شروط صحة الصلاة
الصلاة
إن الصلاة من أعظم العبادات في الإسلام، ولها أهميةٌ كبيرةٌ في حياة المسلمين، فهي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما أنّ الصلاة لا تسقط عن المسلم في أيّ حالٍ من الأحوال، إلا عند غياب العقل؛ لأنّه مناط التكليف، حيث إنّ المحافظة على الصلاة تعود على المسلمين بآثارٍ طيبةٍ، فعند أداء الصلاة في أوقاتها المخصوصة يتدرّب المسلم على تنظيم وقته، ومن خلال الوضوء، الذي يُعتبر شرط من شروط صحة الصلاة، يتخلّص المسلم من الأدناس المعنوية؛ كسوء الخلق، والأدناس الحسيّة بالمحافظة على نظافة وطهارة الجسد، والثياب، والمكان، بالإضافة إلى أنّ الصلاة سببٌ للعزّة والقوة، حيث إنّ السجود والذّل لا يكون إلّا لله وحده، مصداقاً لما رُوي عن أبي أمامة الباهلي أنّه طلب من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يأمره بعملٍ ما يقوم به، فقال: (اعلَمْ أنَّك لن تسجُدَ للهِ سجدةً إلَّا رفع اللهُ لك بها درجةً وحطَّ عنك بها خطيئةً).[1][2]
شروط صحة الصلاة
يُعرّف الشرط عند الأصوليين بأنّه الشيء الذي يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود، وبناءً على ذلك فإنّ اختلال شرطٍ واحدٍ من شروط صحة الصلاة يُفسد الصلاة، وفيما يأتي بيان تلك الشروط بشكلٍ مفصّلٍ:[3]
- النية: حيث إنّ الله -تعالى- لا يقبل أيّ عملٍ كان إلّا بنيّةٍ خالصةٍ، ولذلك فإنّ الدخول في الصلاة من غير نيّةٍ يُبطلها، مصداقاً لما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى).[4]
- دخول الوقت: فقد أجمع العلماء على اشتراط دخول الوقت لأداء الصلاة بشكلٍ صحيحٍ، فإذا تمت الصلاة قبل دخول وقتها فهي صلاةٍ باطلةٍ، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[5] ومن الجدير بالذكر أنّ للصلاة أوقاتاً محددةً، حيث ذكرها الله -تعالى- مجملةً في القرآن الكريم، فقال: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا)،[6] وقوله تعالى: (لِدُلوكِ الشَّمسِ)؛ أي لزوالها، وهو منتصف النهار، وقوله: (إِلى غَسَقِ اللَّيلِ)؛ أي منتصف الليل، فالوقت الممتد من منتصف النهار إلى منتصف الليل يشمل صلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء حيث بيّن أوقاتها الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مفصّلةً في السنّة النبوية.
- الطهارة: وهي نوعان: طهارةٌ من النجس، وطهارةٌ من الحدث، وأمّا الطهارة من النجس فتشمل طهارة المكان، وطهارة الثوب، وطهارة البدن، إذ لا تصحّ الصلاة إن كان على البدن شيءٌ من النجاسة، حيث مرّ النبي -عليه الصلاة والسلام- بقبرين، فقال: (أَمَا إنهما لَيُعَذَّبانِ، وما يُعَذَّبانِ في كبيرٍ أَمَّا أَحَدُهما فكان يمشي بالنميمةِ، وأما الآخَرُ فكان لا يَسْتَتِرُ من بولِهِ)،[7] وأمّا الطهارة من الحدث فتشمل الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وقد أجمع العلماء على عدم صحة صلاة المُحدِث، واستدلوا على ذلك بالحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا يقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أحدثَ حتى يتوضأَ).[8]
- ستر العورة: فقد أجمع العلماء على عدم صحة صلاة من صلّى كاشفاً عورته، حيث نقل الإجماع ابن عبد البر حيث قال: (وأجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه، وهو قادر على الاستتار به وصلى عرياناً)، واستدلوا بقول الله تعالى: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ)،[9] ومن الجدير بالذكر أنّ العورة تنقسم إلى عدة أقسامٍ بالنسبة للمصّلين، فعورة الذكر الذي يتراوح عمره ما بين السبع إلى العشر سنين هي الفرجان القُبل والدبر فقط، وتسمّى عورةٌ مخفّفةٌ، وعورة الذكر البالغ عشر سنين فما أكثر ما بين السرة إلى الركبة، وتسمّى عورةٌ متوسطةٌ، وجميع بدن المرأة البالغة الحرّة عورةٌ إلّا الوجه والكفين، وثمة خلافٌ بين العلماء على القدمين، وتسمّى تلك العورة بالعورة المغلّظة.
- استقبال القبلة: فقد أجمع العلماء على عدم صحة صلاة الفريضة إلى غير القبلة مع القدرة على استقبالها، واستدلوا بقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- للمسيء صلاته: (ثم استقبِلِ القِبلةَ فكبِّرْ).[10]
شروط وجوب الصلاة
ثمّة عددٌ من الشروط لا بُدّ من توفّرها لوجوب الصلاة على المسلم، وفيما يأتي بيانها:[11]
- الإسلام: حيث إنّ الصلاة لا تجب على الكافر، ولا تصحّ منه، وفي حال إسلامه لا يجب عليه قضاء ما فاته من الصلاة؛ لأنّ في إيجابها عليه تنفيراً له عن الإسلام، والدليل على عدم وجوب قضاء الفائت من الصلوات على الكفار في حال إسلامه قول الله تعالى: (قُل لِلَّذينَ كَفَروا إِن يَنتَهوا يُغفَر لَهُم)،[12] وأمّا المرتدّ عن الإسلام؛ فيجب عليه قضاء ما فاته من الصلوات إن عاد إلى الإسلام.
- البلوغ: حيث إنّ الصلاة لا تجب على الصبي حتى يبلغ، مصداقاً لما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن الصبيِّ حتى يبلغَ وعن المجنونِ حتى يفيقَ وعن النائمِ حتى يستيقظَ)،[13] ولكن يؤمر بالصلاة في سن السابعة، ويُضرب عليها في سن العاشرة، كما أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (مروا صبيانَكم بالصلاةِ إذا بلَغوا سبعاً واضربوهُم عليها إذا بلَغوا عشراً)،[14]
- العقل: حيث تسقط الصلاة عن المجنون، دلّ على ذلك الحديث السابق، ويدخل فيه من ذهب عقله بسببٍ مباحٍ عند الشافعية خلافاً للحنابلة، وأمّا إن كان زوال العقل بجرم فلا يسقط الوجوب بل يلزم القضاء عند الإفاقة.
- الحيض والنفاس: حيث تسقط الصلاة عن المرأة الحائض والنفساء، ولا يجب عليها قضاء الصلاة بعد الطهارة منهما.
المراجع
- ↑ رواه الوادعي، في صحيح دلائل النبوة، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 273، صحيح.
- ↑ "الصلاة وحياة المسلم"،saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2018.
- ↑ "شروط صحة الصلاة"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
- ↑ سورة النساء، آية: 103.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 78.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 292، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 6954، صحيح.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 31.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6251، صحيح.
- ↑ "شروط الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 38.
- ↑ رواه النووي، في المجموع، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 7/20، صحيح.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 10/166، صحيح.