-

تعريف حرية التعبير

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

تعريف حرية التعبير

تُعدّ حرية التعبير إحدى حريات الإنسان الأساسية في الحياة، وقد أكدتها جميع الاتفاقيات الدولية والإقليمية حول العالم، على الرغم من ذلك لا تعتبر حرية التعبير من الحريّات المُطلقة، وإنما تحددها مجموعة من القيود والمحددات.[1] ويمكن تعريف حرية التعبير على أنها منح الإنسان الحرية في التعبير عن وجهة نظره، وإطلاق كل ما يجول في خاطره من أفكار بمختلف الوسائل الشفهية أو الكتابية، حيث إن بإمكانه الإفصاح عن أفكاره في قضية معينة سواءً كانت خاصة أو عامة بهدف تحقيق كل ما فيه خير لمصلحة الأفراد والجماعات.[2]

وبشكل عام يمكن القول إن حرية التعبير هي قدرة الإنسان على أن يعلن عن الأفكار التي تجول في خاطره، وعن قناعاته المختلفة التي يعتقد أن فيها مصلحته ومصلحة غيره من الأفراد إزاء أمر معين. وتعتبر حرية التعبير حقاً من الحقوق الأساسية للإنسان، وذلك باعتباره جزءاً أساسياً من المجتمع ومكلفاً ومسؤولاً فيه،[2] ومن المواد التي تنص على حق الإنسان في التعبير المادة رقم 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تنص على أن لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، والذي يتمثل في تلقي الأفكار والآراء واستقصائها وإذاعتها دون أدنى تدخل أو تقيد بالحدود الجغرافية.[3]

وتعتبر حرية التعبير جزءاً أساسياً لا يتجزأ من الديمقراطية، حيث إنها ركيزة من ركائز المجتمع الديمقراطي الصحيّ، وهي تساهم في تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي المتكامل، وبتطبيق الحقوق القائمة على حرية التعبير. يمكن للمرء أن يتداول أفكاره وقناعاته اللازمة للإبداع والشفافية، وإن الحق في حرية التعبير يعتبر حقاً أساسياً تقوم عليه مختلف الحقوق والحريات المدنية في المجتمع،[4] وإن حق حرية التعبير يشتمل على عناصر عديدة مثل حرية الصحافة وحرية الإعلام بشكل عام، فقد ورد عن إيرينا بوكوفا؛ وهي المديرة العامة لليونسكو أن الصحافة تزدهر وتتطور عندما تتمتع وسائل الإعلام المختلفة بالحرية والاستقلال، وعندما يُمنح الصحفيون الأمان في كتاباتهم للتقارير المختلفة، وعندما يكون الإفلات من العقاب هو الاستثناء وليس القاعدة، وتعتمد حرية التعبير على حرية الرأي بوجه عام، فالفرق بينهما أنّ حرية الرأي هي حق مدني مطلق في حين أن حرية التعبير هي حق سياسي مقيّد ببعض القيود.[5]

العناصر الأساسية لحرية التعبير

تقوم حرية التعبير على مجموعة من العناصر الأساسية والتي تتمثل في:[5]

  • حرية الأفراد في اعتناق الآراء وتبنيها دون أي تدخل من أي جهة.
  • حرية تلقي الأخبار والأفكار المختلفة وإذاعتها على العلن، سواء من خلال الوسائل المكتوبة أو المسموعة أو الوسائل الفنية، ويمكن إجمال كل ذلك بحرية تلقي وإذاعة الأنباء من خلال وسائل الإعلام أياً كانت.
  • حرية الاتصال الدولي، ويقصد بذلك حرية تناقل الأخبار والتعبير عن الآراء دون التقيد بالحدود الجغرافية.

مكونات حرية التعبير

تشتمل حرية التعبير على مجموعة من المكونات الأساسية وهي: حرية الرأي، وحرية الصحافة والإعلام، وحرية المعلومات، وفيما يلي نبذة عن كل منها:

حرية الرأي

ويُقصد بها حرية الإنسان في تكوين رأيه، والتعبير عنه بالأسلوب الذي يراه مناسباً دون أن يكون تابعاً لأحد، أو خائفاً من أحد، أو قلقاً حيال أن يعلم أحد هذا الرأي، وعليه فإنه لا يحق لأحد أو جهة ما التعرّض لصاحب الرأي، أو تعنيفه بسبب آرائه، وهذا ما نصّت عليه المواثيق الدولية والإقليمية فيما يخص حقوق الإنسان، فقد أكدت المادّة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضرورة كفالة اعتناق الآراء دون أدنى تدخل، كما نصت المادة 19 من العهد الدولي في فقرتها الأولى على أن حرية الرأي هي حقّ مستقلٌّ قائم في أساسه على اعتناق الآراء دون تدخل من أي جهة، بالإضافة إلى العديد من العهود والمواثيق الأخرى، وقد ورد عن مندوبي الدول الذين شاركوا في صياغة المادة 19 من العهد الدولي أنهم يؤيدون الحماية المطلقة لحرية الرأي من أي تدخلات خارجية. والجدير بالذكر أنه على الرغم من التأكيد على حرية الرأي في مختلف المواثيق الدولية إلّا أن تطبيق حماية حرية الرأي يختلف من دولة إلى أخرى تبعاً للسياسات المطبَّقة فيها.[6]

