-

علامات الساعة بالتفصيل

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

قيام الساعة

الساعة هي يوم القيامة، وقد أكد الله -تعالى- في الكثير من آيات القرآن الكريم على أن الساعة قادمة لا محالة، ومنها قوله تعالى: (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ)،[1] وقوله عز وجل: (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)،[2] ولذلك فإن الإيمان بيوم القيامة أصل من الأصول، ولا يتم إيمان العبد إلا به، ومن الجدير بالذكر أن موعد قيام الساعة قد اقترب كثيراً، مصداقاً لقول الله تعالى: (اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم وَهُم في غَفلَةٍ مُعرِضونَ)،[3] وقد نزلت هذه الآية الكريمة قبل ألف وأربعمئة عام تقريباً، وقد تكون هذه المدة طويلة في منظور البشر، ولكنها فترة قصيرة في مقاييس رب العالمين.[4]

علامات الساعة بالتفصيل

لا يمكن لأحد من البشر معرفة موعد قيام الساعة، لأن علم الساعة من الغيب الذي استأثر الله -تعالى- به لنفسه، ولم يُطلع عليه نبي مرسل، ولا ملَكاً مقرّب، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)،[5] ولكن من فضل الله -تعالى- ومنّه على عباده أن جعل للساعة علامات تدل على اقتراب قيامها، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)،[6] ومن الجدير بالذكر أن العلماء قد قسموا هذه العلامات إلى علامات صغرى، وعلامات كبرى، ويمكن تفصيلها فيما يأتي.[7]

علامات الساعة الصغرى

وهي العلامات التي تسبق قيام الساعة بفترة زمنية طويلة، وتكون أحداثا عادية، ولا تخرج عن المألوف غالباً، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[7]

  • بعثة النبي عليه الصلاة والسلام:وهي أول علامات الساعة الصغرى، حيث أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن وقت بعثته قريب من قيام الساعة كقرب إصبع السبابة من الوسطى، مصداقاً لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (بُعثت أنا والساعةُ كهاتَين)، ويقرنُ بين أصبعَيه السَّبَّابةَ والوُسطى،[8] وقد أكد القرطبي -رحمه الله- على أن بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول علامات الساعة، لأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، ونبي آخر الزمان، فلا نبي بينه وبين قيام الساعة.
  • انشقاق القمر: كانت حادثة انشقاق القمر من المعجزات الباهرة التي أيد الله -تعالى- بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وعلامة من علامات الساعة، فقد قال تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)،[9] وبيّن الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره لسورة القمر أن انشقاق القمر وقع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تواترت الأحاديث في ذلك، وانعقد الإجماع بين العلماء عليه.
  • نار الحجاز التي أضاءت أعناق الأبل ببصرى: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة خروج نار في الحجاز تضيء منها أعناق الإبل ببصرى، مصداقاً لما رواه أبو هريرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لا تقومُ الساعةُ حتى تخرجَ نارٌ من أرضِ الحجازِ، تضيءُ أعناقَ الإبلِ ببُصْرَى)،[10] وقد رجّح الإمام النووي -رحمه الله- ظهور هذه النار في عصره، حيث أخبر عن خروج نار عظيمة بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وأنها كانت من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، وأن العلم بها قد تواتر عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبره بذلك من حضرها من أهل المدينة.

علامات الساعة الكبرى

وهي العلامات التي تُنذر بقرب قيام الساعة، حيث يتبع ظهورها قيام الساعة، ومن الجدير بالذكر أن علامات الساعة من الأمور الغيبية التي يؤمن بها المسلمون، لا سيما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو من أخبر عنها، وقد وردت الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تثبت علامات الساعة الكبرى، ومنها ما رواه حذيفة بن أسيد الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لن تَقُومَ السَّاعةُ حتَّى يَكونَ قَبْلَها عشْرُ آياتٍ: طُلوعُ الشَّمسِ مِن مَغْرِبِها، وخُروجُ الدَّابَّةِ، وخُروجُ يَأْجوجَ ومَأْجوجَ، والدَّجَّالُ، وعيسى ابنُ مريمَ، والدُّخَانُ. وثلاثُ خُسوفٍ: خَسْفٌ بالمَغرِبِ، وخَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وخَسْفٌ بجَزيرةِ العربِ. وآخِرُ ذلكَ تَخرُجُ نارٌ مِنَ اليَمَنِ، مِن قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إلى المَحْشَرِ)،[11] ويمكن تفصيل بعض علامات الساعة الكبرى فيما يأتي: [12]

