تعريف الحوار طب 21 الشاملة

تعريف الحوار طب 21 الشاملة

تعريف الحِوار

يُعرّف الحِوار بِأنّه مُناقشة الكلام بين الأشخاص بهدوءٍ واحترام ودون تعصُّب لِرأيٍ مُعيّن أو عُنصريّة، وهو مَطلَبٌ من مَطالِب الحياة الأساسيّة؛ فَعَن طريقه يتمّ التّواصل بين الأشخاص لِتبادُل الأفكار وفَهمِها.[١] يُستخدَم الحِوار لِلكشف عن الحقيقة فَيَكشِف كلّ طرف من المُتحاورين ما خَفِيَ على الطّرف الآخر، وهو الحِوار يُشبع حاجة الإنسان، ويَسمح له بِالتّواصل مع البيئة المُحيطة والاندماج بِها، إضافةً إلى أنّه يساعد على التعرّف على وجهات النّظر المُختلفة للمُتحاورين.[٢]

يمكن تعريف الحوار أيضاً بأنّه تَعاونٌ بين الأطراف المُتحاورة بِهدف مَعرفة الحقيقة والوصول لها، وفيه يكشِف كلّ طرف عن كلّ ما خَفِيَ على الطّرف الآخر، يَقول الحافظ الذهبي: (إنّما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ)،[٣] وفي القرآن الكريم جاء الحِوار بِمعنى المُجادلة بالحُسنى.[٤]

الفرق بين الحِوار والجِدال

الحِوار من المُحاورة، ويعني المُراجعة في الكلام، أمّا الجِدال فهو يُستعمل لِمن يُخاصِم ويشغِل عن ظهور الحق، ويُستعمل أيضاً لِمُقابلة الأدلّة لِظهور أرجحها، ويَحمِل الحِوار والجدال دلالة واحدة، وقد اجتمعا في القرآن الكريم في آيةٍ واحدة، قال تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)،[٥] والمعروف عند النّاس أنّ الحِوار والجدال يُعتبران نِقاشاً بين طرفين أو أكثر بِقَصد إظهار حُجّة مُعيّنة، وإثبات حقّ، ورَدّ لِلفساد.[٦]

أهمية الحِوار في حياة الإنسان

يُلبّي الحِوار حاجة الإنسان لِلاستقلاليّة كما يُوازِن بين هذه الحاجة وحاجته لِمشاركة الآخرين والتّفاعُل معهم، والحِوار الفعّال يُعالِج المُشكلات الّتي تُواجه الإنسان، ويقوّي القِيَم والأخلاق في الحَضارات؛ فالكثيرُ من الحَضارات أغلقت باب الحِوار ورفضت تقويم الأفكار السلبيّة وتعديلها ممّا أدّى إلى مُداهمة الأفكار الخارجيّة لها من حَضارات ودُول أخرى وهذا أدّى إلى تَدَهوُرِها وسُقوطها.[١]

أهداف الحِوار

الهدف الأصلي من الحِوار هو إقامةُ الحُجّة، ودفعُ الشُّبهات، والآراء، والأقوال الفاسِدة، أمّا الأهداف الفرعيّة له فهي:[١]

آداب الحِوار

للحِوار آدابٌ يَنبغي على الأطراف المُتحاوِرة الالتزام بها، وهي:[٣]

القول الحَسَن واجتناب أسلوب التحدّي

يَجِب على الشّخص المُحاوِر أنْ يُناقِش بِأسلوب حَسَن بعيدٍ عن التّجريح والإساءة للطّرف الآخر، فلا يَتعمَّد أن يُوقِعه في الإحراج و يَتحدَّاه، كما يَجب عليه أنْ يتحلّى بِالأَدب واللباقة أثناء الحَديث، وأنْ يبتعِد عن السُّخرية وإثارة غضب الطّرف الآخر والاستهزاء به.

الالتزام بوقت مُحدّد للحديث

لِكلّ شخص قُدرة مُعيّنة على التّركيز والسّماع للطّرف الآخر، فَينْبغي على المُحاور أنْ لا يُكثِر من الكلام، وإنمّا الحديث باختصار، وأنْ يُراعي رغبة الآخرين في الحديث وقيمة وقتهم، والأفضل لِلمتحدّث أنْ يُنهِ حديثه قبل أنْ يَنتاب النّاس الشّعور بالملل والشُّرود.

حَصْر الحِوار في مكان مَحدود الحُضور

إنّ الحِوار في جَلسةٍ جماهيريّة من شأنِه أنْ يُؤدّي إلى حدوث فوضى، وتشويش الأفكار، وتَغطية الحقّ، إضافةً إلى أنّه من المُمكِن أن يجد أحد الأطراف صعوبةً في التّسليم للطّرف الآخر أمام الحضور، لِذلك ينبغي أنْ يكون الحِوار في جلسةٍ مَحدودة الحُضور.

