تعريف القضاء والقدر لغة وشرعاً
أركان الإيمان
تعتبر أركان الإيمان من الأسس التي يقوم عليها إيمان كلّ مسلم فلا يصحّ ولا يكتمل بدون وجود أيّ واحدة منها، وذُكرت تلك الأركان السّتة في حديث جبريل عليه السّلام حينما أتى إلى النّبي عليه الصّلاة والسّلام في صورة رجل كي يعلّم المسلمين أمور دينهم، ومن بين تلك الأركان ركن الإيمان بالقضاء والقدر، فما هو تعريفهما لغة وشرعاً؟
معنى القضاء لغة وشرعاً
إنّ معنى القضاء شرعاً هو: علم الله تعالى الأزلي وتقديره لكلّ ما في الوجود، وكتابته ومشيئته لكلّ ما هو كائن إلى قيام السّاعة، أما اصطلاحاً فتعود أصل كلمة القضاء إلى قضى، وتأتي تلك الكلمة بمعانٍ كثيرة، منها حكم وأتمّ خلق أمر وأتقنه، ونفذ أمراً لجهته، وقضى رئيس المحكمة بمعنى حكم حكماً ينبغي إنفاذه وتطبيقه، ووردت كلمة القضاء في القرآن الكريم بما يشير إلى تلك المعاني وأكثر، ومنها:
- الحكم والأمر، وذلك في قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) [الإسراء: 17].
- إتمام الخلق وإتقانه، ومنها قوله تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصّلت: 12].
- الإخبار والبيان، ومنها قوله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ) [الإسراء: 4].
معنى القدر لغة وشرعاً
إنّ معنى القدر شرعاً هو خروج الممكنات من العدم إلى الوجود خروجاً مدبّراً محكماً وفق علم الله تعالى ومشيئته وبما يتوافق مع قضائه سبحانه المكتوب منذ الأزل، أما القدر لغة فهو من قدر الشّيء أو قدّره، أي عرف مبلغه ومنتهاه وكنهه، ومنها قدّر فلان قيمة هذا الشّيء، أي عرف قيمته وما يساويه في واقع الحال، وتأتي كلمة القدر في القرآن الكريم بمعان عدّة نذكر منها:
- التّدبير، في قوله تعالى: (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) [المرسلات: 12].
- تحديد المقدار الزّمني أو المكاني، في قوله تعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [يس: 39].
- التّعظيم، في قوله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) [الزمر: 67].
الفرق بين مفهوم القضاء والقدر
وفق تعريف القضاء والقدر يمكن معرفة الفارق بينها، فالقضاء يشير إلى علم الله تعالى لكلّ ما هو كائن علماً أزلياً مشتملاً على مراتب ثلاث وهي مرتبة العلم؛ حيث علم الله كلّ ما هو كائن قبل خلق السّموات والأرض والنّاس، ومرتبة الكتابة حينما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما هو كائن إلى قيام السّاعة، ومرحلة المشيئة؛ حيث لا يوجد ولا يخلق إلا ما يشاءه سبحانه، أمّا القدر فهو أخصّ حيث يشير يشتمل على مراتب القضاء الثلاث بالإضافة إلى مرتبة رابعة وهي مرحلة التّنفيذ، والخلق، والإيجاد، وبينما يشير القضاء إلى الحكم الكلّي للموجودات المكتوب في الأزل في اللّوح المحفوظ يشير القضاء إلى تفصيلات هذا الحكم الكلّي ومراحله ظهوره الجزئيّة المتفرّقة عند تحقّق شروط وجودها، فالقضاء سابق، بينما القدر لاحق.