من ترك شيء لله عوضه الله خير منه طب 21 الشاملة

من ترك شيء لله عوضه الله خير منه طب 21 الشاملة

مجاهدة النفس

خلق الله -عزّ وجلّ- الخلق، وشاءت إرادته أن يجعل الإنسان خليفته في الأرض، وفطر الله تعالى عباده من البشر على الطاعة، ولكنّ حكمته البالغة شاءت أن يبتلي ثبات عباده، ويختبرهم في طريق الاستقامة، فوضع لهم الهوى، ونزوح النفس الأمّارة بالسوء للمعصية؛ فتدعو صاحبها إلى الانحراف عن الدين، ووسوسة الشياطين التي تُزيّن للإنسان المعصية وتجمّلها في قلبه؛ فيرتكبها، وقد يستديم عملها،[1] ويبتليه كذلك بمُغرَيات الدنيا وملذّاتها التي من شأنها أن تُعظّم زينة الدنيا في قلب الإنسان، وكذلك الفتن والابتلاءات التي يواجهها العبد بشتّى أنواعها في حياته من الأسباب التي قد تأخذ به إلى النّكوص عن شرع الله، ومن هنا كان العبد في طريق الثبات على الطريق المستقيم أمام أعداء كُثرٍ، ويحتاج في هذا الطريق إلى إيمانٍ عميق بأنّه ما يتركه من عمل أو قول يبتغي بذلك وجه الله تعالى إلا أبدله الله خيراً منه، وعوّضه بما يفرح قلبه، فما هو فهم الإسلام وتطبيقاته لمقولة: "من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه"؟

من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه

تحمل هذه العبارة معنىً فيه حثّ على التّرك ابتغاء مرضاة الله، كما تحمل البشرى بالمثوبة على هذا الفعل، وتنتشر هذه الصيغة على ألسنة الكثيرين، ويستخدمها الدّعاة ويستشهدون بها في مواطن كثيرةٍ، ولكن ما نسبة هذه الصيغة إلى الحديث الشريف، وما دلالاتها؟

مصدر مقولة "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه"

مقولة من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، تحمل معنىً صحيحاً شرعاً، وقد تضمّنت بعض الآيات فكرة هذا القول الحكيم كما سيأتي، لكنّه لم يثبت بنصٍّ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، غير أنّ الألباني صحّح سنده وأورده في مصنّفه حجاب المرأة، بنصّ: (من تركَ شيئًا للهِ، عوَّضهُ اللهُ خيرًا منه)،[2] ولكنّ حديثاً صحيحاً ورد بأسانيد متعددةٍ يدل عليه، ويحمل معناه ومضمونه، ولفظه: (إنك لن تدعَ شيئًا للهِ عزَّ وجلَّ، إلا أبدلك اللهُ به ما هو خيرٌ لك منه).[3][4]

مضمون "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه"

إنّ العبد المسلم بتغلّبه على شهواته، وحظوظ نفسه الأمّارة بالسوء لأجل مرضاة الله -عز وجل- يمتنع عمّا تهواه نفسه ممّا حرّمه الله، بل ويترك من الحلال ما جاء به أمرٌ تعبّدي، كحال الصائم في رمضان؛ فمن كان هذا فعله في مسائل الأمر والنّهي؛ فإنّ الله لن يخيِّب رجاء عباده، ونِعْمَ ما رجا وأمّل لمّا ترك وامتنع؛ فإنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فسيجازي عبده بما هو أنفع وأفضل، وصدق الله تعالى إذ يقول: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى).[5][4]

صور ومشاهد عملية لصدق هذا القول

من المؤكّد شرعاً أنّ من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، بل إنّها قاعدةٌ عظيمةٌ للحثّ على كلّ خيرٍ وفضيلةٍ، والدعوة إلى شراء الآخرة الباقية بالدنيا الزائلة، وشحذٌ للهمم على البذل والعطاء في سبيل الله، وتتعدّد صور هذه القاعدة بما يصعب على الباحثين حصرها، فمن صورها على سبيل المثال:[6]

أنواع العوض الإلهي وطرق تحصيله

المراجع

  1. ↑ عبد العزيز العقيل (6-2-2013)، "الأعداء الثلاثة (الهوى والنفس والشيطان)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-4-2018. بتصرّف.
  2. ↑ رواه الألباني، في حجاب المرأة، الصفحة أو الرقم: 49، إسناده صحيح.
  3. ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن أبي قتادة و أبي الدهماء، الصفحة أو الرقم: 10/299، روي بأسانيد ورجالها رجال الصحيح‏‏.
  4. ^ أ ب مركز الفتوى (6-10-2016)، "أضواء على قول "من ترك شيئا لله عوضه...""، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-4-2018. بتصرّف.
  5. ↑ سورة النازعات، آية: 40-41.
  6. ^ أ ب "من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه"، www.islamweb.net، 26-8-2007، اطّلع عليه بتاريخ 17-4-2018. بتصرّف.
  7. ↑ سورة سبأ، آية: 39.
  8. ^ أ ب ت رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2588 ، صحيح.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن معاذ بن أنس الجهني، الصفحة أو الرقم: 4777 ، حسن.
  10. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن معاذ بن أنس الجهني، الصفحة أو الرقم: 2481 ، حسن.
  11. ↑ سعيد القحطاني، أنواع الصبر ومجالاته، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 20-21. بتصرّف.