-

شرح مناسك الحج

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الحج

الحجّ واجبٌ من واجبات الإسلام التي لا يقوم إلّا بها، فهو ركنٌ من أركان الدين، فقد روى ابن عمر-رضي الله عنه- عن النبي-عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (بنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)،[1] وقد فرض الله -تعالى- الحجّ في السنة التاسعة للهجرة، على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وعلى الأمة الإسلامية من بعده، فأصبح بذلك الحجّ واجباً على كلّ مسلمٍ مقتدرٍ مرّةً واحدةً في العمر، فمن زاد بعد المرة الأولى فهي نافلة، وتطوّع ينال به الأجر العظيم، فالحجّ من أفضل الأعمال والقربات إلى الله تعالى، فقد سُئل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن أفضل الأعمال عند الله، فقال: (إيمانٌ باللهِ ورسولِه، قِيلَ : ثم ماذا؟ قال: جهادٌ في سبيلِ اللهِ، قِيلَ: ثم ماذا؟ قال: حجٌّ مَبرورٌ).[2][3]

شرح مناسك الحج

تتضمّن مناسك الحج مجموعة من الأعمال، وتنقسم هذه الأعمال إلى أركان الحج، وواجباته، ويمكن التفريق بين كلاً منها، حيث إنّ أركان الحج هي ما لا يقوم الحجّ إلّا بها، ويبطل الحج بترك أي ركنٍ منها، وأمّا واجبات الحج فهي أعمال تجب على الحاجّ، ولكن إن تركها فلا يبطُل حجّه، وإنّما عليه دم، وفيما يأتي بيانٌ لأركان الحج، وواجباته:[4]

أركان الحج

أركان الحج أربعة، لا يصحّ الحجّ إلّا بها، ولا يُجبر تركها بالدم، وهي:[5]

  • الإحرام: ويعتبر الإحرام نية الدخول في الحجّ، والنية محلّها القلب، والإحرام ركنٌ لا يصحّ الحجّ إلّا به، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى)،[6] بالإضافة إلى إجماع العلماء الذي نقله ابن حزم رحمه الله، حيث قال: (واتفقوا أن الإحرام للحج فرضٌ)، وبناءً على ذلك لا ينعقد الحجّ لمن ترك الإحرام، وهو النية للحجّ، حتى وإن طاف بالبيت، وسعى، ووقف بعرفة، وتعتبر كلّ الأعمال ملغاة، كما لا تصحّ صلاة من دخل في الصلاة من غير تكبيرة الإحرام، حتى وإن ركع وسجد، ولا بدّ من التفريق بين نيّة الحجّ، ونية الدخول في الحجّ؛ فمن نوى الحجّ وقرنه بالإحرام فهو الركن المقصود، أمّا النية المجرّدة عن الإحرام فليست هي الركن المقصود، ومن الجدير بالذكر أنّ المقصود من الإحرام هو النية وليس لبس ثوب الإحرام، وهو الرداء والإزار.
  • الوقوف بعرفة: فالحجّ لا يصحّ إلّا بالوقوف بعرفة، بدليل الحديث الذي رواه عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه، حيث قال أنّه شهد أناس من نجد سألوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الحجّ، فقال لهم: (الحجُّ عرفةُ، مَن جاءَ ليلةَ جمعٍ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ فقد أدرَكَ حجة)،[7] بالإضافة إلى إجماع العلماء على أنّ الوقوف بعرفة ركنٌ من أركان الحج؛ إذ إنّ عدد من العلماء نقلوا الإجماع، منهم: ابن قدامة، وابن عبد البر، وابن المنذر، قال ابن قدامة: (والوقوف ركنٌ، لا يتم الحجّ إلّا به، إجماعاً).
  • طواف الإفاضة: وهو ما يسمّى بطواف الزيارة، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّه ركنٌ بدليل القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[8] والنسة النبوية، وإجماع العلماء، ومنهم: ابن حزم، وابن رشد، وابن قُدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: (لَا بُدّ بعْدَ الْوُقوفِ مِنْ طوافِ الإِفَاضَةِ وَإِن لم يَطُف بِالبَيتِ لَم يَتِمَّ حجُّهُ بِاتّفَاقِ الأُمَّة).
  • السعي بين الصفا والمروة: وممّا يدلّ على أنّه ركنٌ من أركان الحجّ؛ قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)،[9] وقد دلّ تصريح الله -تعالى- بأنّ السعي بين الصفا والمروة شعيرة من شعائر الله عزّ وجلّ، كما أنّه ركنٌ لا يصحّ الحجّ إلّا به.

واجبات الحج

اختلف الفقهاء في واجبات الحج وعددها، وبيان ذلك على النحو الآتي:[10]

  • الإحرام من الميقات: ذكره ابن الهمام، وبيّن أنّ الإحرام من واجبات الحج عند الحنفية، وهو ركنٌ عند الشافعية، والمالكية، والحنابلة.
  • الوقوف بمزدلفة: المزدلفة هي وادٍ قريب من عرفة، يفصل بينه وبين الحرم وادي مُحسِر، ينزل به الحجّاج بعد غروب شمس يوم عرفة، ويكون الوقوف في أي جزءٍ من مزدلفة، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (عرَفَةُ كُلُّها مَوقِفٌ، وارتَفِعُوا عن بطْنِ عُرَنَةَ، ومُزدلِفَةُ كلُّها مَوقِفٌ، وارتفِعُوا عن بَطْنِ مُحَسِّرٍ)،[11] وقد اختلف الفقهاء في حكم الوقوف؛ فذهب الحنفية إلى أنّها واجب، وذهب الشافعية إلى القول بأنّها ركنٌ من أركان الحج، ويكون وقت الوقوف بعد طلوع فجر يوم النحر، سواءً كان المبيت في مزدلفة أو خارجها.
  • رمي الجمار: وأول ما يُرمى جمرة العقبة في صباح يوم النحر، ويكون الرمي بسبع حصياتٍ، مع التكبير عند رمي كلّ حصاةٍ، ثمّ يعود لرمي الجمرات بعد زوال شمس اليوم الأول من أيام التشريق، ويجب رمي الجمرات الثلاث فيبدأ بالجمرة الصغرى، ثمّ الوسطى، ثمّ جمرة العقبة الكبرى، وكذلك الأمر في اليوم الثاني من أيام التشريق.
  • المبيت بمنى: ذهب الشافعية، والمالكية، ورواية عن الإمام أحمد إلى أن المبيت واجبٌ من واجبات الحج، أمّا الحنفية فيعتبرونهُ من توابع الرمي
  • الحلق أو التقصير: والحلق يكون لجميع الرأس، وأمّا التقصير فلجزءٍ من جميع أطرافه، فذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة إلى أنّ الحلق أو التقصير من واجبات الحجّ، وذهب الشافعي إلى أنّها ركن من أركانه.
  • طواف الوداع: ويسمى بطواف الصدر، ويرجع السبب في تسميته بطواف الوداع إلى أنّ الحاجّ يودّع الحرم، ثمّ يغادر مكة عائداً إلى أهله.

االمراجع

  1. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1519، صحيح.
  3. ↑ "فريضة الحج (خطبة)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "أنواع الحج- أركانه- وواجباته وسننه- كيفية الحج"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "ما هي أركان الحج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم: 3044، صحيح.
  8. ↑ سورة الحج، آية: 29.
  9. ↑ سورة البقرة، آية: 158.
  10. ↑ "أركان الحج وواجباته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018. بتصرّف.
  11. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4006، صحيح.