  • فتنة المسيح الدجال: ظهور المسيح الدجال من أخطر الفتن التي ستصيب البشر قبل قيام الساعة، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه منبع الكفر والضلال، ويجري على يديه عجائب وخوارق يضل بها الناس، كإنزال المطر من السماء وإحياء الأرض وغيرها، ومما يدل على عظم فتنته أن الأنبياء جميعاً حذروا أقوامهم منها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من فتنته في كل صلاة، وقد اختُلف في سبب تسميته بالمسيح؛ فقيل أنه بسبب عينه الممسوحة، وقيل لأنه يمسح الأرض بأربعين يوماً، وقد أخبر عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الكثير من الأحاديث، وبيّن أوصافه بشكل دقيق، وأهمها أنه أعور، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إني أُنذِرُكُموه، وما من نبيٍّ إلا وقد أنذَره قومَه، لقد أنذَره نوحٌ قومَه، ولكني سأقولُ لكم فيه قولًا لم يقُلْه نبيٌّ لقومِه، تَعلمونَ أنه أعوَرُ، وأن اللهَ ليس بأعوَرَ).[13]
  • نزول عيسى عليه السلام: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة نزول عيسى عليه السلام، حيث ينزل في المنارة البيضاء بدمشق، ويقاتل مع الطائفة المنصورة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- والتي تجتمع لقتال الدجال، فيقتل المسيح الدجال، ثم يحكم في الأرض بالإسلام.
  • خروج يأجوج ومأجوج: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قوم يأجوج ومأجوج يخرجون في آخر الزمان كعلامة من العلامات الكبرى للساعة، وتكون أعدادهم هائلة فلا يستطيع أحد من البشر الوقوف في وجههم، فيحاصرون عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين، فيدعو عليهم فيهلكهم الله -تعالى- بالنغف، وهو دود يصيب رقابهم فيموتون.
  • الخسوف الثلاث: وقد سبق ذكرها في الحديث الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه.
  • الدخان: وهو دخان يظهر في آخر الزمان، ويبقى في الأرض أربعين يوماً يأخذ أنفاس الكفار، ويأخذ المومنين كالزكام، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ).[14]
  • خروج الشمس من مغربها: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة خروج الشمس من مغربها، وبيّن أن التوبة بعد ظهور هذه العلامة لا تنفع صاحبها.
  • خروج الدابة:حيث أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن خروج الدابة من علامات الساعة، كما ورد في الحديث السابق الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه، وقال تعالى: (إِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ).[15]
  • النار التي تحشر الناس: وآخر العلامات ظهوراً هي النار التي تخرج من عدن وتحشر الناس إلى محشرهم.

المراجع

  1. ↑ سورة طه، آية: 15.
  2. ↑ سورة الحجر، آية: 85.
  3. ↑ سورة الأنبياء، آية: 1.
  4. ↑ عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقر العتيبي (1411 هـ - 1991 م)، القيامة الصغرى (الطبعة الرابعة)، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 113-115. بتصرّف.
  5. ↑ سورة لقمان، آية: 34.
  6. ↑ سورة محمد، آية: 18.
  7. ^ أ ب "علامات الساعة الصغرى"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2019. بتصرّف.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 867، صحيح.
  9. ↑ سورة القمر، آية: 1،2.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7118، صحيح.
  11. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، الصفحة أو الرقم: 4311، صحيح.
  12. ↑ "علامات الساعة الكبرى"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2019. بتصرّف.
  13. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 6173، صحيح.
  14. ↑ سورة الدخان، آية: 10،11.
  15. ↑ سورة النمل، آية: 82.