-

شرح سورة العنكبوت الآية 45

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

شرح الآية 45 من سورة العنكبوت

جاء في محكم التنزيل في سورة العنكبوت قوله تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[1]وقد ذكر الإمام القرطبي في تفسيره معاني الآية الكريمة حيث استفتحت بأمره للنبي عليه الصلاة والسلام بأن يتلو ما أوحي إليه من الكتاب أي أن يحرص على تلاوة القرآن والمواظبة عليه، وذلك الخطاب يشمل النبي الكريم وأمته، ثمَّ أمر الله عز وجل بإقامة الصلاة أي أداؤها في أوقاتها، والمحافظة على أركانها من ركوع وسجود وتشهد، ثمَّ ذكر الله عز وجل في الآية الكريمة فضل الصلاة وأنهى بأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، حيث إنِّها تكفر الخطايا والذنوب وتغسلها كما يغسل النهر أدران البدن.[2]

وقد شبه النبي الكريم الصلوات الخمس بالنهر الذي يكون بباب أحدنا فيغتسل منه خمس مرات في اليوم فهل يتبقى من درنه شيء بعد ذلك، وقد فسَّر ابن عمر معنى الصلاة في الآية بالقرآن، أي أن ما يتلوه المسلم من الآيات في صلاته تنهاه عن الفحشاء والمنكر، وقيل إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء لانشغال المسلم بها، والصحيح أنَّ الصلاة بما تشتمل عليه من قراءة القرآن تزيد خشوع المسلم، وتجعله أكثر مراقبة لربه فتزيد نفسه صلاحاً وبعداً عن المعاصي والمنكر، ثمَّ قال تعالى ولذكر الله أكبر أي أنَّ ذكر الله لعباده أعظم من ذكرهم إياه في صلاتهم، وقيل معناه أن ذكركم لله في الصلوات وقراءة القرآن أكبر من أي شيء، وقيل إنَّ ذكر الله مع العبادة أفضل من العبادة التي تخلو من الذكر.[2]

المقصود من الفحشاء والمنكر في الآية

قد فسَّر ابن عاشور معنى الفحشاء في الآية الكريمة بأنَّه من الفحش وهو كل فعل يتجاوز فيه الإنسان حد القبول عند الناس، فالفاحشة اصطلاحاً هي تجاوز للحد الذي وضعته الشريعة وأذنت به من الأقوال والأفعال ومثال عليه فاحشة الزنا، بينما المنكر يدلّ على كل ما أنكرته الشريعة ولم تقبل به، ومثال عليه الخمر.[3]

مسألة في حكم الصلاة التي لم تنه صاحبها عن الفحشاء

أما ما جاء في عدم قبول صلاة المسلم الذي لا ينتهي عن الفحشاء والمنكر فقد ذهب العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله إلى أنَّ المقصود من ذلك الوعيد لمن صلّى ولم يترك المعاصي، ذلك أنَّ إقامة الصلاة مع الاستمرار في مقارفة المعاصي يدل على أن المسلم لم يؤدها كما ينبغي لأنَّ من شأن الصلاة أن تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر إذا صليت على الوجه الذي أمر به الله.[4]

المراجع

  1. ↑ سورة العنكبوت ، آية: 45.
  2. ^ أ ب "تفسير القرطبي / الآية (45) من سورة العنكبوت "، المصحف الإلكتروني بجامعة الإمام سعود ، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-25. بتصرّف.
  3. ↑ "ما المقصود بالفحشاء والمنكر في قوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) ؟"، الإسلام سؤال وجواب ، 2010-8-11، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-25. بتصرّف.
  4. ↑ "شرح أثر(من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر)"، الموقع الرسمي لسماحة الإمام ابن باز ، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-25. بتصرّف.