-

تعريف الفاشية

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الفاشية

تُعتبر الفاشية (بالإنجليزية: Fascism) أيديولوجية وتياراً سياسيّاً فكريّاً يمينياً، ظهرت في أوروبا في العقد الثاني من القرن العشرين، وأعطت للسلطة التنفيذية كافة الحقوق وفضلتها على بقية السلطات، كما أنّها مجّدت مبادئ الدولة إلى حد تقديسها، ويشكل رئيس الدولة فيها النواة الصلبة ومصدر السلطات، ويعود أصل كلمة الفاشية في جذوره إلى ما يُطلق عليه باللاتينية (Fasces) أو ما يُعرف بالرزمة، والتي تعني حزمة من القضبان، وترمز إلى السلطة العقابية، وتجدر الإشارة إلى أنّها ظهرت إثر التحولات التي حدثت في أوروبا خلال القرن التاسع عشر، والتي رفضت فيها نموذج الدولة الذي انتشر آنذاك وكان يقوم على الليبرالية التقليدية والديمقراطية البرلمانية المتعددة.[1][2]

وقد سيطرت الفاشية على معظم أجزاء أوروبا، وكان لها مؤيدون في كلٍ من الولايات المتحدة، وجنوب أفريقيا، واليابان، وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، وقد تنوعت واختلفت الأحزاب الفاشية ولكنّها اشتركت في العديد من الخصائص، مثل رفضها للديمقراطية الانتخابية والتعددات السياسية، وتعصبها للوطن وتمجيد القائد، كما أنّها آمنت بالتسلسل الاجتماعي وخضوع المصالح الفردية لتحقيق مصالح الدولة.[2]

وارتبطت الحركة الفاشية بالحركات الألمانية النازية والإيطالية، والتي سيطرت على الحكم بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ومن القادة الفاشيين المعروفين في القرن العشرين هتلر في ألمانيا، وموسوليني في إيطاليا، وفرانسيسكو فرانكو في إسبانيا وخوان بيرون في الأرجنتين، وتعتبر الفاشية من الحركات السياسية المتطرفة، وهدفها الوحيد هو جعل الأمة أكثر قوة ونجاحاً، واستخدمت لأجل ذلك كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق مصالحها، كما أنّها قامت على تشويه الجماعات الأخرى، إذ حاربت ألمانيا النازية؛ اليهودية، كما شوّه النظام الإيطالي الفاشي؛ البلاشفة (بالإنجليزية: Bolsheviks).[3]

أصول الفاشية وتاريخها

يعود أصل كلمة الفاشيّة إلى الكلمة الإيطاليّة (Fascio) والتي تعني الفأس المشدودة بالعصي، والتي اعتبرت رمزاً للحركة الفاشية، حيث أطلقها الزعيم الأول لهذه الحركة بينيتو موسوليني (بالإنجليزية: Benito Mussolini) عام 1919، وجمع بينها وبين العديد من الحقوق الاجتماعية مثل حق المرأة في الانتخاب، وقوة العمالة، وتحالف مع المحافظات والحكومات واستطاع الحصول على السلطة، وانتشرت بعد ذلك الحركة الفاشية في العديد من الدول الأوروبية كالأحزاب، وهددت العديد من الحركات السياسية؛ مثل شن غارات على البلدات الاشتراكية المحتلة، ومحاربة منظمات المزارعين الاشتراكين في إيطاليا عام 1922 من قِبل إحدى الحركات الفاشية المسلحة المعروفة باسم (Blackshirt Militia) والتي حصلت على التمويل للقيام بذلك من الصناعيين.[3]

كما قامت الحركة الفاشية بقيادة موسوليني بمسيرات في مدينة روما، وكان من الحكومة أن ردت على ذلك بإعطائه رئاسة الوزراء، ولكنه نصّب نفسه كديكتاتور، وتحالف مع ألمانيا النازية، وقد اتسعت حركته في ألبانيا وأثيوبيا والعديد من الدول الأخرى، ومن أهم الأسباب التي أدت إلى ظهورها، الهزيمة التي حدثت للدول المشاركة في الحرب العالمية الأولى، والتي قسمت الدول الأوروبية إلى منهزم ومنتصر، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الحرب، مما أدى إلى حدوث نزعات قومية تطمح إلى استعادة كرامتها الوطنية.[3][1]

