-

أخلاق وصفات الرسول الكريم

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الرسول عليه الصلاة والسلام

محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- أعظم رجلٍ في البشرية كلّها، فقد اصطفاه الله -تعالى- من ذريّة آدم عليه السلام، ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وأرسله بدين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وجعله قدوة المتقين، وشفيع المؤمنين يوم القيامة، وأكرمه الله -تعالى- بشرف النسب، إذ إنه من قبيلة قريشٍ التي تعدّ من أشرف قبائل العرب وأعظمهم مكانة، وينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وفضّله الله -تعالى- بحسن الخلق، وشهد له عز وجل بذلك حيث قال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[1] ورزقه كمال الصورة، وقوة العقل، وفصاحة اللسان، وصحة الفهم، وقوة الأعضاء والحواس، وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده الصالحين بالاقتداء بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا).[2][3]

أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام

الصدق

ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في الصدق والأمانه، فقد لقّبته قريش بالصادق الأمين قبل البعثة، وكان أهل مكّة يأتمنونه على أسرارهم، وحوائجهم، وأموالهم، ولما بعثه الله -تعالى- وأمره بتبليغ الرسالة صعد -عليه الصلاة والسلام- على جبل الصفا، ونادى في قريشٍ قائلاً: (أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟، قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا)،[4] بل حتى أن ألدّ أعدائه شهدوا له بالصدق، كما حصل عندما قام النضر بن الحارث خطيباً في زعماء قريش، وقد وصف الله -تعالى- نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بالصدق حيث قال: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)،[5] وقد بيّن أهل العلم أن الذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم، والصدق هو القرآن الكريم، ومن الجدير بالذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحثّ الأمّة من بعده على التحلّي بخلق الصدق، فقد رُوي عنه أنه قال: (علَيْكُم بالصِّدْقِ، فإنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ).[6][7]

الحلم

كان الحلم من الأخلاق المتجذّرة في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب السيرة النبوية مليئةٌ بالمواقف التي تدلّ على ذلك، ومنها قصّة الأعرابي الذي جذب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ردائه جذبةً شديدة أثّرت في عاتقه الشريف، وقال له: "يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك"، فما كان من النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا أن التفت إليه، ثم ضحك، وأمر له بعطاء، ومما يدلّ على عِظم حلمه -عليه الصلاة والسلام- عفوه عن المرأة اليهودية التي حاولت قتله بالشاة المسمومة، وعن اليهودي الذي سحره، وعن المشركين الذين أُسروا يوم الحديبية.[8]

الشجاعة

الشجاعة من أعظم الأخلاق التي يتحلّى بها الرجال الأقوياء الذين تقوم على أكتافهم الأمم، والذين لا يعرفون طعم الخوف والخور، وقد أثنى الله -تعالى- على المؤمن القوي، حيث إنه أحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وتجدر الإشارة إلى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مثالاً يُقتدى به في الشجاعة والثبات، ومن المواقف التي تدلّ على ذلك ثباته -عليه الصلاة والسلام- في وجه جيوش الكفر وقادة الظلال، فيوم حُنينٍ لمّا اختلطت صفوف المسلمين وفرّ بعضهم من أرض المعركة، ثبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثبات الشجعان، وأخذ ينادي في الصفوف قائلاً: (أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ)،[9] وكذلك الأمر يوم أُحد لما خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانقلبت أحداث المعركة واضطرب جيش المسلمين وأخذوا ينسحبون من أرض المعركة، ثبت النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجه المشركين وحوله ثلّة قليلة من الصحابة رضي الله عنهم، ومن بينهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فكان -عليه الصلاة والسلام- يقول له: (ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وأُمِّي).[10][11]

التواضع

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالاً يُقتدى به في التواضع، فعلى الرغم من عِظم مكانته ورِفعة منزلته إلا إنه كان أبعد الناس عن الكبر والبطر، حيث كان -عليه الصلاة والسلام- يخفض جناحه لأصحابه رضي الله عنهم، ويجلس بينهم كواحدٍ منهم، حتى كان يأتي الرجل الغريب فلا يميّزه من بينهم حتى يسأل عنه، مصداقاً لما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ بينَ ظهرَيْ أصحابِه، فيجيءُ الغريبُ، فلا يدري أيُّهم هو، حتى يسألَ، فطلَبْنا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أن نَجْعَلَ له مجلسًا يَعْرِفُه الغريبُ إذا أتاه).[12][13]

صفات الرسول الخَلقية

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجمل الناس، وأحسنهم خلقاً، مصداقاً لما رُوي عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه قال عنه: (لم أر شيئًا قطُّ أحسنَ منهُ)،[14] وقد وصفه الصحابة -رضي الله عنهم- وصفاً دقيقاً، وفيما يأتي بيان بعض أوصافه عليه الصلاة والسلام:[15]

  • لون البشرة: كان لون بشرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبيضاً مائلاً إلى الحمرة، مصداقاً لما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- قائلاً: (أزْهَرَ اللَّوْنِ ليسَ بأَبْيَضَ، أمْهَقَ ولَا آدَمَ).[16]
  • طول القامة: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- معتدل القامة، كما ورد في وصف أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: (كانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ ليسَ بالطَّوِيلِ ولَا بالقَصِيرِ).[16]
  • ملامح الوجه والشعر: وصف الصحابة -رضي الله عنهم- وجه النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه كالقمر المنير، وبأنه أحسن الناس وجهاً، ومن صفاته -عليه الصلاة والسلام- أنه كان عظيم الفم، واسع العينين، مصداقاً لما رُوي عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أنه قال: (كان رسولُ اللهِ ضليعَ الفمِ، أشكلَ العينِ)،[17] وأما شعره -عليه الصلاة والسلام- فقد كان يتركه إلى أن يصل إلى أذنيه ويسمّى وفرة، وتارة يتركه إلى أن يصل إلى منكبيه ويسمّى جُمّة، وقد وصفه أنس بن مالك -رضي الله عنه- قائلاً: (ليسَ بجَعْدٍ قَطَطٍ، ولَا سَبْطٍ رَجِلٍ).[18]

المراجع

  1. ↑ سورة القلم، آية: 4.
  2. ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
  3. ↑ أبو عبد الرحمن الشامي، "عظمة النبي محمد صلى الله عليه و سلم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4770، صحيح.
  5. ↑ سورة الزمر، آية: 33.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2607، صحيح.
  7. ↑ أ.د. راغب السرجاني (12-4-2010)، "الصدق في حياة رسول الله"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  8. ↑ "نماذج مِن حلم النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-"، www.ar.islamway.net، 2014-02-01، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 2930، صحيح.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2905، صحيح.
  11. ↑ "صور من شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.islamweb.net، 2007-1-31، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  12. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي ذر وأبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4698، صحيح.
  13. ↑ "نماذج مِن تواضع النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  14. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 4072، صحيح.
  15. ↑ الشيخ أحمد الزومان (25-8-2012)، "صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- الخَلْقِية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  16. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3547، صحيح.
  17. ↑ رواه الألباني، في مختصر الشمائل، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم: 7، صحيح.
  18. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3547، صحيح.