كيف تتم حركة الصفائح
الصفائح التكتونيّة
الصفيحة التكتونيّة هي عبارة عن لوحة أرضيّة تتكوّن من القشرة الأرضيّة، بالإضافة إلى القشرة العُليا من الوِشاح، حيث يحتوي كوكب الأرض على سبع صفائح تكتونيّة رئيسيّة، هي: الصفيحة التكتونيّة الأفريقيّة، والقُطبيّة الجنوبيّة، والأوراسيّة، والهنديّة، والأستراليّة، والأمريكيّة الشماليّة، وصفيحة المحيط الهادئ، والأمريكيّة الجنوبيّة، بالإضافة إلى العديد من الصفائح الصغيرة، وتحتكّ هذه الصفائح ببعضها البعض؛ بسبب حركة طبقات الصخور المُنصهِرة تحتها، إذ تُسبِّب هذه الحركة بعض الظواهر الطبيعيّة، مثل: الزلازل، وأمواج تسونامي، والجرف القارّي، وغيرها من الظواهر، ويُطلَق على حدود هذه الصفائح اسم "خطوط الصدوع"، والتي يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع؛ بناءً على نوع الحركة بين الصفائح، هي: الصدوع المُتباعِدة، والصدوع المُتقارِبة، والصدوع الناقلة.[1]
نظريّة حركة الصفائح
نظرية الصفائح التكتونيّة هي النظريّة التي تهتمّ بدراسة النظام الديناميكيّ في الغلاف الصخري للأرض، حيث تستندُ هذه النظريّة إلى مجموعة كبيرة من البيانات الجيولوجيّة، والجيوفيزيائيّة. وقد أحدثت نظريّة حركة الصفائح ثورة في علوم جيولوجيا الأرض، من خلال توفير البيانات اللازمة لفَهْم كيفيّة تشكُّل التضاريس، وبعض الظواهر الطبيعية، مثل: الجبال، والبراكين، والزلازل، بالإضافة إلى فَهْم تَطوُّر سَطح الأرض، وإعادة بناء القارّات السابقة، ووَصْف الجغرافيا القديمة للقارّات، والمحيطات، كما ساهمت النظريّة في فَهْم تطوُّر قشرة الأرض، والغلاف الجوّي، والغلاف المائيّ، والمحيط الحيويّ، والمناخات. عِلماً بأنّ صياغة مفهوم نظريّة الصفائح التكتونيّة تمّت في الستينيّات؛ حيث نصَّت النظريّة على أنّ الأرض تتكوَّن من طبقة خارجيّة صلبة تُعرَف باسم "الغلاف الصخريّ"، ويبلغُ سُمْكها ما يُقارب 100كم، كما تُغطّي هذا الغلاف الصخريّ طبقة أخرى تُسمّى "غلاف موري"؛ وهو عبارة عن طبقة مصهورة جزئيّاً من صخور لَدِنة، وممّا يجدرُ ذِكره أنّ الغلاف الصخريّ ينقسم إلى سبع لوحات أو صفائح قارّية ومحيطيّة كبيرة الحجم، بالإضافة إلى ستّ أو سبع صفائح إقليميّة مُتوسِّطة الحجم، وعدّة لوحات صغيرة، بحيث تتحرَّك هذه الصفائح إمّا مُبتعِدة، أو مُقترِبة، أو مُنزلِقة بالنسبة إلى بعضها البعض، ويكون مُعدَّل الحركة لهذه الصفائح من 5-10سم في السنة. [2]
كيفيّة حركة الصفائح
تختلف حركة الصفائح الأرضيّة بالنسبة إلى بعضها البعض؛ تبعاً للقوّة المُؤثِّرة فيها، ونوع الصفيحة، وفيما يلي شَرْح لكيفيّة حركة الصفائح التكتونيّة: [3][4]
- الحركة التباعُديّة (الحدود البَنّاءة): هي ابتعاد صفيحتَين أو أكثر عن بعضهما البعض، حيث ينتجُ عن هذا التباعُد تدفُّق الصهارة من السِّتار إلى القشرة؛ لتكوين قيعان المحيطات، ومع ازدياد تباعُد الصفائح، تزداد كمّية الصهارة المُتدفِّقة إلى الأعلى، وبالتالي حدوث ما يُسمَّى ب "ظاهرة اتِّساع قاع المحيط"؛ ولذلك أُطلِق عليها اسم (الحدود البَنّاءة)، وغالباً ما تحدثُ الحركة التباعُديّة بين صفيحتَين مُحيطيَّتَين، إذ تنتجُ عن هذه الحركة سلاسل جبليّة -ظهر وسط المحيط- مغمورة في قيعان المُحيطات، وهي مُكوَّنة من المادّة البازلتيّة، ومُتأثِّرة بصدوع عاديّة، كما أنّها تكون عموديّة على اتِّجاه حركة الصفائح، وأشهر هذه السلاسل الجبليّة هو ظهر وسط المحيط الأطلسيّ، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الحركة التباعُدية قد تحدث بين صفيحتَين قارّيتَين، كما حدث عند تباعُد الصفيحة الأفريقيّة، والصفيحة العربيّة؛ والتي نتجَ عنها تكوُّن البحر الأحمر.
