كيف نستطيع أن نقي أنفسنا من أخطار الضوضاء
الضوضاء
تتعرّض البيئة التي يعيشُ فيها الإنسانُ للعديدِ من أشكالِ التلوّث التي تؤثّر في حياته وصحته، وأحدُ هذه الأشكال هيَ التلوّث بالضوضاء. والضوضاءُ صوتٌ غير منضبط وغير مرغوب به، ناتج عن الأنشطة البشريّة التي تصدر أصواتاً مرتفعة، وهو يختلف عن الملوثات الأخرى بأنّه لا يترك أثراً على البيئة، بالرغم من ذلك فإنّه يؤثّر سلباً في راحة الإنسان وصحته. إنّ الأصوات محيطة بنا باستمرار ولا تعدّ ضوضاء، ولكن يبدأ تصنيف الصوت على أنّه ضوضاء عندما تزداد مجموعة من العوامل المتعلقة به عن حدها؛ وهي شدّة الصوت، ومدّة التعرّض له، وتردده. فالصوت ضمن تردادت متوسطة لا يكون ضوضاء، وعنندما تقع تردداته ضمن مستويات عالية ومنخفضة يتحوّل لضوضاء. وتقاس الضوضاء بوحدة الديسيبل التي تعبّر عن ارتفاع الصوت أو مستوى ضغط الصوت، فالإنسان يستطيع أن يسمع الأصوات ضمن ضغط مقداره (0 ديسيبل-140 ديسيبل)، فتبدأ الضوضاء من مستوى 45 ديسيبل بإحداث القلق قبل النوم للإنسان العاديّ، وإذا وصلَ مستوى الضوضاء إلى 75 ديسيبل فإنّه يسبب التوتر الشديد عند معظم النّاس، أمّا الضرر الحقيقيّ على الأذن فيبدأ من مستوى ضوضاء مقداره 80 ديسيبل، والأصوات الواقعة بين (120 ديسيبل- 140 ديسيبل) تسبب الألم الشديد لأذن الإنسان.[1][2]
طرق الوقاية من أخطار الضوضاء
إنّ مشكلة التلوّث الضوضائيّ منتشرةً بكثرة في العصر الحديث مع التقدّم في الصناعاتِ، وزيادة الأدواتِ المستخدمةِ والتي تصدر أصواتاً، وكذلك ازدحامِ الشوارعِ العامّة وغيرها. فيجب عدم الاستهانة بهذه المشكلة لما لها من أضرار خطيرة تصل إلى فقدان السّمعِ لدى الإنسان. وتتبع بعض الطرق التي قد تعمل على التقليل من خطر الضوضاء، وتحدّ من انتشارها، وتعمل على الوقاية من أضرارها. ويمكن الوقاية والحدّ من التلوث في الأماكن المختلفة عن طريق الاهتمام بما يأتي:[2][3]
- القوانين التشريعيّة: تضع الحكومات قوانين محلية، وإقليمية، ووطنية للحدّ من التلوّث، وتكون بعض هذه القوانين مجموعة من المعايير المتعلقة بالصحة والسلامة المهنيّة، والتي تلزم بها الأماكن التي قد يتعرّض فيها الإنسان للضوضاء. وتعمل هذه المعايير على وضع حدود لمقدار الشدّة الصوتيّة التي يتعرّض لها الإنسان، والمدة الزمنية المسموح بها لهذه الكثافة. كما تضع بعض الدول قوانين متعلقة باستخدام مصادر الضوضاء مثل مكبرات الصوت، وتضع غرامات وعقوبات رادعة لمن يخالفها.
- كودات التصميم الداخليّ: يتقيّد التصميم الداخلي بكودات متعلقة بمستوى الضجيج في الفراغ الداخليّ، وهيَ مجموعة من المعايير التي صممّت على شكل منحنيات علميّة تمّ صياغتها بناءً على دراسات أُجريت على مجموعة من النّاس في حالات مختلفة. وتعمل هذه المُنحنيات على وضع قواعد للحد الأقصى المسموح به من مستوى الضوضاء، ومن هذه المنحنيات:
- الأدوات والمواد العازلة: يوجد بعض المواد والأدوات التي تُستخدم للحدّ من الضوضاء، فمثلاً يُستخدم بلاط الأرضيّات الماصّ للصوت في الغرف المغلقة، ويُمكن أن تُضاف مواد عازلة ذات امتصاص عالٍ للأصوات، مثل وضع الأقمشة الثقيلة في الغرف. وتُستخدم واقيات السمع في الأماكن المحتمل وجود ضوضاء فيها، والتي تكون على شكل غطاء للأذنين، إذ تعمل على تقليل ارتفاع الأصوات بمقدار 10 ديسيبل عند تردد 100 هرتز، وبمقدار 30 ديسيبل عند الأصوات ذات الترددات التي تتجاوز 1000 هرتز.
- قوانين البناء: يُفضّل بناء المناطق السكنيّة بعيداً عن المناطق الصناعيّة، والمطارات، والسكك الحديديّة، والطرق السريعة، وفي حالة قرب المناطق السكنيّة من الطرق السريعة يتمّ إنشاء حاجز صوتيّ على طول الطريق، بحيث يكون الحاجز أقرب ما يمكن من مصدر الضوضاء، حتى يعمل على تعريج الصوت اثناء انتقاله وبالتالي خفض جزء من الضوضاء الصادرة عنه.
