شرح سورة يوسف طب 21 الشاملة

شرح سورة يوسف طب 21 الشاملة

التعريف بسورة يوسف

سورة يوسف من السور المكية بالإجماع، نزلت بعد سورة هود، وقد كان نزولها في مرحلةٍ عصيبةٍ من الدعوة المكية وبالتحديد بين عام الحزن وبيعة العقبة الأولى، وذلك بعد أن اشتدّ أذى كفار قريشٍ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين معه، حتى أذن لأصحابه -رضي الله عنهم- بالهجرة إلى الحبشة، فنزلت السورة الكريمة تصبيراً وتسليةً للنبي عليه الصلاة والسلام، وبشرى بالفرج والتمكين بعد الضيق والاستضعاف، كما حدث في قصة يوسف عليه السلام، ويرجع السبب في تسمية سورة يوسف بهذا الاسم إلى أن قصة نبي الله يوسف -عليه السلام- هو موضوعها الأساسي،[1] وترتيب سورة يوسف بين سور القرآن الكريم الثانية عشرة، وقد جاءت أيضاً في الجزء الثاني عشر، وعدد آياتها مئة وإحدى عشرة آية.[2][3]

مناسبة السورة بالسورة التي قبلها وبعدها

مناسبة السورة بالسورة التي قبلها

تجدر الإشارة إلى المناسبة بين سورة يوسف وما نزل قبلها؛ وهي سورة هود، حيث نزلت مكمّلةً لما جاء في سورة هودٍ من أخبار الأنبياء عليهم السلام، للبرهان على صدق نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن الكريم وحيٌ من الله تعالى، مع وجود خلافٍ بسيطٍ بين السورتين؛ فقد تحدّثت سورة هودٍ عن قصص الأنبياء -عليهم السلام- من حيث دعوتهم لأقوامهم، وتكذيب الكفار لهم، وعاقبة المؤمنين والمكذّبين؛ لتكون عبرةً لقريشٍ ومن كذّب من العرب، أما سورة يوسف -عليه السلام- فقد ذكرت قصة يوسف -عليه السلام- بأدقّ التفاصيل، وكيف أنّه أُخرِج من بيت أبيه، وتربّى بعيدًا عن أهله في صغره، وكيف بلغ أشدّه، وأصبح نبياً يدعو إلى دين الله، ثم تولّى المُلك، وأحسن الإدارة والسياسة، وكان خير قدوةٍ للناس، فكانت أطول قصةٍ في القرآن الكريم.[4]

مناسبة السورة بالسورة التي بعدها

ترتبط سورة يوسف بما جاء بعدها؛ وهي سورة الرعد، ارتباطًا جليّاً، حيث إن الهدف من ذكر قصص الأنبياء -عليهم السلام- ودعوتهم لأقوامهم في القرآن الكريم هو التأثير في الناس وهدايتهم، وكذلك ذِكر آيات الله -تعالى- في الكون والحثّ على التفكّر والتدبّر في خلق الله تعالى، كما ورد في سورة الرعد، فهي تهدف إلى التأثير في الناس وهدايتهم أيضاً، وقد كان من أوائل الآيات في سورة الرعد، قوله تعالى: (اللَّـهُ الَّذي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها ثُمَّ استَوى عَلَى العَرشِ وَسَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجري لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمرَ يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُم بِلِقاءِ رَبِّكُم توقِنونَ).[5][6]

سبب نزول سورة يوسف

ورد في بيان سبب نزول سورة يوسف عددٌ من الأقوال:

الظروف التي نزلت بها السورة

كان نزول سورة يوسف على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عوامل التثبيت، والمواساة، وتخفيف الآلام والأحزان في مرحلة الشِدَّة والوحشة، وفقد النصير بوفاة عمه أبو طالب وزوجته خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- في مكة، وفي السورة الكريمة إشارةٌ إلى أن الفرج آتٍ لا محالة مهما اشتدّت المصاعب، وتكالب أهل الباطل، وذلك من خلال استعراض ما مرَّ به يوسف -عليه السلام- من شدائد وفتنٍ ومصائب ابتداءً من قصته مع إخوته، وإلقائه في البئر، ثم انتقاله إلى بيت العزيز، وتعلّق امرأة العزيز به ومراودته عن نفسه، مروراً بدخوله السجن، وصبره على كل ما أصابه في سبيل الله، وتَحمُّل أعباء الدعوة إلى الله تعالى، وبعدها انقلاب الحال وخروجه من السجن عزيزاً كريماً، وتولّيه مُلكَ مصر، وفي السورة الكريمة رسالةٌ للنبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضي الله عنهم- مفادها أن الصبر طريق التمكين، وأن الله -تعالى- ينصر أولياءه وعباده الصالحين، مصداقاً لقوله تعالى: (وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأويلِ الأَحاديثِ وَاللَّـهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ).[12][13]