- الحركة التقارُبيّة (الحدود الهدَّامة): تُمثِّل هذه الحركة تَقارُب، أو اصطدام صفيحتَين مع بعضهما البعض، وقد تحدث الحركة التقارُبيّة بين صفيحتَين مُحيطيَّتَين، حيث ينتجُ عنها تكوُّن الجُزُر البُركانيّة، أمّا إذا تقاربَت صفيحة مُحيطيّة مع صفيحة قارّية، فإنّ الصفيحة المحيطيّة تنزلق، وقد تُستهلَك تحت الحافّة الأماميّة للصفيحة القارّية؛ وذلك لأنّها أكثر كثافة من الصفيحة القارّية، ممّا يُؤدّي إلى تَشكُّل الأخدود المُحيطيّ، والبُركان الأنديزينيّ، إذ يُطلَق على الحدود الناتجة عن هذا التقارُب اسم (مناطق الغَوص)، كما أنّ التقارُب والتصادُم قد يحدث بين صفيحتَين قارّيتين؛ حيث يُؤدّي الضغط الناتج عن التصادُم إلى حدوث تَشوُّه للمادّة الصخريّة المُكوِّنة لحدود الصفائح، بحيث تتشكَّل على هيئة جبال؛ وذلك لأنّ الصفيحتَين مُتساويتان تقريباً في الكثافة؛ ولهذا فإنّ إحداهما لا تنزلقُ نحو الأخرى، ومن أشهر المعالِم الناتجة عن مِثل هذا التصادُم: جبال الهيمالايا الشهيرة، وأحزمة الجبال الألبيّة.
- الحركة التحويليّة: هي انزلاق الأجزاء المُزاحة عن بعضها البعض في صفيحتَين، حيث تنتجُ عن هذا النوع من الحركة حدود، إلّا أنّ معظم هذه الحدود موجودة في القشرة المحيطيّة، وقد يُوجد بعضها في القشرة القارّية، ومن أشهر الحدود القارّية التحويليّة صدع سان أندرياس في كاليفورنيا، والذي تشكَّل؛ بسبب انزلاق جزء من صفيحة المحيط الهادئ بشكل أُفقيّ مع جزء من صفيحة أمريكا الشماليّة، وتُسمَّى المناطق التي تلتقي فيها ثلاث صفائح مع بعضها البعض ب (مناطق الاتّصال الثلاثيّة). ومثال ذلك، التقاء خوان دوفوكا مع صفيحة أمريكا الشماليّة، وصفيحة المحيط الهادئ، عند الشاطئ الغربيّ لأمريكا الشماليّة، بالإضافة إلى مناطق اتّصال ظهور المحيط، المُرتبِطة بصفائح كوكوس، والمحيط الهادئ، ونازكا في غرب أمريكا الجنوبيّة.
القُوى المُحرِّكة للصفائح
تتحرَّك الصفائح؛ نتيجة وجود قُوى طبيعيّة تُؤثِّر فيها، وفيما يلي شَرْح لأهمّ هذه القُوى: [5]
- سَحْب القطع: هي ظاهرة طبيعيّة تتمثَّل بوجود قوّة دافعة رئيسيّة، تُؤدّي إلى سَحْب مُقدِّمة الصفيحة المحيطيّة المُنزلِقة، وتحدث هذه الظاهرة؛ بسبب الكثافة العالية نسبيّاً للقطع الباردة للغلاف الصخريّ المحيطيّ، والتي أدّت إلى انزلاقها نحو الغلاف المُنصهِر تحتها.
- قوّة الدَّفْع: وهي قوّة جَذْب ناتجة عن الموقع المُرتفع للسلاسل المحيطيّة الجبليّة، حيث تتسبَّب هذه القوّة بشكل أساسيّ في انزلاق قِطع الغلاف الصخريّ إلى جوانب السلاسل الجبليّة المحيطيّة، وقد تبيَّن من خلال مُقارنة درجات توسُّع قاع المحيط على طول أجزاء السلاسل الجبليّة التي لها ارتفاعات مختلفة، أنّ هذه القوّة لها تأثير بنسبة أقلّ من قوّة سَحب القطع.
- قوّة سَحب الوِشاح: وهي القوّة الناتجة عن التدفُّق الحراريّ في طبقة الوِشاح، وهي تحدث عندما يتحرَّك التدفُّق الحراريّ في الغلاف المنصهر بسرعة تفوق سرعة الصفيحة، ممّا يُؤدّي إلى زيادة سرعة الصفيحة، وفي بعض الأحيان قد تتسبَّب هذه القوّة في مُقاوَمة حركة الصفيحة؛ وذلك بسبب حركة طبقة الغلاف المُنصهِر البطيئة، أو المُعاكِسة لحركة الصفائح.
المراجع
- ↑ Paul Parsons، 1001 فكرة في العلوم: الأرض، الفضاء، المعرفة والحوسبة، المستقبل، صفحة 44-45. بتصرّف.
- ↑ "plate tectonics", www.britannica.com, Retrieved 6-6-2018. Edited.
- ↑ سهام محمود خصاونة، أساسيات في العلوم العامة، صفحة 218-219. بتصرّف.
- ↑ Edward A. Keller، الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)، صفحة 32-34. بتصرّف.
- ↑ إدوارد جي تاربوك، فريدريك كي لوتجينس، دينيس تازا، الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية، صفحة 68. بتصرّف.