- التوعية بخطر الضوضاء: بالرغم من الأضرار الخطيرة للتلوث الضوضائيّ إلّا أنّ الكثير من النّاس يجهلونَ مدى خطورته، لذا لا بدّ من تقديم التوعية للمجتمعات عن طريق وسائل الإعلام المختلفة كالإذاعة والتلفزيون، وعمل أنشطة توعويّة بيئيّة يستطيع النّاس المشاركة فيها، والتأكيد على موضوع التلوث الصوتيّ في المناهج الدراسيّة، والمحاضرات الجامعيّة والمدرسيّة.
- تقنيات عزل الضوضاء: طوّر العلماء مجموعة من التقنيات للسيطرة على الضوضاء، منها تقنيات عملت على تطوير الأدوات التكنولوجيّة لتقلل نسبة الضجيج الصادر عنها.
- منحنيات NC: ويبلغ عددها 11 منحنىً. وقد تمّ تطويرها عام 1957م، وهي تعمل على وضع معايير للحّد الأقصى المسموح به من مستوى الضوضاء، وذلك لتوفير بيئة مريحة في أماكن العمل والمعيشة.
- منحنيات PNC: تعدّ هذه المنحنيات الأكثر شعبية، وقد طوّرت عام 1971م، وهي تضيف حدوداً على طنين التردد المنخفض، وحدوداً على صفير التردد العالي. وتستخدم هذه المنحنيات لوضع أهداف تصميميّة لمستويات الضوضاء لأغراض مختلفة، فمثلاً تُستخدم حدود المنحنى في تصميم أماكن العمل والمعيشة، بحيث إذا تجاوزَ قياس الضوضاء في تلكَ الأماكن الحدود التي تفرضها هذه المنحنيات، فإنّه يلزم إضافة مواد امتصاص الصوت حتى تُحقق معايير المنحنى.
مصادر التلوّث الضوضائيّ
إنّ الضوضاء مشكلة يوميّة ناتجة عن مصادر مختلفة، ويمكن تصنيف مصادر التلوث إلى نوعين:[4]
- مصادر تلوث داخليّة: هيَ المصادر التي تولّد ضوضاء داخل المباني، فالمباني السكنيّة تكون مصادر تلوثها الداخلية صادرة عن الأنشطة البشريّة كأصوات السكّان، وأصوات الأجهزة المنزليّة. أمّا المباني الوظيفيّة فتنتج الضوضاء بسبب حشود النّاس فيها، مثل المدارس والأماكن العامّة.
- مصادر تلوث خارجيّة: أهمّ مصدر خارجيّ للضوضاء هو حركة المرور، كما يصدر الضجيج الخارجيّ عن الطائرات، وحركة القطارات على السكك الحديديّة، وضجيج الآلات المختلفة كالآلات النباتيّة وآلات البناء. وقد يكون مصدر الضجيج الخارجيّ مكبّرات الصوت المستخدمة في الطرقات.
تأثير الضوضاء على الإنسان
تنعكس الضوضاء المحيطة بالإنسان بطريقة سلبيّة وخطيرة على صحته الجسديّة والنفسيّة، وذلك لأنّ الأذنين حساستانِ للصوتِ، فتستمران بالتقاط الأصوات أثناء النّوم، فيتسبب الضجيج باضطرابات النوم التي تؤدّي للتعب والصداع، كما قد يلجأُ الفرد لتناول الحبوب المنومة والمهدئة التي قد تؤثّر في صحته النفسيّة، وينتج عن قلّة النوم ضعف في الذاكرة، وضعف القدرة على الإبداع. أمّا إذا لم يتسبب الضجيج بقلق في النوم فإنّ الجسد يتجاوب معه بارتفاع في ضغط الدم، وبالتالي قد يؤدي لخلق أمراض القلب والأوعية الدمويّة لدى الإنسان. كما تتسبب الضوضاء بطنين الأذنين، وفقدان السمع، والضعف الإدراكيّ لدى الأطفال. ولا ينحصر تأثير الضوضاء على صحة الإنسان، فهي مشكلة تتسبّب بخسارة الكثير من الأموال اللازمة لعمل عزل للمباني، وبناء الحواجز على جوانب الطرقات، وانخفاض قيمة الممتلكات القريبة من مصادر الضوضاء، وانخفاض مستوى الإنتاج بسبب ضعف التركيز والتعب وقلّة النوم، وتتسبب بتكاليف لعلاج الأمراض التي قد تظهر بسبب الضوضاء كفقدان السمع.[3][5]
المراجع
- ↑ Thomson Gale, "Pollution, Noise"، www.encyclopedia.com, Retrieved 29-8-2018. Edited.
- ^ أ ب Richard E. Berg Jerry A. Nathanson (7-4-2018), "Noise pollution"، www.britannica.com, Retrieved 29-8-2018. Edited.
- ^ أ ب Wim F. Passchier (2000), Noise pollution: Legislative aspects and concerns, California: Amicus Book, Page 7,14,20,24,25. Edited.
- ↑ KyooSang Kim (2015), Sources, Effects, and Control of Noise in Indoor/Outdoor Living Environments, Korea: J Ergon Soc Korea , Page 266،277. Edited.
- ↑ Gary Housley ,Marion Burgess, "Health effects of environmental noise pollution"، www.science.org.au, Retrieved 29-8-2018. Edited.