عفة سيدنا يوسف

تُعدّ قصة يوسف -عليه السلام- مدرسةً لكل أطياف المجتمع؛ كبيرهم وصغيرهم، عظيمهم ووضيعهم، غنيّهم وفقيرهم، رجالهم ونساؤهم، فبعد أن أدخل عزيز مصر يوسف -عليه السلام- إلى بيته طفلاً صغيراً، كبر ونشأ وبلغ أشدَّه بينهم، ولم يكن جمال يوسف -عليه السلام- جمالاً طبيعياً، فأصبح محطّ أنظار الناس، ومن بينهم زوجة العزيز، فسرعان ما تعلّق قلبها به وابتُليت بحبّه، وراودته عن نفسها، ولكنه ثبت في وجه تلك الفتنة، وامتنع عنها واستعصم، وقد انتشر خبر امرأة العزيز في أرجاء مصر، وتحدّثت نساء القوم بالأمر، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقالَ نِسوَةٌ فِي المَدينَةِ امرَأَتُ العَزيزِ تُراوِدُ فَتاها عَن نَفسِهِ قَد شَغَفَها حُبًّا إِنّا لَنَراها في ضَلالٍ مُبينٍ)،[14] وعلمت امرأة العزيز بمكرهنَّ فقرّرت أن تقابلهنّ بمكرٍ مثله، فدعتهن إلى بيتها، وأعدّت لهنّ الطعام، ثم أدخلت يوسف عليه السلام، فلما رأينه سلب جماله عقولهنّ؛ فقطّعن أيديهنّ بالسكاكين التي حملنها ليقطّعن بها الطعام، كما جاء في قول الله تعالى: (فَلَمّا رَأَينَهُ أَكبَرنَهُ وَقَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ وَقُلنَ حاشَ لِلَّـهِ ما هـذا بَشَرًا إِن هـذا إِلّا مَلَكٌ كَريمٌ * قالَت فَذلِكُنَّ الَّذي لُمتُنَّني فيهِ وَلَقَد راوَدتُهُ عَن نَفسِهِ فَاستَعصَمَ وَلَئِن لَم يَفعَل ما آمُرُهُ لَيُسجَنَنَّ وَلَيَكونًا مِنَ الصّاغِرينَ)،[15] ثم تآمرت النسوة مع امرأة العزيز على يوسف عليه السلام، ولكنه استحبّ السجن على ما دعونه إليه.[16]

العبر والدلالات من سورة يوسف

إن العبر والدلالات التي يمكن استنباطها من سورة يوسف ما يأتي:[17]

مواضيع سورة يوسف

تعد قصة يوسف -عليه السلام- من أعظم قصص القرآن الكريم، فقد سمّاها الله -تعالى- أحسن القصص لما فيها من الدلالات المهمة والعبر العظيمة التي يحتاجها كل مسلم، ولما فيها من العجائب، وتقلب الأحوال ما بين الضيق والفرج، والغنى والفقر، وذكر أمور الدنيا والآخرة، وفيما يأتي يمكن الإشارة إلى أهم المواضيع في السورة الكريمة:[18][19]

المراجع

  1. ↑ ناصر العمر (2015)، تدبر سورة يوسف (الطبعة الأولى)، السعودية: تدبر، صفحة 9-10. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت أحمد نوفل (1989م)، سلسلة القصص القرآني (الطبعة الأولى)، عمان- الأردن: دار الفرقان، صفحة 25-26. بتصرّف.
  3. ↑ "سورة يوسف"، www.quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2019. بتصرّف.
  4. ↑ أحمد المراغي (1365 هـ - 1946 م)، تفسير المراغي (الطبعة الأولى)، مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، صفحة 111، جزء 12. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الرعد، آية: 2.
  6. ↑ حسام العيسوي (22-2-2017)، "أحسن القصص: قراءة تدبرية في سورة يوسف في إطار الوحدة البنائية للقرآن الكريم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-10-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة يوسف، آية: 7.
  8. ^ أ ب د. عبد الله بصفر (2005م)، عبر ودلالات من سورة يوسف (الطبعة الأولى)، السعودية: نور المكتبات، صفحة 8. بتصرف.
  9. ↑ سورة يوسف، آية: 3.
  10. ↑ رواه الألباني، في صحيح الموارد، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 1462 ، صحيح.
  11. ↑ "سورة يوسف"، www.e-quran.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-10-2019. بتصرّف.
  12. ↑ سورة يوسف، آية: 21.
  13. ↑ محمود المصري (2008م)، قصة يوسف عليه السلام (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة الصفا، صفحة 12-13.بتصرّف.
  14. ↑ سورة يوسف، آية: 30.
  15. ↑ سورة يوسف، آية: 31،32.
  16. ↑ أحمد المراغي (1365 هـ - 1946 م)، تفسير المراغي (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده، صفحة 107-109. بتصرّف.
  17. ↑ "دروس وعبر من قصة يوسف عليه السلام"، www.audio.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2019. بتصرّف.
  18. ↑ د.عبدالله بصفر (1426ه،2005م)، عبر ودلالات منسورة يوسف (الطبعة الأولى)، السعودية: نور المكتبات، صفحة 10-57. بتصرّف.
  19. ↑ "قصة يوسف عليه السلام في القرآن"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2019. بتصرّف.
  20. ↑ سورة يوسف، آية: 4.
  21. ↑ سورة يوسف، آية: 5.
  22. ↑ سورة يوسف، آية: 18.
  23. ↑ سورة يوسف، آية: 23.