حُسْن الاستماع وعدم مُقاطعة الطّرف الآخر

يَجِب على الشّخص المُحاور أنْ يتحلّى بِحسن الاستماع والإصغاء لِلطّرف الآخر، وعليه أنْ لا يَحصُر تفكيره بالرّد على الشخّص المُتحدّث أثناء حديثه وأنْ لا يُعطي اهتماماً لِما يَقوله.

احترام الطّرف الآخر

يَجِب أنْ يكون الحِوار بين الأطراف قائِماً على احترامِ بعضهم البعض والتحدّث بِأسلوبٍ وعِبارات لائِقة، وعليهم أنْ لا يُحَوِّلو الحِوار إلى مُبارَزة ألفاظ جارِحة وطاعِنة، وإنّما يَلزَم تقدير بعضهم البعض وإعطاء كلّ طرف حقّه في الحديث.

الإخلاص

على المُتحاوِر أنْ يكون مُخلِصاً ولَدَيه هَدَف واضِح من الحِوار وهو الوُصول لِلحقيقة، بعيداً عن الرّياء وإظهار النّفس أمَام الآخرين، وعليه أنْ يُوقِف الحِوار إذا بَدأت حالة الخِصام والتّنازُع وذلك للحِفاظ على آداب الحِوار.

أنواع الحِوار

للحِوار أنواع مُتعددة، وتُصنّف تِبعاً لِنوع القضيّة الّتي يَتناقش الأطراف فيها، وهي كالآتي:[١]

الحِوار في الإسلام

خَلق الله سُبحانه وتعالى النّاس مُختلفين في ألوانهم وأجناسهم وكذلك في تفكيرهم واعتقاداتهم، وبِسبب هذه الاختلافات كان لا بُدّ من وجود الحِوار بينهم، والقرآن الكريم قائِم على الحِوار؛ فقد علّمنا الله سُبحانه وتعالى الحِوار، وذلك بِحواره مع الملائِكة في خَلق الإنسان، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ).[٧][٦]

حاور الله سُبحانه جَلّ وعَلا الملائكة ولم يُصدِر الأمْر فقط، وذلك لِيُعلّمنا أساس الحِوار، ولم يَقتصِر بِحواره مع الملائِكة وإنّما شَمِل ذلك إبليس أيضاً، فقد حَاور إبليس عندما أمَره بالسّجود لِآدم فأبى واستكبر، وكانت الحِكمة من ذلك أنْ يُعلّمنا كيف نُحاوِر أعداءنا، كما يتجلّى الحِوار في حياة الأنبياء والرُسل في مُحاورتِهم لِأقوامهم خِلال الدّعوة بِأسلوبٍ سَلِس وليّن، وبِتحلّيهم بالصبر على ذلك.[٦]

إنّ النّفس البشريّة تَميل بِفطرتها إلى الحِوار، أو الجِدال في حياتِها وبعد موتِها إلى يوم الحِساب، قال تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا)،[٨] وقال أيضاً: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)،[٩] كما أنّ المُسلِم يُحاور خالِقَه في صلاتِه حيث تُعدّ الصّلاة من أرقى الحِوارات الخاضِعة لِلأدب، ويُحاوِره في دعائِه أيضاً، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).[١٠][٦]

أصول الحِوار في الإسلام

للحِوار في الإسلام نقاط واضحة ينبغي السّير على خُطاها، وهي:[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح فيصل المالكي (2015-3-22)، "الحوار البناء"، مجموعة نون العلميّة، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-1. بتصرّف.
  2. ↑ رضوان ناصر الشريف (2013-4-30)، "كيف يتحاور أهل الحكمة"، عدن الغد.نت، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت صالح بن عبدالله بن حميد، "أصول الحوار وآدابه في الإسلام"، شبكة صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-1. بتصرّف.
  4. ↑ الولي ولد سيدي هيبه (2016-7-7)، "عقدة الحوار.. قصور القشرة وصلابة النواة"، كارافور الأخبار، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-1. بتصرّف.
  5. ↑ سورة المجادلة، آية: 1
  6. ^ أ ب ت ث الإمام: خالد التلمودي، "الحوار في القرآن"، منارة الدعوة، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-1. بتصرّف.
  7. ↑ سورة البقرة، آية: 30.
  8. ↑ سورة الكهف، آية: 54.
  9. ↑ سورة النحل، آية: 111.
  10. ↑ سورة البقرة، آية: 186.