-

صفات الله في القرآن

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الله جلّ جلاله

الله هو الاسم الذي ينفرد به الله سبحانه، ويُطلق على ذاته المقدَّسة، بالإضافة إلى سائر الأسماء التي تُطلق عليه تعالى، قال سبحانه: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ)،[1] فإذا وجد الإنسان ما يَسرُّه فتراه يقول: الله، فالناس جميعاً على اختلاف مستوياتهم من كبيرهم إلى صغيرهم، ومن غنيهم إلى فقيرهم في حاجة دائمة للّجوء إلى الله -تعالى، حتى أولئك الذين أنكروا وجود الله في بعض الأحيان، وأعدّوا لذلك المحاضرات والمناظرات الطويلة، فإذا اشتدت به كروب الدنيا تجدهم يصرخون ويُنادون بوعي أو بدون وعي يا الله، فهذا فرعون ادَّعى الأُلوهية، حتى إذا أدركه الغرق قال كلمة التوحيد، ولكن أنَّى له القبول بعد فوات الأوان.[2]

فالله -تعالى- هو أحقُّ من عُبِد وحُمِد، يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم ۖ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،[3] وهو الاسم الذي لا يُذكر في ضيق إلا وحصل الفرج، ولا يُذكر في خوف إلا حصل الأمان والاطمئنان، ولا يتعلق بهذا الاسم فقير إلا أغناه الله من فضله، وكل هذه المعاني ثابتة في حق الله -تعالى- باطلة في حق غيره، فالله هو المستحق للعبادة بجميع صورها، وأكثر ما يُدعى الله -تعالى- بلفظ اللهمّ، فيقول الداعي اللهم ارحمني، اللهم ارزقني، ومن الجدير بالذكر أنَّ التفكير بذات الله -تعالى- من الأُمور التي لا تصل إليها طاقة البشر، والخوض فيها طريقٌ للهلاك، فالعقل البشري مخلوق لا يُفكر إلا في مخلوق.[2]

صفات الله في القرآن

دعا الله -تعالى- عباده إلى الالتزام بالنهج القويم في فهم أسمائه وصفاته، كما دعا إلى الاستناد في هذا الفهم على القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وقد نزَّه الله -تعالى- نفسه في كثير من الآيات عما يصفه به المنحرفون عن عقيدة أهل السنة والجماعة التي تنزّه الله تعالى عن جميع الصفات السلبية، وتثبت له ضدها على وجه الكمال، مع إيمانهم بجميع الصفات الثبوتية دون التفريق بينها، سواء أكانت عقلية أم خبرية، بخلاف الجهمية والمعتزلة الذين أنكروا جميع الصفات؛ بحجّة أنَّ إثباتها يدعوا إلى التشبّه بصفات المخلوقين، والحقيقة أنَّ الاشتراك بالأسماء لا يعني تشابه المسمّيات، وتشابه اللفظ لا يعني بالضرورة التماثل بين مخلوق ومخلوق، فضلاً عن أن يكون بين المخلوق والخالق، قال ابن عباس -رضي الله عنه- عن الأشياء الموجودة في الدنيا وتشبه بأسمائها ما في الجنة: (ليس في الآخرة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط)،[4] ومن القواعد الواجب اتباعها في فهم صفات الله تعالى:[5]

  • الاعتماد في معرفة صفات الله -تعالى- على السمع لا العقل، وعلى ثبوت الصفات الواردة في أخبار الآحاد؛ لإجماع السلف على الاحتجاج بخبر الآحاد في العقيدة والأحكام.
  • تنقسم صفات الله -تعالى- إلى قسمين، وهما: صفات ذاتية لا تنفك عنه بحال؛ كالعلو والسمع والبصر، وصفات فعلية؛ كالصفات المتعلقة بإرادة الله -تعالى- ومشيئته كالرضا والغضب.
  • الإيمان بالصفة يتضمن الإيمان بما دلَّت عليه من معنى، وما تعلَّق بها من الآثار.
  • صفات الله -تعالى- غير محصورة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهمَّ إنِّي أسأَلُك بكلِّ اسمٍ هو لك، سَمَّيتَ به نفسَك، أو أنزَلتَه في كتابِك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثَرتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَك).[6]
  • لا يوجد في صفات الله -تعالى- نفيٌ محض؛ فكل نفي في حقيقته إثباتٌ لكمال الضد، فالله لا يظلم أحد لكمال عدله.
  • صفات الله -تعالى- معلومة بمعناها، مجهولة بكيفيتها، فاليد والوجه في اللغة معلوم، لكن الكيف في حق الله -تعالى- مجهول، فلا يمكن التدبر والتعقل بما لا معنى له، فصفة الاستواء معلومة بأنَّها العلو والارتفاع، لكن كيفية العلو لا يُمكن الإحاطة بها، فعندما سُئل الإمام مالك عن كيفية استواء الله اعتلاه العرق من هول السؤال وقال: (الاستواء غير مجهول، أو الاستواء معلوم، والكيف غير معقول).[7]

توحيد الأسماء والصفات

إنَّ من أجل المعارف وأعظمها، المعرفة بأسماء الله -تعالى- وصفاته؛ فمن خلال الأسماء والصفات يُحقق العبد المعرفة الصحيحة بالله تعالى، مما يستلزم عبادة الله ومحبته والخوف منه وتعظيمه، كما أنَّ تعلم أسماء الله وصفاته يُعين على تدبر القرآن الكريم، يقول العز بن عبد السلام:(فهم معاني أسماء الله تعالى وسيلة إلى معاملته بثمراتها من: الخوف، والرجاء، والمهابة، والمحبة، والتوكل، وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات)، كما أنَّ التعبد بأسماء الله وصفاته يُعين العبد ويرزقه السلامة من الآفات كافة كالحسد والكبر، مع الإيمان بأسماء الله وتعبده بما تقتضيه هذه الأسماء من العبادات.[8]

ولكل اسم عبودية خاصة به، وأكمل الناس عبودية لله -تعالى- من تعبَّد لله بجميع أسمائه و صفاته، فيتعبَّد المسلم باسم الله الحليم فيكون حليماً، ويتعبَّد باسمه القوي فيكون قوياً، ويعبد الله باسمه الرحيم فيرحم خلقه ويعطف عليهم، وتوظّف الأسماء والصفات في الدعاء، فدعاء الله باسمه المُنتقم الجبَّار يكون عند إرادة الانتقام من الظالمين، والمعطي عند طلب العطاء، واللطيف عند طلب اللطف، فهذا سيدنا يونس -عليه السلام- اجتمعت عليه ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت، فنادى ربه وقال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين.[9]

المراجع

  1. ↑ سورة الحشر، آية: 23-24.
  2. ^ أ ب د. شريف سلطان (12-4-2017)، "الله جل جلاله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-2-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة يونس، آية: 22-23.
  4. ↑ هاني حلمي (26-10-2013)، "ما عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه الصفات في جميع أنواعها "، www.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-2-2019. بتصرّف.
  5. ↑ سعيد آل بحران، "قواعد واُصول جليلة في الأسماء والصفات "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2019. بتصرّف.
  6. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج العواصم والقواصم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 7/ 228، حديث صحيح.
  7. ↑ محمد المنجد، "ضوابط في الأسماء والصفات "، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2019. بتصرّف.
  8. ↑ "توحيد الأسماء والصفات "، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2019. بتصرّف.
  9. ↑ "شهود الأسماء والصفات"، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2019. بتصرّف.