٢] ويُقصَد بحُسن الظنّ بالله اصطِلاحاً: أن يعلم العبد أنّ الذي يبتليه ويختبره بالمرض والأوجاع هو الله سبحانه وتعالى، وأنّ الله -عزَّ وجلَّ- لم يبتلِه ليُهلِكَه أو يُعذِّبه أو يضُرَّه، وإنّما ابتلاه مثل غيره من الخَلق؛ ليمتحِنهم، ويعلم من يصبر منهم مِمّن يجزع، ويرى تطبيقَهم العمليّ للإيمان بالله وإحسان التوجُّه إليه في وقت الشِّدّة كما في وقت الرّخاء، وليسمعَ دُعاءَهم إذا أصابهم البلاءُ، ويرى انكسارهم له لا لسواه؛ حتّى يرفع ما بهم من أذىً، وقد بينّ الله -سبحانه وتعالى- أنّه لا يُمكن أن يتجاوز ذلك الاختبار إلا من صلح عمله، وصدق إيمانه.[٣]

معنى اليقين

اليقين: هو العِلم بأنّ حُكم الله خير الأحكام، وأفضلُها، وأتمُّها، وأعدلُها، وأنّ الواجب على كلِّ مكلّفٍ الانقيادُ له، مع الرِّضا والتّسليم التامّ بكلّ الحوادث التي تمرّ بالمسلم،[٤] وذلك تصديقاً لقول الله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).[٥]واليقين أيضاً: التّصديق الجازِم الذي تستقرّ معه النّفس وتطمئنّ.[٦]

تصنيف النّاس بين الظنّ واليقين

يمكن التّمييز بين الظنّ واليقين عند النّاس بعدّة أمور؛ فالعبد المؤمن يكون مُقبلاً على الآخِرة بالعمل الصّالح؛ لعِلمه اليقين أنّ الله سيجزيه لقاء عمله، بينما يسعى الذي يظنّ بالله ظنّ السُّوء إلى إدراك الدُّنيا بكلّ ما أوتِي من طاقةٍ؛ لأنّه يظنّ أن الله لن يحاسبَه على ما قدّم في الدذُنيا من الأعمال فيُهمل الآخرة، وممّا يوضّح الفرق بين النّاس من حيث الظنّ أو اليقين ما يأتي:[٧]

الظنّ واليقين في القرآن الكريم

أظهرت النّصوص القرآنيّة منزلة الظنّ واليقين بالله في الكثير من المواضع، ممّا يدلُّ على مكانة إحسان الظنّ بالله وأهميّته، وفضل اليقين عند الله سبحانه وتعالى، كما أظهرت تلك النّصوص أهميّة توجُّه العِباد إلى الله تعالى، وأنّهم يتفاضلون في درجات ظنّهم ويقينهم بالله، وذلك ما يزيد قُربَهم من الله أو بعدهم عنه، وبيان بعض تلك النّصوص فيما يأتي:

الظنّ في القرآن الكريم

جاء ذِكر تفاضُل النّاس بين الظنّ واليقين في القرآن الكريم في العديد من المواضع، منها على سبيل المثال ما يأتي:[١٠]

اليقين في القرآن الكريم

ذُكِر اليقين في كتاب الله -سبحانه وتعالى- في العديد من المواضع، وأشارت تلك المواضع في غالبيّتها إلى أفضليّة اليقين وأهله، ومكانته عند الله سبحانه وتعالى، وكيف يكون أجر من يتّصف بتلك الصِّفة ويتحلّى بها يوم القيامة، وممّا جاء في اليقين في كتاب الله ما يلي:

الظنّ واليقين في السُّنّة النبويّة

مثلما ذُكِر حُسن الظنّ بالله واليقين به في كتاب الله، فقد ذُكِر ذلك أيضاً في سُنّة رسوله المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- في مواضع كثيرةٍ، وممّا جاء في الظنّ واليقين في الحديث الشّريف ما يأتي:

المراجع

  1. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن واثلة بن الأسقع، الصفحة أو الرقم: 641، أخرجه في صحيحه.
  2. ↑ الجرجاني (1983)، التعريفات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة: 144.
  3. ↑ الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة: 174، جزء: 75.
  4. ↑ أبو سهل محمد بن عبد الرّحمن المغراوي، موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (الطبعة الأولى)، القاهرة - مصر: المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع، صفحة: 310، جزء: 10. بتصرّف.
  5. ↑ سورة المائدة، آية: 50.
  6. ↑ محمد بن عبد الرّحمن الخميس، أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة، السعودية: دار الصميعي للنشر والتوزيع، صفحة: 391. بتصرّف.
  7. ↑ "سبيل الوصول إلى حسن الظن بالله تعالى"، إسلام ويب، 23-1-2010، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2017. بتصرّف.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان، الصفحة أو الرقم: 2999، صحيح.
  9. ↑ د. بدر عبد الحميد هميسه، "صفات أهل اليقين"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2017. بتصرّف.
  10. ↑ "لفظ (الظنّ) في القرآن الكريم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 28-2-2017. بتصرّف.
  11. ↑ سورة الحاقة، آية: 19-24.
  12. ↑ سورة الحاقّة، آية: 20.
  13. ↑ سورة الفتح، آية: 6.
  14. ↑ سورة البقرة، آية: 45.
  15. ↑ سورة البقرة، آية: 46.
  16. ↑ سورة آل عمران، آية: 154.
  17. ↑ محمد راتب النابلسي (2-1-1998)، "ظنّ الجاهلية"، موسوعة النابلسي، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2017. بتصرّف.
  18. ↑ سورة البقرة، آية: 3-5.
  19. ↑ سورة الذاريات ، آية: 20-23.
  20. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن واثلة بن الأسقع، الصفحة أو الرقم: 641، صحيح.
  21. ↑ رواه البوصيري، في إتحاف الخيرة المهرة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/412، إسناده حسن.
  22. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2675، صحيح.
  23. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2877، صحيح.