الزيادة الطبيعية
إن الحجم السكاني لأي دولة حول العالم يعتمد بشكل أساسي على أربعة عناصر تتحكم فيه، وهي: معدل الوفيات، ومعدل المواليد، والهجرة إلى الداخل، وهجرة المواطنين والسكان إلى الخارج. ويتم حساب الزيادة السكانية بناءً على جميع معدّلات هذه العناصر، أما ما يتم حسابه بالاعتماد على مجموع المواليد ومجموع الوفيات فقط فهو ما يُعرف بالنمو الطبيعي للسكان أو الزيادة الطبيعية؛ فالزيادة الطبيعية تمثّل الفرق بين المعدل الإجمالي للمواليد والمعدل الإجمالي للوفيات، أي إن: معدل النمو الطبيعي=معدل المواليد-معدل الوفيات.[1]
وعندما يزيد عدد المواليد على عدد الوفيات تكون الزيادة الطبيعية أو النمو الطبيعي موجِباً أي إنّ أعداد السّكان في تزايدٍ، وفي بعض الأقاليم الجغرافية في بعض الدول تكون أحياناً مُعدّلات المواليد أقل من مُعدّلات الوفيات وتكون حينها الزيادة الطبيعية سالبةً أي إن أعداد السكان تتناقص، وإذا تساوت النسبتان فإن ذلك يدل على أنَّ أعداد السُّكان في ثباتٍ.[2]
ويدل معدل الزيادة الطبيعية والنمو الطبيعي للسكان إلى المدة المتوقعة لتضاعف أعداد السكان في دولة ما، فعلى سبيل المثال إذا كان معدل الزيادة الطبيعية في إحدى السنوات لدولةٍ ما يساوي 10 في الألف أي بمعدل نمو 1% سنوياً، فإن إجمالي عدد السكان سيتضاعف بعد مرور 70 عاماً، وذلك بشرط أن يبقى مُعدّل الزّيادة ثابتاً.[3] وكذلك إذا كان معدل النمو الطبيعي لإحدى الدول هو 3% سنوياً، فإن عدد السكان يتضاعف بعد مرور 24 سنة، ويتضاعف عدد السكان بعد 35 سنة إذا كان معدل الزيادة الطبيعية 2%.[2] وتشير الإحصائيات إلى أن أدنى مدة تضاعف لأعداد السكان تم تسجيلها في الفلبين، والباكستان، وتايلاند، حيث تضاعف عدد سكان هذه الدول خلال مدة 21 سنة فقط، أما أعلى مدة تضاعف لأعداد السكان فقد سُجّلت في النمسا وفنلندا، حيث وصلت مُدّة تضاعف السكان في هذه الدول إلى 175 سنةً.[3]
حساب الزيادة الطبيعية
يُمكن حساب مُعدّل الزيادة الطبيعية لعدد سكان دولة ما عن طريق أحد الطرق الآتية:[4][2]
- الطريقة الأولى: إذا توفرت لدينا معدلات المواليد والوفيات فقط، فيمكن إيجاد معدل الزيادة الطبيعية عن طريق المعادلة الآتية:
- الطريقة الثانية: إذا توفّر لدينا بيانات حول عدد المواليد وعدد الوفيات فإن معادلة الحل هي:
فيما يأتي مثال لبيان طريقة الحساب: إذا كان عدد المواليد في دولة ما ربع مليون طفل خلال العام، وعدد الوفيات في الدولة نفسها هو 100 ألف شخص خلال العام نفسه، وكان عدد سكان الدولة المُقدّر في منتصف العام هو 50 مليون نسمة، فما هو معدل الزيادة الطبيعية لتلك الدولة؟
العوامل المؤثرة في الزيادة الطبيعية
تتباين الدول والمدن حول العالم في معدّلات النمو الطبيعي للسكان لسببين رئيسيين، نذكرهما فيما يأتي:[5]
- العامل الاقتصادي: حيث إن انخفاض مستوى دخل الأفراد، وتفشّي ظاهرة الفقر في بعض المُجتمعات تؤثر بشكل كبير في مُعدّل الزيادة الطبيعية للسكان؛ فقد أشارت الأبحاث والدراسات الاجتماعية إلى أنّ تفشّي ظاهرة الفقر في العديد من الدول النامية أدّى إلى ارتفاع معدلات المواليد، وبالتالي ازدياد معدل النمو الطبيعي للسكان في تلك الدول.[6]
- العامل الثقافي: يؤثر العامل الاقتصادي بشكل كبير في معدلات المواليد، فالأم المُثقّفة تدرك تماماً أن إنجاب الأطفال يترتّب عليه مسؤولياتٌ إضافيةٌ سواء كانت مسؤوليات مادية أو معنوية، أما الأم غير المثقفة فقد تكون غير مدركة لتلك المسؤوليات؛ لذا تقوم بإنجاب العديد من الأطفال. كما أن العادات، والتقاليد، والمعتقدات الشخصية والدينية تلعب دوراً مهمّاً في زيادة أو نقصان معدلات المواليد.[6]
- العامل السّياسي: قد ترى بعض الدول أن قوّتها العسكرية تكمن في زيادة عدد مواطنيها، حيث تستطيع بذلك بناء جيش قوي قادر على حماية الدولة أو استعمار دولٍ أخرى؛ لذلك تسعى بعض الدول إلى تشجيع سُكّانها على الإنجاب وزيادة عدد المواليد. كما أن الحروب ساهمت بشكل كبير في زيادة عدد الوفيات وقضت على الملايين من البشر.
- العامل الديني: قد يرى البعض أن تنظيم النسل أمر مُحرّم دينياً؛ مما يدفعهم إلى كثرة الإنجاب.
- هيكل السّكّان: فالهيكل السكاني الذي تغلب عليه نسبة الشباب مقارنةً بنسبة الشيوخ والأطفال مُعرّضٌ لزيادة معدل المواليد مقارنةً بالمجتمعات الأخرى؛ فالشباب هم العنصر الفعّال والعامل في المجتمع. أما في المجتمعات التي تتكون من نسبة كبيرة من الأطفال والشيوخ فهي عُرضةٌ إلى زيادة في معدل الوفيات.
- العامل الاجتماعي: قد تعتقد بعض المجتمعات بحكم عاداتها الاجتماعية أن كثرة الأولاد مصدرٌ للقوة والسلطة، أو أنّها تعتبر مصدراً لزيادة الدخل، مما يدفعهم إلى كثرة الإنجاب، وبالتالي زيادة عدد المواليد في تلك المجتمعات. وقد تزداد عدد الوفيات بسبب انتشار الأمراض والأوبئة والتلوث بأنواعه.
المراجع
- ↑ كاهي محمد توفیق، تأثير النمو الديموغرافي على النمو الاقتصاد، صفحة 13. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سامح عبد الوهاب، مقرر جغرافية السكان ، صفحة 26،2،11. بتصرّف.
- ^ أ ب فادي حسن عقيلان، إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية والغير طبيعية (الطبعة الأولى )، عمان-الأردن: دار المعتز للنشر والتوزيع، صفحة 148. بتصرّف.
- ↑ حسام سليمان عيــد، النمو السكاني والتحول الديموغرافي، صفحة 4،5. بتصرّف.
- ↑ رانيا محمود عبد العزيز عمارة، مبادئ علم الاقتصاد (الطبعة الأولى)، مصر: مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، صفحة 176-177. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد موسى خليل، مقدمة في الجغرافيا البشرية المعاصرة، صفحة 62. بتصرّف.