أسرار صلاة الفجر
صلاة الفجر
يجب على المسلم أن يهتم ويحرص على الصلاة؛ لأن شأنها ومكانتها عظيمةٌ عند الله عز وجل، وعليه أن يخلص العبادة لله وحده لا شريك له، ويتبرّأ مما سواه، ويعتقد أن الله -سبحانه وتعالى- هو المعبود بحقٍّ، وما سواه هو الباطل، يقول الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)،[1] فالصلاة هي ثاني ركنٍ من أركان الإسلام، فهي التي تلي الشهادتين، وهي الركن الأعظم بعد الشهادتين، فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيَّعها فقد ضيَّع دينه.[2]
إن حياة المسلم مليئةٌ بالشهوات والشبهات والفتن، ومظاهر التقصير في عبادة الله لها صورٌ كثيرةٌ في زماننا، ومن مظاهر التقصير في عبادة الله -سبحانه وتعالى- النوم عن صلاة الفجر وعدم النهوض إليها، فصلاة الفجر هي أثقل الصلوات على المنافقين، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا)،[3] وكما قال ابن العربي رحمه الله: فضّلت صلاة الصبح على سائر الصلوات، فلهذا أقسم الله -عز وجل- بها: (وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا).[4][5]
أسرار صلاة الفجر
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، ولو يَعْلَمُونَ ما في الصَّفِّ المُقَدَّمِ لَاسْتَهَمُوا)،[6] فصلاة الفجر ووقت الفجر لهما من الخير العظيم ما لا يعلمه إلا الله، ولكن للأسف كثيرٌ منا يضيّع هذا الوقت في النّوم والغفلة، فتشكو المساجد من قلّة المصلّين فيها، ولو علمنا وأدركت عقولنا اللاهية ما في الصلاة من الأجر والثواب لأسرعنا باللّحاق بالركب ولو حبواً على البطون، ولصلاة الفجر أسرارٌ عظيمةٌ ينبغي عدم التفريط بها، ومنها ما يأتي:[7]
- صلاة الفجر تعدل قيام ليلة كاملة.
- الحفظ في ذمّة الله، فهو ضمان الله -سبحانه وتعالى- وأمانه وعهده، وليس لأحدٍ أن يتعرّض للمصلّي بسوء.
- صلاة الفجر في جماعة نورٌ يوم القيامة.
- دخول الجنة لمن يصلّي الفجر، يقول عليه الصلاة والسلام: (مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ).[8]
- تشريف من الملائكة برفع أسماء من صلّى الفجر لله عز وجل.
- سنّة الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا).[9]
- الرزق والبركة، يقول عليه الصلاة والسلام: (اللهم بارِكْ لأمتي في بكورها، وكان إذا بعث سَرِيَّةً أو جيشًا بعثهم أولَ النهارِ، قال : وكان صخرٌ تاجرًا فكان يبعثُ في تجارتِه أولَ النهارِ فأثْرَى وكثُرَ مالُه).[10]
عقوبات تارك صلاة الفجر
صلاة الفجر سلاحٌ للمؤمن، وسلاحٌ على المقصّر العاصي، فلها أسرارٌ عظيمة وفضائل يتمتّع بها المؤمن، ولها أيضاً آثار مدمّرة وعقوبات مخيفة لمن يقصّر بها، ومن هذه العقوبات والآثار:[7]
- الاتّصاف بصفات المنافقين: حيث يقول ابن مسعود: "لقد رأيتنا وما يتخلف عن صلاة الفجر إلا منافق معلوم النفاق"، كما إن الفاروق -رضي الله عنه- كان يقول: "كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر أسأنا به الظن".
- الويل والغيّ لتارك صلاة الفجر: يقول الله عز وجل: (فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا).[11]
- الشيطان يبول في أذنيّ النائم عن صلاة الفجر: فقد ورد في الحديث أنه: (ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حتَّى أصْبَحَ، قالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنَيْهِ، أوْ قالَ: في أُذُنِهِ)،[12] ومعناه أن الشيطان استولى على العبد النائم واستخف به حتى جعل أذنيه مكاناً يبول فيهما.