حرية الصحافة ووسائل الإعلام

جاءت أغلب الدساتير الدولية على ذكر أهمية حرية الصحافة في نصوصها، حيث إن حرية الصحافة والإعلام تعتبر من أهم صور حرية التعبير وأقواها. وقد مرت حرية الصحافة والإعلام بعدة مراحل منذ نشوئها تبعاً للظروف السياسية والاقتصادية التي نشأت فيها، فقد مرت على سبيل المثال بمرحلة أيّدت فيها السلطة والنظم الحاكمة من خلال عدم نشر أي إساءة أو انتقاد للحكام وأنظمة الحكم. وتتولّى الصحافة كذلك مهمة مراقبة الحكومة، والتنبه إلى أي خلل يصدر منها. ويمكن لأي فرد لديه رأس مال كافٍ أن يتملك صحيفة أو يصدر واحدة جديدة إذا أراد ذلك. وقد تأثّرت حرية الصحافة بالمذهب الاشتراكي عقب الثورة الشيوعية في روسيا، التي احتاجت إلى وسائل الإعلام لتدعمها وتساعدها على نشر مبادئها، وكذلك أن تقوم على خدمة الطبقة العاملة أيضاً.[6]

وبعد مرورها بالنظام الاشتراكي، تأثّرت حرية الصحافة بنظريّة المسؤولية الاجتماعية التي نادت بتجنب كل ما يؤدي إلى العنف وحدوث الجرائم والفوضى الاجتماعية، وذلك من خلال إنشاء مجالس للصحافة المهنية التي تضع شروطاً لممارسة المهنة، وتحافظ على أخلاقياتها، وتعد الحرية الصحافية علامة أساسية تدل على ديمقراطية المجتمعات ولها أهمية عظمى لما تساهم به من تبادل الآراء والنقاش، وبالتالي تساهم في تكوين الرأي العام حول قضية ما، والجدير بالذكر أن حرية الصحافة تمتد لتشتمل على امتلاك الأفراد لجميع الأدوات والأمور اللازمة لإصدار الصحف وغيرها من وسائل التعبير عن الرأي.[6]

حرية المعلومات

إن حق الإنسان في حرية التعبير يشتمل على حقه في نقل جميع أنواع المعلومات والأفكار باستخدام مختلف وسائل التعبير والاتصالات ودون مراعاة للحدود الجغرافية أو أي حدود أخرى، ويمكن تعريف المعلومات بأنها الكلمات، والأرقام، والرموز، سواء كانت مكتوبة، أو مقروءة أو مسموعة، والتي يتم التعبير عنها بعلاقات متسلسلة لنقل فكرة معينة، ويمكن اعتبار المعلومات رسالة تُستخدم لإيصال الحقيقة، وقد ظهرت حرية المعلومات ولقيت القبول والاعتراف بها كحق أساسي من حقوق الإنسان المنصوص عليها في المجلس الدولي بعد الحرب العالمية الثانية عندما طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي عقد مؤتمر يتعلق بحرية المعلومات. وبالفعل تم انعقاد أول مؤتمر يدور حول حرية المعلومات في جنيف في عام 1948م، ومن بعدها أصبحت حرية المعلومات حقّاً من حقوق الإنسان في مختلف العهود والمواثيق الدولية، وأولها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.[7]

المراجع

  1. ↑ المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء،حرية التعبير والرأي والحق في السمعة ، صفحة 7. بتصرّف.
  2. ^ أ ب أ.د. أحمد محمد هليل، المواثيق والمعاهدات الدولية المختصة بحرية التعبير، صفحة 7. بتصرّف.
  3. ↑ ، حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام، صفحة 1. بتصرّف.
  4. ↑ "حرية التعبير: حق أساسي من حقوق الإنسان تقوم عليه جميع الحريات المدنية"، www.ar.unesco.org، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-24. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ، حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام، صفحة 5. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت سهام رحال، حدود الحق في حرية التعبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان، صفحة 14-17. بتصرّف.
  7. ↑ سهام رحال ، حدود الحق في حرية التعبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان، صفحة 20. بتصرّف.