-

كيف أتقرب إلى الله

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

علاقة الإنسان مع الله

يحرص الكثير من الناس على إقامة العلاقات والروابط مع الآخرين، وهذه هي فطرة الإنسان التي لا يمكنه أن يستغني عنها، فالإنسان مدنيٌ بالطبع لا بدّ له من أن يألف الآخرين ويُقيم معهم العلاقات، ولكنّ الأولى من تلك العلاقات العلاقة مع الله عزّ وجلّ، التي هي أصل العلاقات، وفيها الفوز والنجاح والفلاح، ولن تصلح أي علاقةٍ مع الآخرين ما لم تصلح العلاقة مع الله، فقد كتب معاوية بن أبي سفيان إلى أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن توصيه، فكتبت قائلةً: (منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ كفاهُ اللَّهُ مؤنةَ النَّاسِ، ومنِ التمسَ رضا النَّاسِ بسخطِ اللَّهِ وَكلَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ)،[1] ومن الناس مَن إذا ذكر أثنى عليه الناس، وأحبته قلوبهم، ومدحته ألسنتهم، والسبب في ذلك هو علاقته مع الله وصلته به، ويصدق هذا قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ تبارَك وتعالى إذا أحَبَّ عبداً نادى جِبريلُ إنَّ اللهَ قد أحَبَّ فلاناً فأحِبَّه فيُحِبُّه جِبريلُ ثم يُنادي جِبريلُ في السماءِ إنَّ اللهَ قد أحَبَّ فلاناً فأحِبُّوه فيُحِبُّه أهلُ السماءِ ويوضَعُ له القَبولُ في أهلِ الأرضِ)،[2] ثمّ إذا صلحت العلاقة مع الله تيسّرت الأمور، وأُجيبت الدعوات، فمن يعرف الله في الرخاء يعرفه الله في الشدة، كما حدث مع يونس -عليه السلام- لمّا التقمه الحوت، فلولا أنّه كان من المسبّحين للبث في بطن الحوت إلى يوم البعث.[3]

كيفية القرب من الله وطريقه

تعدّ الصلاة من أحبّ وأهمّ الطرق المُوصلة إلى الله تعالى، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه)،[4] والفائز الأول والأخير من إكثار الصلاة هو المسلم، فيتقرّب من الله في الدنيا، ويرافق الرسول -عليه السلام- في الآخرة، فقد أجاب رسول الله من جاءه يطلب منه مرافقته في الجنة أن يُكثر من السجود لله، فالصلاة جلّها دعاء من أولها حتى آخرها، والدعاء مخّ العبادة، ولا إجابةً دون دعاءٍ، واعتبر الله من لا يدعوه مستكبراً، والذي لا يطمع في قُرب ربّه بكلّ ما هو ممكنٌ من الصلوات والدعوات لم يعرف مقام ربه، والقرب من الله فيه جلالٌ وهيبةٌ، فقرب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من ربه هو الذي أعانه في مواجهته لكلّ من عادوه، حيث كان عوناً له في مواجهته لأبي لهبٍ، وأبي جهلٍ، وفي دعوته لأهل الطائف وهجرته من مكة إلى المدينة تاركاً أحب البلاد إلى قلبه، وما كان سنداً وعوناً له في كلّ هذا وغيره سوى قربه من الله، فهو الملاذ والنصر والفلاح والرخاء، وهو الذي يقضي الحاجات، وأعلى الناس مرتبةً يوم القيامة وأفضلهم منزلةً هم المقرّبون من الله، ونُقل عن علي بن أبي طالب أنّه قال في أهمية القُرب من الله: (من أراد صاحباً، فالله يكفيه، ومن أراد مؤنساً، فالقرآن يكفيه، ومن أراد غنىً، فالقناعة تكفيه، ومن أراد واعظاً، فالموت يكفيه، ومن لم يرد واحدةً من هذه الأربع، فلا خير فيه، والنار تكفيه).[5]

الفوز بمحبة الله تعالى

محبة لله -عزّ وجلّ- للمسلم هي الغاية العليا التي يطمح إليها كلّ مسلمٍ، فإن حصل عليها فقد حفظه الله ووقاه وكفاه وهداه، ويصل الإنسان إلى محبة الله بالعديد من الطرق، منها ما يتعلّق بأفعال المسلم، ومنها ما يتعلّق بأقواله، ومنها ما يتعلّق بالأقوال والأفعال معاً، وفيما يأتي بيانٌ مفصلٌ لتلك الطرق:[6]

  • اتباع ما جاء به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد جعل الله اتّباع ما جاء به من علامات محبته، فقال: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[7] ولذلك جاءت النصوص الشرعية تنهى وتحذّر من مخالفة النبي عليه السلام، والقضاء بما جاء به رسول الله من نصوص الكتاب والسنة في كلّ شأنٍ من شؤون الحياة، من الإيمان بالله، والرضا، والتسليم.
  • التقوى والإنفاق الخفي، وهو ما جاء في قول الله تعالى: (بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)،[8] والتقوى من أعظم ما قد يُوصى به المسلمون، والتقوى أن يجعل الإنسان بينه وبين عذاب الله وقايةً، ويتحقّق ذلك بعفل كلّ ما أمر الله به، واجتناب كلّ ما نهى عنه.
  • الإحسان والمحسنين يحبهم الله، والإحسان منزلةٌ عاليةٌ من كمال العبودية لله تعالى، فالإسلام يأتي أولاً، ثمّ الإيمان، ثمّ بعد ذلك الإحسان، فهو من أعلى المراتب وأجلّها.
  • التوبة والتطهّر؛ فالله -عزّ وجلّ- يحبّ عباده المُكثرين من الاستغفار والتوبة، ويحبّ عباده المتطهّرين الذين يجتنبون الفواحش.
  • عباد الله الصابرين، وقد جاء الوعد لهم من الله تعالى بقوله: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّـهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).[9]
  • التوكّل على الله.
  • الحكم بالعدل؛ فجاء المدح والحبّ من الله للعادلين، والويل والذم للظالمين ومن اتبع غير سبيل المؤمنين، وزاغ عن طريق الحقّ.
  • الجهاد في سبيل الله؛ فالله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّاً كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ، لا يسمحون للعدو بالدخول من بينهم.
  • أداء النوافل؛ والنوافل كثيرةٌ لا سبيل لحصرها، منها: صيام التطوع، وأداء السنن والرواتب، والحجّ والعمرة تطوّعاً، وقد جاء الدليل على أجر من يحرص على أداء النوافل، وأنّه بذلك يصل إلى حبّ الله عزّ وجلّ.

المراجع

  1. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2414، صحيح.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7485، صحيح.
  3. ↑ فهد الصالح (21-10-2017)، "العلاقة مع الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  5. ↑ محيي الدين صالح (11-2-2010)، "أهمية القرب من الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2018. بتصرّف.
  6. ↑ يحيى الزهراني، "كيف تفوز بمحبة الله عز وجل"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2018. بتصرّف.
  7. ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
  8. ↑ سورة آل عمران، آية: 76.
  9. ↑ سورة آل عمران، آية: 146.