وقت صلاة الفجر
إن لكل صلاةٍ من الصلوات الخمس المفروضة وقتٌ مخصصٌ لها لا ينبغي على العبد تأخير أدائها، ولو فعل ذلك لكان مفرّطاً بحق الله عليه، وسوف يُحاسب على ذلك، ويبدأ وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق -وهو البياض الممتد في الأفق من الشمال إلى الجنوب-، وينتهي بطلوع الشمس من المشرق، فصلاة الفجر قبل طلوع الشمس صحيحة باتّفاق العلماء لا خلاف على ذلك، وإنما حدث خلافاً في تحديد أفضل وقتٍ لها، فيرى الحنفية وقت الأفضلية هو الإسفار، أي عند انكشاف الظلمة وظهور النور، بينما يرى جمهور العلماء أن وقت الأفضلية بالغلس، أي في الظلمة قبل الإسفار.[13][14]
القراءة في صلاة الفجر
تسنّ الإطالة في قراءة القرآن بعد قراءة سورة الفاتحة في فريضة الفجر، ويستحبّ في فجر يوم الجمعة قراءة سورة السجدة وسورة الإنسان، وورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يطيل بالقراءة في صلاة سنّة الفجر، حيث كان يقرأ سورة الكافرون في الركعة الأولى، وسورة الإخلاص في الركعة الثانية.[15]
الأسباب المعينة للقيام على صلاة الفجر
إن على المسلم أن يأخذ بالأسباب المعينة لأداء صلاة الفجر في وقتها، وأن يخلص نيّته لله عز وجل، ومن الأسباب التي تعين الشخص على الاستيقاظ لصلاة الفجر ما يأتي:[16]
- إخلاص النية لله سبحانه وتعالى.
- اللجوء إلى الله -عز وجل- بالدعاء بأن يوفق العبد للاستيقاظ على صلاة الفجر وغيرها من سائر العبادات.[17]
- النوم على الشق الأيمن.
- النوم على طهارة.
- التبكير بالنوم.
- اختيار الفراش المناسب، وذلك بعدم المبالغة بتليين الفراش وحشوه وتنعيمه.
- المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم.
- ابذر الخير تحصد الخير، فمن نام بعد أداء فريضةٍ أو طاعةٍ؛ كصلة رحمٍ، أو بر الوالدين، أو أمرٍ بمعروف، أو نهيٍ عن منكر، كافأه الله بأن يكون من رجال الفجر وممن يشهدونها.[17]
- عدم الإكثار من الأكل والشرب في الليل، فإن كثرة الأكل والشرب تولّد ثُقلاً في النوم، بل تولد ثُقلاً على أداء الطاعة، لأن من أكل كثيراً وشرب كثيراً؛ نام كثيراً فغفل وخسر كثيراً.[17]
- استخدام وسائل التنبيه الحديثة، مثل الساعة المنبّهة، ولكن يجب الانتباه لمكان وضعها، فالبعض يضعها بجوار رأسه، فإذا دقّت أسكتها فوراً وواصل النوم.[17]
- صحبة الأخيار الذين يعينون العبد على صلاة الفجر وغيرها من الطاعات.[17]
- الصبر، فمن عرف حلاوة الأجر هانت عليه مرارة الصبر.[17]
المراجع
- ↑ سورة الحج، آية: 62.
- ↑ "الصلاة وأهميتها"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 651، صحيح.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 78.
- ↑ خالد المسيطير (12-9-2009)، "صلاة الفجر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 720، صحيح.
- ^ أ ب أمير المدري، "إلى من ينام عن صلاة الفجر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 574، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن صخر بن وداعة الغامدي، الصفحة أو الرقم: 115، صحيح.
- ↑ سورة مريم، آية: 59.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 3270، صحيح.
- ↑ "وقت الأفضلية لصلاة الفجر"، www.aliftaa.jo، 2013-2-3، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "وقت صلاة الفجر"، www.islamweb.net، 2010-2-21، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "كيف تؤدى ركعتا الفجر، وما هي السور التي تقرأ فيها؟"، www.ar.islamway.net، 2007-11-7، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأسباب المعينة للقيام لصلاة الفجر"، www.islamweb.net، 2009-7-6، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح أمير المدري، "كن من رجال الفجر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-5-2019. بتصرّف.