آثار المعصية
آثار المعصية
ذكر أهل العلم أنّ المعاصي من غير توبةٍ سببٌ في نقص الإيمان، وهي كذلك سببٌ في ظلمة الوجه ووحشة القلب، وتعمّد فعلها ينتج عنه حرمان الرزق وانتزاع البركة منه، والمعاصي والآثام يظهر شؤمها على فاعلها بتشويش الفكر ونقص العلم النافع، ويحصل بينه وبين الناس وحشةٌ خصوصاً أهل الخير منهم، ويُحرم صاحبها من لذّة القرب من الله تعالى،[1] وهذا يعني أنّه أحلّ على نفسه سخط الله سبحانه، وليس بعد هذا الشؤم شؤمٌ، ويصبح العاصي بعد ذلك عُرضةً لعذاب الدنيا قبل الآخرة، قال الله -عزّ وجلّ-: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)،[2][3] أمّا من ارتكب المعصية نسياناً أو جهلاً إذا كان ممّن يُعذر بجهله فلا تترتّب عليه آثارها الخطيرة، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللهَ تجاوَز عنْ أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليه)،[4][1]
تعريف المعصية ومرادفاتها
المَعْصِيَة في لغة العرب اسمٌ من الفعل عَصَى، والمعصية هي: المخالفة، وعدم الطاعة، وعند إطلاقها يقصد بها مخالفة الأوامر الإلهيّة؛ فهي خطأٌ أخلاقيٌّ مبعثه إرادةٌ غير خيِّرة؛ فيُقال: عصى ربه؛ أي: خالف أمره، وعانده، وخرج بمعصيته عن طاعته،[5] والمعصية والخطيئة والسيّئة والذنب كُلّها ألفاظٌ متقاربةٌ من حديث دلالاتها، فهي تطلق على كُلّ ما نهى الله -تعالى- عنه، والأصل في المسلم الحذر من الوقوع فيها على اختلاف مسمّياتها.[6]
منهج المسلم في التعامل مع المعصية
لمّا قدّر المولى -سبحانه- أن تكون المعصية قدراً على بني آدم لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابون)،[7] كان لِزاماً على أهل الإيمان أن يتعاملوا مع المعاصي وفق منهجٍ يقيهم من الوقوع فيها والانغماس في مدارجها، ذلك أنّ الذنوب حالةٌ من الاستجابة لداعي النفس الأمّارة بالسوء واستجابة لوساوس الشيطان؛ فيتذكّر المسلم هذا، ويستحضر أنّ المعصية مهما صغُرت تُعدّ غفلةً عن داعي الرحمن، فلا ينظر المسلم إلى صغرها ولكنّه ينظر إلى عظمة الله الذي عصاه، وتحقيقاً لهذا الهدف يحرص المسلم على عدم التوسّع في دائرة المباحات والمشتبهات، ولا يعطي الضرورة التي تبيح المحظور إلّا قدرها، ويوصي الإسلام كذلك بالحذر من دواعي المعصية؛ إذ المعصية لا تولد فجأةً، وإنّما لها مقدّماتٌ وممهّداتٌ، مثل رفقة السوء ومجالسة الأشرار؛ فيتنبّه لهذا كإجراءٍ وقائيٍّ من مغبّة الانسياق في المعاصي والآثام، ومن معالم المنهج الإسلاميّ في التّعامل مع المعصية ألّا يجاهر بها، وأن يداوم على الاستغفار، وأن يتفقّد خواطره وحديث نفسه باستمرارٍ، وإذا وقع في معصيةٍ فيجدر به أن يتبعها بفعلٍ حسنٍ، وعملٍ صالحٍ رجاء مغفرة الله له وعفوه عنه.[8]
المراجع
- ^ أ ب مركز الفتوى (1-101-2007)، "المعاصي سبب لنقصان الإيمان وظلمة الوجه"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 63.
- ↑ مركز الفتوى (2-7-2015)، "عقوبات المعصية غير محصورة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 7219، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "تعريف و معنى معصية في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، "الفرق بين الخطيئة والسيئة والذنب والإثم"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2/448، حسن كما قال في المقدمة.
- ↑ مهذب أبو أحمد، "أدب المعصية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019. بتصرّف.