الحركات الفاشية

الفاشية الإيطالية

تأسست الفاشية الإيطالية على يد موسوليني الذي استغل الأحداث التي مرت بها إيطاليا، وذلك بعد حرب الوحدة التي كانت نتائجها ضم روما إلى إيطاليا واعتبارها العاصمة، بالإضافة إلى الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية والعرقية التي ظهرت بين الإيطاليين، وقام بتأسيس هذه الحركة في ميلانو، وقد وصلت نفوذها إلى البرلمان في عام 1921م، واستُخدمت لإرهاب الشيوعيين والاشتراكيين من خلال فرق مسلحة من المحاربين، وفي عام 1922م قام موسوليني وجماعته من أصحاب القمصان السوداء بتنظيم مسيرة كبيرة هدفها الوصول للحكومة ورفع فيها شعاره، وهو: (إما أن تُعطى لنا الحكومة أو سنأخذ حقنا بالمسير إلى روما)، واستطاع من خلال هذه المسيرة الوصول للسلطة بعد رفض الملك طلب رئيس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ.[1]

نصّب موسوليني نفسه القائد وأوقف نشاطات جميع خصومه وقام بقمعهم، كما ألغى الأحزاب والمنظمات النقابية، واشتُهر بسياسته الخارجية العدائية، حيث احتل إثيوبيا، وعمل على دعم الجنرال فرانكو في حربه الأهلية الإسبانية، وعمل علاقات وثيقة مع النازية الألمانية ودعمها في الحرب العالمية الثانية، ولكنّ خسارة هاتين الدولتين في هذه الحرب أدت إلى سقوط الفاشية، وإلقاء القبض على موسوليني والحكم بإعدامه، ودخول الحلفاء إلى روما في عام 1943م.[1]

الفاشيات الأخرى

تتعددت نماذج الفاشية وأماكن انتشارها، حيث دعم موسليني كلاً من الفاشية الألمانية التي أسسها حزب العمال القومي الاشتراكي الألماني والذي يمثل الرؤية الاشتراكية لأدولف هتلر، بالإضافة إلى الفاشية الإسبانية؛ إذ ساعد الجنرال فارانكو في الحرب الأهلية الإسبانية، وشارك كلاً من الطيران الألماني والإيطالي في قصف العديد من مواقع الأحزاب الاشتراكية مما أدى لحسم المواجهة لمصلحة الإسبان، وتختلف الفاشية الإسبانية عن الألمانية والإيطالية في كونها أقل عدائية، حيث رفض الجنرال فرانكو المشاركة في الحرب والتحالف مع دول المحور، ورفض أن تستخدم القوات الألمانية النازية أراضيه كنقطة عبور إلى أفريقيا.[1]

ظهرت كذلك فاشيّات أخرى مثل الحزب الاشتراكي الفرنسي والذي يُعّد أسرع وأكبر الأحزاب التي تزايد نموّها في الفترة ما بين 1936-1938، ونظام أوليفيه دي سان لازار، الذي ظهر بالبرتغال خلال الفترة 1933-1968م ولكنّه كان محايداً، فلم يشارك بالحرب العالمية الثانية، على الرغم من اتصافه بالعدائية والدموية التي ظهرت في حروبه الدموية في غينيا بيساو، وأنغولا، وقد عرفت اليونان كذلك أنظمة فيها من الصفات الفاشية، وقد ترأسه الجنرال لاونيس متاكزاس في الفترة 1936-1941م، بالإضافة إلى الفاشيات التي ظهرت في بلدان كل من كرواتيا، والمجر، ورومانيا، وقد تميزت جمعيها باشتراكها في النزعة القومية والعنصرية، ورفضها للديمقراطية، والتعددية السياسية والنقابية.[2][1]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح "ما هي الفاشية؟"، www.aljazeera.net، 2016-8-31، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "Fascism"، www.britannica.com، Retrieved 2018-3-17. Edited.
  3. ^ أ ب ت Jessie Szalay (2017-1-24), "What Is Fascism?"، www.livescience.com, Retrieved 2018-3-17. Edited.